12-أكتوبر-2016

الفخراني خلال العرض

لم يعترض الفنان يحيى الفخراني حين دخل ديفيد جوبرين، السفير الإسرائيلي في القاهرة، إلى "المسرح القومي" لحضور عرض "ليلة من ألف ليلة" بصحبة أربعة من الحرس الخاص كـ"زبائن" دون إبلاغ أي جهة رسمية بحضوره. تعرَّف عليه أمن المسرح، والإدارة، حاول بعضهم وقف العرض، خاصة أن حضوره يصادف ذكرى "حرب أكتوبر"، لكن الضغوط كانت أشدّ.

لم يعترض يحيى الفخراني حين دخل السفير الإسرائيلي لحضور عرض "ليلة من ألف ليلة"

وزير الثقافة، حلمي النمنم، الذي تمّ إبلاغه بعد دقائق من زيارة "جوبرين"، أمر بعدم استقبال السفير في القاعة المخصصة لكبار الزوار والشخصيات العامة والسفراء والوزراء، وعدم التعامل معه بأي صيغة رسمية، وتجاهل وجوده: "عاملوه كزبون عادي جدًا". خاف "النمنم" من أي إجراء ربما يحسب في كفة "التطبيع"، أو يدخل من باب السير عكس اتجاه الدولة في "السلام الدافئ" مع "تل أبيب".

اقرأ/ي أيضًا: "ولاد المرة".. آخر تجليات شهوة الشهرة في الكتب

لا تعامل رسمي مع "الضيف الثقيل" حتى أنه حاسب عمال الكافيتريا على المشاريب التي طلبها، وأدّى "الفخراني" العرض "من أجل الجمهور الكبير"، متجاهلًا وجود السفير الإسرائيلي، إلا أنه لاقى هجومًا ساخنًا في القاهرة واتهامًا بـ"الصهينة" دفعه إلى عدم الردّ أو إصدار بيان لتوضيح ما جرى.

بالنسبة لـ"الفخراني"، مرَّ كل شيء كأن لم يحدث أي شيء، بينما كان الردّ جاهزًا لدى يوسف إسماعيل، مدير "القومي"، الذي صعد خشبة المسرح وألقى كلمة عن اعتزاز مصر بانتصارها على الكيان الصهيوني، وشكر الجيش المصري، وسط تهليل الجمهور، ما أغضب السفير الإسرائيلي ودفعه للانسحاب بصحبة حرسه الخاص.

أعاد الحادث إلى الذاكرة قيام الفنان المصري محمد صبحي، بطرد وفد من السفارة الإسرائيلية حضر إحدى مسرحياته من صالة المسرح، والامتناع عن تقديم العرض في وجودهم، إلا أنّ الموقف الآن كان مختلفًا. "صهينة" مسرحية يحيى الفخراني مجرّد معبر إلى السفير الإسرائيلي. 

اسمه ديفيد جوبرين، 53 عامًا، يجيد العربية، لأنه قبل أن يتولى منصبه الحالي في القاهرة كان سكرتيرًا أول في السفارة في مصر مطلعَ التسعينيات. كسر تعليمات الأمن أكثر من مرة بزياراته غير المعتادة في أوقات "مريبة" بلا تأمين كافٍ، ودون إبلاغ السلطات المصريّة، عكس السفير السابق، الذي كان يعاني من تضييق الأمن على تجوّله بالقاهرة، إلا أنّ "جوفرين" بعد وصوله القاهرة بعشرة أيام اصطحب رئيس الطائفة اليهودية، ماجدة هارون، في زيارة إلى عدد من المعابد اليهودية في مصر، وأبرزها "بن عزرا" بالفسطاط، و"عدلي شعاري شمايم" بوسط القاهرة، و"بيتون" بالمعادي.

يتحرك السفير الإسرئيلي ديفيد جوبرين، برفقة موظفيه، بحرية كاملة في كامل مدن مصر 

اقرأ/ي أيضًا: مصر.. فضيحة في "الكونسرفتوار"

منذ توليه منصبه، مطلع 2016، يتحرّك "جوبرين" بحرية كاملة حتى أنه زار الإسكندرية يوميْ 20 و21 أيلول/سبتمبر، برفقة موظفي السفارة الإسرائيلية، وشملت جولته كنيس النبي إلياهو في شارع "النبي دانيال"، ومكاتب الطائفة اليهودية، التي التقى رئيسها يوسف بن جانون، والتقى عددًا من الكهنة الأرثوذكس، ورجال أعمال وممثلي المجتمع المدني بالإسكندرية، لم يتمّ الكشف عن أسمائهم، ولأنها ليست جولة دينية، خطّ بقدميه مكتبة الإسكندرية، وتحديدًا متحف الرئيس الراحل، أنور السادات، صاحب نصر "أكتوبر" ومعاهدة "كامب ديفيد" مع تل أبيب، وشاهد عرضًا بانوراميًا لحياته قائلًا: "لا يعتبر بطلًا فقط في عيون المصريين، إنما في عيون شعوب المنطقة كلها بما فيها إسرائيل".

سجَّلت جولات "جوبرين" ردود أفعال واسعة بالقاهرة، أغلبها رافض لتحركاته، والبعض الآخر يرى فيها انفتاحًا غير مقبول على الجانب الإسرائيلي، خصوصًا أن آخر زيارة للسفير السابق، حاييم كورين، كانت إلى المنصورة، مقرّ إقامة مذيع "الفراعين" توفيق عكاشة، الذي تمّ التصويت على "طرده" من البرلمان عقابًا له على استضافة "السفير الصهيوني". 

اقرأ/ي أيضًا:

"نمنمة" الثقافة المصرية تبدأ بجريدة "مسرحنا"

صورة للعراق بعد قرن من الاحتلال الأمريكي