25-مارس-2018

كارل أوفه كناوسغارد

كارل أوفه كاونسغارد هو كاتب نرويجي، مؤلف " كفاحي"، وهي السيرة الذاتية التي انتشرت على المستوى العالمي (الجزء السادس والأخير سيتم ترجمته إلى الإنجليزية حاليًا وسيصدر في أيلول/سبتمبر المقبل). تمت مقارنته ببروست في رائعته "البحث عن الزمن المفقود"، كما أنه أيضًا مؤلف "المواسم الأربعة"، جزئي "الخريف" و"الشتاء"، وهما بمثابة رسم توضيحي للعالم المادي، في أصلها كتبت لابنته التي لم تولد بعد، أما "الربيع" وهو الجزء الذي صدر منذ فترة فيصور الأيام الإبريلية الأولى للطفلة المولودة حديثًا. 

الحوار الآتي، الذي ننقله مترجمًا عن "الغارديان"، أجراه معه الصحافي  أندرو أنتوني.


  • في آخر مرة تحدثت فيها منذ ثلاث سنين، صرحت بأنك تجد أسلوبك بالكتابة مملًا، هل كانت مجموعة "المواسم الأربعة" متحررة من ذلك الإسلوب؟

رغبت بالقيام بشيء مختلف عن "كفاحي"، أن أكون أكثر حيادية وموضوعية، أردت لتلك الكتب أن تكون عن العالم الخارجي. في السلسلة الجديدة لا يكاد يكون هنالك اقتراب من "علم النفس"، أو الاضطرابات النفسية الداخلية للشخصيات، أردتها أن تكون أكثر بهجة، أن تبتعد عن كل شيء أتيته فيما سبق.

كارل أوفه كناوسغارد: أظن أن القراء سيحترمون خصوصيتي، لكنني لا أغضب حينما أُسأل أسئلة شخصية

  • لقد احتوت بالفعل على وصف مذهل للأحداث والعديد من المقاطع البديعة، لكنك قلت من قبل أنك لست مهتمًا بكتابة جمل لطيفة، فماذا قصدت بذلك؟

أريد أن أطأ مشاعر القارئ، أن أنشئ وجودًا يرتبط به، لذا فالجماليات ربما تكون عامل تشويش، لست ضد الجماليات، لكنها ليست هدفًا بالنسبة لي.

اقرأ/ي أيضًا: فيليب روث: حين أكتب فثمّة أنا، وحدي

  • في "الربيع"، تحدثت عن الضغوط التي واجهتك بزواجك الأول وكيف كانت كآبة "ليندا" وعدم اهتمامها بنفسها سببًا من أسباب استيائك من تلك الفترة، العديد من الكتاب يخشون من كونهم قساة، هل اهتممت بذلك؟

أردت أن أعبر عن كيف تكون الكآبة ثقيلة على المحيطين، تؤثر على الأفكار، المشاعر، كل شيء. يجب أن نعلم أنه لا توجد مشاعر مثالية، ولكن هذا يحدث حينما تواجه موقف أو حالة معينة، يجب علينا أن ننفتح فيما يتعلق بتلك الأشياء، أن لا نشعر بالعار أو الخجل، هي بالطبع قرأت الكتاب، وقالت إنه لا بأس به، وهي من الأساس قامت من قبل بإعداد فيلم وثائقي إذاعي عن "ثنائيي القطب"، وهذا شيء رائع.

  • شخصيات روايتك حقيقيون، كيف تضع لافتة لتبعد الناس عن حياتك الشخصية وأنت في نفس الوقت تدعو كل قرائك لدخول عالمك الخاص؟

أظن أن القراء سيحترمون خصوصيتي، لكنني لا أغضب حينما أُسأل أسئلة شخصية لأنني أعلم لماذا! بالنسبة لي هنالك العديد من الروايات، وحياتي مختلفة للغاية، لدي المزيد مما لم يقل بالكتب، لقد فتحت ملفًا خاصًا وعليّ أن أتحمل تبعات ذلك.

  • فيليب روث يقتبس دائمًا مقولة تشزلو ميلوز: "حينما يولد الكاتب في عائلة فإن العائلة تنتهي تمامًا"، هل تظن أن ذلك حقيقي؟

نعم أوافق على ذلك، وبالمناسبة فذلك ينطبق على كل أنواع الكتابة الأدبية لا السيرة الذاتية فقط، وجود كاتب في العائلة هي لعنة، أنا أشعر بالذنب حينما أكتب أو لا أشعر، الأمر يتعلق بأطفالي، لدي مسؤولية تجاه حمايتهم، وهي تكبر الآن مع مضي السنين، هم الآن أكبر من عمرهم حين كتبت "كفاحي". آخر شيء أود فعله هو استغلالهم، لكن هذا الكتاب هو هدية لابنتي. ربما ستقدر ذلك في الأربعين، أنا لم أفهم والدي حتى وصلت إلى ذلك السن.

