18-أغسطس-2017

فاطمة لوتاه/ تركيا

إذًا لَم نَلْتَقِ عِنْدَ مَدْخَل مَحَطَّة، وقَدْ فاتَك قِطارُك بِخَمْسِ ساعاتٍ مِثْلَ كُلِّ مَعْشوقَةٍ، وأنا فُتُّ قِطاري بِخَمْسِ ساعاتٍ مِثْلَ كُلِّ عاشِقٍ.

 

إذًا لَمْ نَصْطَدِمْ تَحْتَ ساعَةِ المَحَطَّة، قَبْلَ أن أَعْتَذِرَ لَكِ، وأَنْحَني مِثْلَ طالِبٍ هِنْدِيٍّ لألْتَقِطَ الشَّيء الأحْمَرَ الصَّغيرَ الذي سَقَطَ مِن حَقيبَتِكِ اليَدَوِيَّة، الشَّيءَ الأحْمَرَ الصَّغيرَ الذي يُشْبِهُ الدَّمْعَةَ المُتَحَجِّرَةَ في أعماقي:

هذا خَاتَمُكِ سَيِّدَتي،-

قَدْ يَكون أَهْداهُ لكِ رَجُلٌ رَحَلَ مُنْذُ خَمْسِ ساعاتٍ،

وأَنْتِ الآنَ تَشْعُرينَ بِالذَّنْبِ وتُعاقِبينَني بِهذه النَّظْرَةِ القاسِيَة.

 

إذًا لَمْ أَتَعَلَّمْ لأجْلِكِ ''التَّايْ كوانْ دو"، لأُعاقِبَ المُنْحَرِفين الذين تَقاذَفوا مَلابِسَكِ الدَّاخِلِيَّة في طَريقِ ضَياعِكِ عَنِّي.

 

إذًا لَمْ أُرافِقكِ آخِرَ اللَّيْلِ في حَيٍّ قَصْديرِيٍّ، تَحْتَ المَطَرِ وعَلى مَعْزوفَةِ ''هُدوء نِسْبي'' لزياد الرَّحباني، لِنَقْضي لَيْلَتَنا في كُوخٍ أخضر عِنْدَ أَطْرافِ غَابَةٍ حَمْراء، بَعْدَ أَنْ أَطْرَدَتْنا كُلُّ فَنادِقِ العالَم.

 

إذًا لَمْ نُفَكِّرْ في مَزْجِ ساعاتي الخَمْسِ بساعاتِكِ الخَمْسِ..

بَعْدَ أَنْ تَعَطَّلَتْ كُلُّ القِطاراتِ لأَجْلِ أَنْ تَكونَ بَيْنَنا قِصَّةٌ تَدومُ عَشْرَ ساعاتٍ في لَيْلَةٍ مُمْطِرَةٍ سَنُقَضِّيها داخِلَ كوخٍ أَعْزَلَ في غابة عَزْلاء، فَتَنامينَ أَنْتِ عَلى السَّريرِ الوَحيدِ الذي أَعَدَّهُ لأَجْلِنا عَجوزٌ مَخْبولٌ، وأنامُ أنا في حَظيرَةِ البَطِّ بَيْنَ أَكْياسِ القَشِّ ونثارِ الرِّيشِ، وفي الصَّباحِ حينَ تَنْهَضينَ بِكَسَلٍ وتَفْتَحينَ شُبَّاكَكِ تَبْتَسِمينَ لِجُلوسي وَحيدًا قُبالَةَ قُرْصِ الشَّمْسِ الطَّالِعِ من بُحَيْرَةِ البَجَع.

 

إذًا لَمْ تُطَوِّقيني بِذِراعَيْكِ ساعَةَ فراقِنا، وتَقْتَلِعَي تِلْكَ الدَّمْعَةُ المُتَحَجِّرَة الحَمْراء في أعْماقي وتُلْقيها في البُحَيْرَةِ هامِسَةً:

هذا لا يَليقُ بِقَلْبِ وَحْشٍ نَبيلٍ مِثْلِك.-

إذًا كُلُّ هذا كان فِيلمًا، أُشاهِدُهُ في غِيابِكِ، وأَصْنَعُ مِنْ دُموعي المُتَحَجِّرَةِ الحَمْراءِ خَواتِم:

كُلُّ امْرَأةٍ فاتَها قِطارُها في هَذا العالَمِ، سَأُهْديها خَاتَمًا، وأُرافِقَها عَشْرَ ساعاتٍ خارِجَ الوَقْتِ.

 

اقرأ/ي أيضًا:

واضعًا عينيّ في جيب الجينز الخلفي

وحيدًا إلا من ظلها فوق الستائر