04-يناير-2023
gettyimages

(Getty) جبهة الخلاص اعتبرت الاستدعاءات مسرحية قضائية

يتداخل الملف السياسي والقضائي في تونس، من جديد، حيث تتزايد المخاوف في لدى المعارضة التونسية، من استخدام قيس سعيّد للسلطات القضائية بشكلٍ ممنهج لاستهدافها. وهو الأمر الذي ندد به زعيم "جبهة الخلاص الوطني" أحمد نجيب الشابي، إثر استدعائه للتحقيق في القضية المرفوعة عليه من طرف رئيسة "الحزب الدستوري الحر" عبير موسى، واصفًا ذلك بنوايا نظام قيس سعيد لتوظيف القضية في الصراع السياسي.

يتداخل الملف السياسي والقضائي في تونس، من جديد، حيث تتزايد المخاوف في لدى المعارضة التونسية، من استخدام قيس سعيّد للسلطات القضائية بشكلٍ ممنهج لاستهدافها

ولا يقتصر الأمر على الشابي لوحده، بل يتعداه إلى قادة آخرين في الجبهة، حيث تم استدعاء كل من رضا بالحاج وشيماء عيسى وجوهر بن مبارك. وفي تفاعل مع ذلك، حذّر الائتلاف السياسي المعارض بأن هناك توجهًا لتوظيف هذه القضية ضد قياداتها، مستغربةً سرعة استدعائهم للتحقيق، من دون تبيان مضمون الشكوى ومدى جديتها.   

وفي وقت سابق، نشر القيادي في الجبهة، المحامي رضا بالحاج، خبر استدعائه عبر صفحته على موقع فيسبوك، قائلًا: "أعلمني رئيس فرع المحامين بإحالتي وأحمد نجيب الشابي إلى التحقيق"، دون أن يقدم تفاصيل عن التهم الموجهة إليهما.

وخلال مؤتمر صحافي، عقدته الجبهة ردًا على تلك الاستدعاءات، اعتبر أحمد نجيب الشابي أن ما يجري هو لعبة تستهدفه، قائلاً: "هذه مسرحية قضائية لن نكون طرفًا فيها، ونقول للسلطة السياسية التي وظفت هذه الشكاية إن لعبتك مكشوفة ولن تنطلي على أحد"، مؤكدًا بأنه لن يستجيب إلى" أي استدعاء ممن سيتعهد بهذه القضية، لأنها لا أساس لها من الواقع والقانون، ولأن استجابتي تعني أنني جزء من هذه التمثيلية سيئة الإخراج".

وتابع القيادي التونسي المعارض، أنه في حال اعتقاله بالقوة لن يجيب على أي سؤال حتى يصدر الحكم بحقه، لافتًا إلى أن "الشكاية تتهمهم بإيواء الإرهاب وتمويله، والاحتفاظ بجمعية غير مرخص لها"، معتبرًا أن "وكيل الجمهورية لم يكلف نفسه عناء التثبت من وجاهة هذه الاتهامات على مستوى أساسها من الناحية القانونية، ومررها للتحقيق"، وهو ما يوجب الطعن في "حياد القاضي وكيل الجمهورية بتونس".

getty

وأوضح الشابي أن "السلطات التونسية تتهيأ للانقضاض على المعارضين من الصف الأول عبر مسرحية سيئة"، مشيرًا إلى أن "أي مخالف للرأي في تونس أصبح مكانه السجن، وأن الشعب يقاد بالعشرات أمام القضاء". محملًا المسؤولية للقضاة، متابعًا: "[القضاة] دورهم إقامة العدل لا أن يكونوا موظفين عند رئيس الدولة، كما يريد هو ذلك، وكما جاء في دستوره"، محذراً إياهم أنهم "لن يفلتوا من العقاب".

ودعا رئيس "جبهة الخلاص الوطني" التونسية إلى مظاهرة بشارع الحبيب بورقيبة يوم 14 كانون الثاني/ يناير الجاري لإحياء ذكرى الثورة والدفاع عن الحق في التعبير، وتكريمًا لروح رضا بوزيان "الذي استشهد منذ عام دفاعًا عن حرية التظاهر والتجمهر بشارع الحبيب بورقيبة". وشدد على أن "الشعب سيدافع حتى آخر رمق عن حرية الرأي والتعبير وحرية التظاهر"، محملًا السلطات الأمنية "واجب احترام حق الجميع في التظاهر، والحيلولة دون الاحتكاك مع المتظاهرين".

وفي ذات السياق، تمت إحالة الناشط الحقوقي ورئيس "الهيئة الوطنية للدفاع عن الحريات والديمقراطية" العياشي الهمامي، إلى التحقيق، بسبب تصريحات صحفية انتقد فيها قيس سعيّد، بتهمة "بث شائعات وارتكاب فعل موحش ضد الرئيس"، وذلك بناءً على طلب من وزيرة العدل.

وأصدرت 38 منظمة وجمعية من المجتمع المدني التونسي، بيانًا عبرت فيه عن "تضامنها المطلق" مع الهمامي، بعد التحقيق معه في تهم "تم تلفيقها على خلفية مواقفه من المسار السياسي الحالي (...) واستنادًا للمرسوم سيء الذكر الخاص بمكافحة الجرائم المتصلة بأنظمة المعلومات والاتصال"، وأشار البيان إلى أن "العياشي الهمامي قد يواجه عقوبة السجن لعشر سنوات بموجب الفصل 24 من هذا القانون".

وكان الهمامي قد اتهم السلطات الأسبوع الماضي بتلفيق قضايا إرهاب للقضاة الذين عزلهم سعيّد العام الماضي. وأصدرت "جمعية القضاة التونسيين" بياناً عبرت فيها عن إدانتها لقرار استدعاء العياشي الهمامي للتحقيق بموجب المرسوم رقم 54، معلنةً دعمها للناشط الحقوقي ولكل من سيتم استدعاؤه ومتابعته في ظل ذلك المرسوم "غير الدستوري والذي يمس من الحريات في تونس".

ولم يخفي الرئيس التونسي مساعيه لتتبع معارضيه عبر القضاء في أكثر من خطاب له، آخرها كان خلال اجتماع مع رئيسة الحكومة نجلاء بودن، إذ قال: "لا أحد فوق القانون، وإن أجهزة الدولة لن تبقى مكتوفة الأيدي أمام المفسدين، وأمام كل من يحاول المساس بها".

لم يخفي الرئيس التونسي مساعيه لتتبع معارضيه عبر القضاء في أكثر من خطاب له

ويرى متابعون للشأن التونسي، بأن السعي لاستغلال القضاء لتعميق من الخلافات بين صفوف المعارضة هي استراتيجية قيس سعيّد الجديدة في مواجهة معارضيه. فيما يقول معارضون بأن السبب وراء الاستدعاءات القضائية هو محاولة التغطية على الفشل السياسي الذي يلاحق الرئيس التونسي، خاصة بعد نسبة المشاركة الضعيفة في الانتخابات التشريعية الأخيرة.