14-فبراير-2018

كاسبر كلينغ، السفير التكنولوجي للدنمارك في وادي السيليكون (ستاين جاكوبسن/ رويترز)

القيمة السوقية لشركة فيسبوك وحدها أكبر من الناتج المحلي الإجمالي للدنمارك عام 2016، هذا ما حفز كوبنهاغن لاتخاذ خطوة غير تقليدية ولافتة، وهي إرسال "سفير تكنولوجي" إلى وادي السيليكون في كاليفورنيا وهي تتوقع أن تتبعها دول أخرى. فيما تتمثل مهمة هذا السفير وماذا يقول عن تجربته، نتعرف على ذلك في هذا المقال، المترجم عن "بوليتيكو".


إذا كانت قيمة شركات التكنولوجيا العملاقة في وادي السيليكون تتخطى الناتج القومي لبعض البلدان، فربما قد حان الوقت لكي ترسل حكومات هذه البلدان سفراءها إلى هناك. فكرت الدنمارك في هذا الأمر وهي الدولة التي يُعد ناتجها المحلي الإجمالي لعام 2016، أقل من القيمة السوقية لشركة فيسبوك. وفي شهر آب/أغسطس عام 2017، أرسلت الدولة، الواقعة في شمال أوروبا، الدبلوماسي المحنك كاسبر كلينغ، والذي يُعد أول "سفير تكنولوجي" في العالم، أو "تكبلوماسي" إن صح التعبير، للإقامة في ولاية كاليفورنيا مع عائلته.  

كاسبر كلينغ، السفير التكنولوجي للدنمارك: "لا أعتقد أن منصبي سيظل أمرًا فريدًا لوقت طويل، في ظل نمو شركات التكنولوجيا وأعتقد أن بلدانًا أخرى ستتبعنا"

قال أندرس صامويلسون، وزير الخارجية الدنماركي، خلال إعلانه عن المنصب في مؤتمر صحفي عُقد في شهر كانون الثاني/ يناير عام 2017: إن "شركات مثل جوجل، وآي بي إم، وآبل، ومايكروسوفت تكبر  يوميًا، لدرجة أن قوتهم الاقتصادية وتأثيرهم على نمط حياتنا اليومية قد تجاوز كثيرًا من البلدان التي لدينا تمثيل دبلوماسي تقليدي فيها".

اقرأ/ي أيضًا: نصائح مؤسس لينكد إن في إدارة الوقت والأعمال

وقد قدم كاسبر كلينغ، الذي شغل في السابق منصب سفير بلاده إلى قبرص وإندونيسيا، فضلًا عن مهامه في إدارات مراقبة السياسات الخاصة بأفريقيا وأفغانستان، سيرة ذاتية غريبة لشغل منصب المبعوث الدبلوماسي لدى كبرى شركات التكنولوجيا في العالم.

زار كاسبر كلينغ وادي السيليكون مرة واحدة فقط، ولم يعمل من قبل لصالح أي شركة تكنولوجية على الإطلاق، وليس لديه خبرة في مجال البرمجة أو تصميم التطبيقات. ويقول كاسبر كلينغ إنه يسعى لممارسة ما يسميه "التكبلوماسية". وفي الوقت الذي تضع فيه دول ومؤسسات أوروبية أخرى نصب عينها شركات التكنولوجيا الرئيسية في الولايات المتحدة الأمريكية، فسوف يؤدي كلينغ عمله الدبلوماسي التقليدي بصفته سفيرًا في عالم هذه الشركات، والذي سيتضمن توثيق العلاقات، والتواصل مع المؤسسات، غير أن جهوده ستركز فقط على شركات التكنولوجيا بدلًا من الدول الأجنبية.

وصرحت وزارة الخارجية الدنماركية أنه تم اختيار كاسبر كلينغ في شهر أيار/مايو عام 2017 من بين قرابة 55 شخصًا تقدم لشغل هذا المنصب، استنادًا إلى "مشاركته الفعالة والمُكثفة في الأجندة التكنولوجية وبرامج الرقمنة"، بالإضافة إلى خبرته السابقة في العمل الدبلوماسي أيضًا.

تُعد الدنمارك إحدى الدول الأوروبية الرائدة في مجال التكنولوجيا. فقد احتلت الدولة المركز الأول في مؤشر لجنة الاقتصاد الرقمي والمجتمع لعام 2017، ويرى كاسبر كلينغ أن منصبه الجديد يُعد نتيجة طبيعية لاهتمام الدنمارك والاتحاد الأوروبي بالتقنيات الرقمية. وعلى الرغم من أن الدنمارك قد لا تمتلك نجاحات كثيرة في مجال التكنولوجيا مثل جارتها الشمالية السويد، ولكنها تمتلك تأثيرًا كبيرًا في العالم الرقمي. إذ أُسست شركة زيندسك الكُبرى في العاصمة كوبنهاغن، كما أنه من المقرر أن تفتتح شركة آبل مركزًا للبيانات يعمل بالطاقة المتجددة بقيمة 921 مليون دولار في الدنمارك بحلول عام 2019.

