25-نوفمبر-2016

صورة لكورنيش الإسكندرية في منتصف التسعينيات (Getty)

جريمة على كورنيش الإسكندرية.. لكن لا أحد يجرؤ على الكلام. من أين نبدأ؟

حين هُدِم مسرح "السلام" الأثري في منطقة سيدي جابر بالإسكندرية، كان من الواضح أنّ المنطقة، بالكامل، ستتعرَّض للاغتيال. بالأمر المباشر أيضًا، هُدِم مطعما "ابن البلد"، و"ابن حميدو"، التراثيان، حيث كان يجلس توفيق الحكيم ونجيب محفوظ، خلال زياراتهما للإسكندرية.

بتر مشروع "سي سكوير" جزءًا واسعًا من تراث الإسكندرية وأدى إلى حالة شلل مروري في جميع أوقات اليوم 

الأمر الثالث، المباشر أيضًا، كان هدم نفق مشاة "سيدي جابر"، واستبداله بإشارة مرور. والأمر الرابع، أن تتوقَّف حياة كورنيش البحر صباحًا، لا مرور، ولا سيارات، حيث صدر قرار بإغلاق طريق الكورنيش من الساعة السابعة صباحًا، وحتى الساعة التاسعة والنصف (وقت الذروة بسبب توجّه الطلاب إلى الجامعات، والموظفين إلى أعمالهم)، لأجل مشروع  تطوير منطقة سيدي جابر.

اقرأ/ي أيضًا: الإسكندرية "مدينة الرب".. في سوق نخاسة رأس المال

ما تفاصيل المشروع؟

زيارة إلى صفحة فيسبوك فندق "توليب"، التابع للقوات المسلحة المصرية، ضمن مشروعاته الآخذة في التوسع مؤخرًا، تكشف كل شيء.

أعلن الفندق عن مشروعه الجديد في سيدي جابر بإنشاء "أول مجمع سياحي ترفيهي متكامل لأفراد الأسرة"، وفق وصفه، ويضم "مرسى يخوت، وصالة للتزحلق على الجليد، وصالة بولينج، وباخرة سياحية ثابتة، ومارينا للرحلات البحرية، وملاهي مائية".

كشف إعلان "توليب" عن مشروعه، المسمّى "سي سكوير"، الذي بتر جزءًا واسعًا من تراث الإسكندرية، وأدى إلى حالة "شلل مروري" في جميع أوقات اليوم، عن "بيزنس" ضخم وراء إنشاء المدينة الترفيهية، حيث أن كلَّ "تصاريح" الهدم والبناء صدرت فورًا، وبالأمر المباشر، ودون أقل قدر من الضجيج.

وهو ما واجهه نشطاء "فيسبوك" من الإسكندرية بموجة من الاعتراض، والهجوم على المشروع الذي يعرّض مدينتهم للتجريف الكامل، وصناعة "جيتو" للأغنياء، خاصة أنه لا دراسة للمشروع، ولا مركز فني (مصري أو أجنبي) أدلى برأيه حوله، ولا تمّ عرضه على مجلس النواب للموافقة أو الرفض.

يرى نشطاء من الإسكندرية أن مشروع الفندق السياحي الجديد لن يدرّ دخلًا إلَّا على ملاكه بينما سيتضرر منه الجميع

اقرأ/ي أيضًا: الإسكندرية.. استراحة المحارب والعاشق

ويرى النشطاء أن مشروع الفندق السياحي الجديد لن يدرّ دخلًا إلَّا على ملَّاكه، إنما سيتضرر منه الجميع، خاصة وأن نسبة التعبئة القصوى في فنادق الإسكندرية بعد الثورة لا تزيد عن 40%، واعتمادها على طبقة متوسطة تذهب للسياحة الداخلية إلى الإسكندرية، وليس على طبقة عليا أو "سياحة أجنبية".

صورة للأشغال في كورنيش الإسكندرية (مواقع التواصل الاجتماعي)

وهو ما دفعهم إلى إطلاق حملة #أنقذوا_الكورنيش_بالإسكندرية، وقد سجّلت عدّة شهادات من المتضرِّرين حول ما تنوي "جهة" لم يصرِّحوا باسمها فعله بالكورنيش، وسكّانه، وبأهالي الإسكندرية، الذين يعانون منذ شهور من هدم منازلهم، وحجب رؤية البحر عنهم، وشللًا مروريًا كاملًا، حتى أن "المشوار الذي يستهلك ربع ساعة من وقتك، أصبح يأخذ ساعتين"، وفقًا لقول أحدهم.

وكشفت الحملة عن نية إدارة فندق "توليب" - بموافقة حكومية – إنشاء "جراج سيارات" من ثلاثة طوابق تحت الأرض، ومن أجله تمّ إغلاق "نفق مشاة" أدّى إلى تزايد حوادث الطرق مؤخرًا، وخطة "سرية" أخرى لتضييق رصيف المشاة، الذي يعد ملجأ ترفيهيًا للإسكندرانية في أيام الصيف، من أربعة أمتار ونصف إلى متر ونصف، وذلك في أهم وأطول شارع بالمدينة الساحلية.

وحذَّرت صفحة "أنقذوا كورنيش الإسكندرية" من أخطاء هندسية بالمشروع ستؤدي إلى "تضييق الطريق" وحالة شلل مروري "غير مسبوقة"، خاصة أنه، وفقًا للصفحة، "تمت إحاطة المشروع بسرية غير مبررة رغم أنه يمس الحياة اليومية للمواطن الإسكندراني، سواء أثناء التنفيذ أو لاحقًا، كما تم تجاهل مناقشة الكثير من المتخصصين بأربعة كليات للعمارة بالمدينة والاكتفاء بآراء فردية وهو ما لا يتناسب مع أهمية وحساسية المشروع على مستوى المدينة، للوصول لحل يحقق مصالح الطرفين (المشروع الفردي من جهة والمدينة وسكانها من جهة أخرى)".

اقرأ/ي أيضًا: 

مصر.. "شاطئ النخيل": الموت في انتظارك

قبل خراب الإسكندرية