  • أزمة كونك شخصًا جيدًا، هو موضوع متكرر بأعمالك، هل هذا شيء متزايد ومعقد تتعرض له من خلال الكتابة عن حياتك؟

منذ أن كنت طفلًا، كان هذا سؤالًا هامًا بالنسبة لي. دائمًا ما ظننت أنني شخص جيد، والأمر الصادم أنه حينما كبرت اكتشفت من تعاملي مع أطوار مختلفة من الشخصيات أنني شخص قاس، مهمل، لا أملك إحساس العطف.

هذه ليست مزحة بل حقيقة، أكتب كنوع من أنواع الهرب من كل شيء، هنالك أصبح حرًّا، وهذا قاس ومدمر. قديمًا كنت أسأل هل يمكنني أن أكون شخصًا جيدًا وكاتبًا؟ واليوم أنا أتساءل هل يمكنني أن أكون شخصًا صالحًا وفي الوقت نفسه كاتبًا جيدًا، أظن أن الأهم لي اليوم أن أكون صالحًا.

  • تكتب عن "خداع النفس" كأكثر الصفات الطاغية على الصفات البشرية الأخرى، هل تكتب عنها كمحاولة لمقاومة تلك الصفة، أو أن الكتابة هي أسلوب آخر لممارسة تلك الصفة؟

من منظور خبرتي، فأنت حينما تكتب تريد الحقيقة، لا تريد أن تكون تبريريًا بأي طريقة، لكن شيء ما بالكتابة، ربما تعقيداتها، تجعلك تعمل في عكس ذلك الاتجاه. مؤخرًا كتب شخص عني كتابًا لم يتم نشره بعد، لقد قرأته، ولم أقبل بتلك النسخة مني، لكنها حقيقتي بالنسبة لكاتبها، يصعب علي إدراك أن تلك كانت طريقة ما لرؤيتي، لكنني تعلمت الكثير من ذلك الكتاب أكثر مما تعلمته من الكتابة عن نفسي، لم يكن هذا مريحًا.

  • أين تعيش الآن؟

أعيش نصف وقتي في لندن، ونصفه الآخر بالسويد، الأسبوع الذي أكون فيه مع أولادي أمكث بالسويد، أما في لندن فأنا مع حب عمري دائمًا، فهي الشريك المثالي.

  • ما هو آخر كتاب ممتاز قررت قرأته؟

أقرأ الآن كتاب "رجل بلا صفات" لروبرت موزيل لأول مرة، بدأت فيه منذ عشرين دقيقة، لم أستغرق فيه، لكنه حقًا عمل أدبي مميز. أنا أستمتع بكل جملة، وهذا مؤخرًا لا يحدث كثيرًا.

  • من من الكتاب الحاليين تعجبك أعماله؟

بالنسبة للكتب غير الأدبية فأفضل سيفيتلانا أليكسيفيتش الحائزة على جائزة نوبل، قرأت لها كتاب "صلاة تشيرنوبل" منذ سنوات وهو مذهل. أورلاندو فيجيز وكتابه "تراجيديا الشعب" عن الثورة الروسية وهو كتاب بارز في هذا المجال (الكتب التاريخية)، أحب بيتر هايندكه للغاية، عليّ أيضًا أن أذكر سلمان رشدي بإسلوبه الأدبي المختلف ولغته المتفجرة، وهذا كان محوريًا لي في العشرين، أحب رواية "آيات شيطانية". أيضا إيان ماكويان، لا زلت أقرأه بشغف أكبر، بالنسبة لي كان كالنعمة التي وقعت علي من السماء، بالنسبة للكتاب الراهنين فأنا أفضل ماجي نلسون فكتابها "المغامرون" حقًا ممتع.

كارل أوفه كناوسغارد: أظن أن هنالك كاتبًا أو اثنين هم المميزون خلال العشر سنين الماضية، وأنا أيضًا لا أثق بمراجعات الكتب

  • ما هو الكتاب الذي ترشحه للشباب؟

سأعطيه سلسلة كتب أورسولا لا جوين "أرض البحار"، خاصة أول كتاب، أهدتني إياه أمي في العاشرة أو الحادية عشرة وقد كان نقطة تحول، قرأته عدة مرات.

اقرأ/ي أيضًا: حوار عن الجنس والموت والكتابة مع تشاك بولانيك مؤلف "Fight Club"

  • ما هي أكثر الكتب التي تشعر بأنها تنال أكثر من قيمتها الحقيقية؟

أظن أن كل الأدب المعاصر مبالغ بالاحتفاء به، لا أستطيع أن أذكر أسماء، فأنا جزء من الموجة، أظن أن هنالك كاتبًا أو اثنين هم المميزون خلال العشر سنين الماضية، وأنا أيضًا لا أثق بمراجعات الكتب.

  • ما هي الكتب التي تخطط لقراءتها في الفترة القادمة؟

"الدون الهادئ" لميخائيل شولوخوف، كما أن لدي فضول لقراءة "حصان يخطو إلى البار" لـ ديفيد غروسمان، أيضا إيمانويل كاريرا له رواية تسمى "المملكة"، قرأت منها أربعين صفحة وأظن أنها ممتازة.

 

اقرأ/ي أيضًا:

نيرودا وماركيز.. قصة دردشة معلنة

حديث مع جيمس أطلس حول فن كتابة السير الذاتية