وتُعد أول مهام كاسبر كلينغ الرئيسية الأولى كسفير تكنولوجي، زيارة مؤسسات الاتحاد الأوروبي في بروكسل للاستقصاء عن بعض البيانات، وبحث مجالات للتعاون مع الدول الأخرى. كما قال كاسبر كلينغ إنه تواصل مع مكتب مواطنته الدنماركية، مارغريت فيستاغر، مفوضة الشؤون التنافسية في الاتحاد الأوروبي، التي أثارت الكثير من الجدل في الأخبار التكنولوجية عن الاتحاد الأوروبي.

ولتوخّي الدقة، فإنه قد لا يكون منصب كاسبر كلينغ جديدًا تمامًا. فقد شغلت بريا غوها منصب القنصل العام للمملكة المتحدة في سان فرانسيسكو لمدة خمس سنوات، وفقًا لمجلة فوربس، والتي عملت على إقناع شركات التكنولوجيا الناشئة بالتوسع في بريطانيا. كما أن لأيرلندا حضورًا في شمال كاليفورنيا، إذ يركز مكتبها على كل من التكنولوجيا، إلى جانب قطاعات أخرى، مثل الأدوية الحيوية والخدمات المالية.

إلا أن قرار الدنمارك بإنشاء منصب دبلوماسي رسمي قد لفت انتباه الناس في جميع أنحاء العالم. فقد انهالت الطلبات من وسائل الإعلام على كاسبر كلينغ من أجل إجراء المقابلات، وقد تحدث بالفعل لشركات رئيسية مثل جوجل وآي بي إم. وقال "ليس أمرًا عاديًا عندما تُعين في منصب جديد كسفير تكنولوجي للدنمارك، فيمتلئ صندوق بريدك الوارد برسائل من قبل أشخاص يريدون التواصل معك".

اقرأ/ي أيضًا: 8 أفلام ملهمة لرواد الأعمال

يقيم كاسبر كلينغ في مدينة بالو ألتو، بكاليفورنيا، إلا أن منصبه سيشمل نطاق عمل عالمي. فبالإضافة إلى وجود فريق عمل في وادي السيليكون، تسعى سفارة التكنولوجيا إلى تعيين فرق عمل أخرى في كوبنهاغن، وفي بلد آسيوي لم يُحدد بعد، ولكن من المحتمل أن يكون الصين. يتمحور هدفه الأساسي حول إنشاء شبكة من شركات التكنولوجيا، والجامعات، والمنظمات المتعددة. وبمجرد انتهائه من ذلك، سوف يعمل على أهداف أكثر تحديدًا.

بالإضافة إلى فريق عمل في وادي السيليكون، تعتزم السفارة التكنولوجية للدنمارك وضع فرق مختصة في كوبنهاغن ودول آسيوية غير محددة، والأرجح أن تكون الصين

قال كاسبر كلينغ: "يجب أن نبرهن في المستقبل خلال عام أو عام ونصف أننا حصلنا على بعض النتائج الملموسة". وأضاف: "أعتقد أننا سنُقيَّم بشكل أصعب ربما من السفارات التقليدية الأخرى في الخارج، وذلك ببساطة بسبب الاهتمام الزائد، وبسبب أننا نخوض تجربة جديدة من نوعها".

يأمل كاسبر كلينغ من خلال عمله في مجال التكنولوجيا أن يساعد الدنمارك في اتخاذ خطوات واسعة في المجالات السياسية الأخرى. إذ تشارك الشركات التكنولوجية الكبرى باستمرار في النقاشات الدولية، وقد انتقدت بعض الشركات الكبرى قرار انسحاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من اتفاقية باريس للمناخ، كما أن القادة الدوليون يمارسون ضغوطًا على شبكات التواصل الاجتماعي لكبح الأنشطة الإرهابية على الإنترنت. وقال كلينغ إنه سوف يحاول استخدام موقعه لمناقشة التغير المناخي، ومكافحة الإرهاب، وغيرها من القضايا السياسية الدولية الأخرى.

ووصف كاسبر كلينغ منصبه الجديد بأنه "وظيفة الأحلام". لأنه يهتم بالتكنولوجيا، كما أن حداثة المنصب تحمل شعورًا بالإثارة. وذكر أنه يشعر بالتفاؤل، كما أنه لا يعتقد أن منصبه كسفير تكنولوجي سوف يكون أمرًا فريدًا لوقت طويل، في ظل النمو الذي تشهده شركات التكنولوجيا. يقول كاسبر كلينغ "بالنظر إلى فوائد هذا المنصب، ربما لن أكون الأخير".

 

اقرأ/ي أيضًا:

عمالقة شركات التكنولوجيا في العالم تتجند ضد قرار إلغاء قواعد حيادية الإنترنت

كيف تفوقت البيانات على النفط كأهم مورد في عالم اليوم؟