17-نوفمبر-2018

تتسع دوائر فرض الضريبة في مصر (Getty)

حتى وإن قررت التخلي التام عن منظومة العمل التقليدية المرهقة التي تقضي بركوب المواصلات العامة المكلفة اليوم، والذهاب إلى مقر عملك في مكان ما والجلوس من ست إلى سبع ساعات أمام مكتبك، وحتى إن قررت أنك لم تعد قادرًا على ممارسة هذا الروتين اليومي الصعب بطبيعة الحال بسبب ظروف بيئة العمل القاسية في مصر، وظروف المواصلات أيضًا، ثم اتجهت بكامل إرادتك إلى العمل عن طريق الإنترنت، فإنك لن تنجُ من الرقابة الحكومية وقوانينها الجديدة التي قررت أن تحاصرك في مصر، ليس فقط من أجل مراقبة عمليات البيع والشراء،  بل أيضًا من أجل زيادة الحصيلة الضريببية.

تشمل القطاعات التي تستهدف الحكومة المصرية تقنين عملها على الإنترنت، التجارة بين الشركات، وبين الشركات والزبائن، وبين الزبائن بعضهم البعض

قانون البيع الإلكتروني.. تنظيم أم حصار؟

بدعوى ضم الاقتصاد الرسمي إلى غير الرسمي، تعد وزارة المالية حاليًا مشروع قانون من أجل ما أسمته "تنظيم عمل التجارة الإلكترونية في مصر"، في سياق ما تقول الحكومة المصرية إنه سعي لتهيئة بيئة تشريعية لتشجيع الاستثمار وبناء اقتصاد رقمي.

اقرأ/ي أيضًا: كيف غيرت سياسات التقشف حياة الناس؟

تشمل القطاعات التي تستهدف الحكومة المصرية تقنين عملها، التجارة بين الشركات، وبين الشركات والزبائن، وبين الزبائن بعضهم البعض. وفي هذا الإطار، كانت الحكومة المصرية قد اتخذت بالفعل عدة إجراءات و تشريعات فيما يتعلق بالجريمة الإلكترونية وقانون حماية البيانات الإلكترونية.

في البداية، وافقت الحكومة على إضافة مادة إلى قانون الضرائب واحتساب ضريبة على الإعلانات التي تقوم بها الشركات على مواقع التواصل الاجتماعي، وتشمل "فيسبوك وجوجل"، ومن المقرر أن تنتهي وزارة المالية من إعداد دراسة خاصة بكيفية تحصيل ضرائب على إعلانات الإنترنت خلال الفترة المقبلة، بهدف "تنظيم عمل التجارة الإلكترونية".

وبالنظر إلى جحم التجارة الإلكترونية في مصر الذي يبلغ "حوالي 2 مليار دولار، وتشمل تلك المعاملات بجانب التجارة الإلكترونية، خدمات حجوزات تذاكر السفر والفنادق، فيما وصل حجم السوق غير الرسمي للتجارة الإلكترونية إلى 90%"، فإن الضرائب المنتظر تحصيلها من هذه التجارة ضخم. وهو ما يتماشى مع تصريح وزير المالية في وقت سابق عن زيادات كبيرة في تحصيل الضرائب في الخزانة العامة تصل إلى خمسة مليارات جنيه مصري خلال ستة أشهر، وهو تصريح نشرته جريدة الأهرام الرسمية تناول المهن الحرة بشكل عام، ثم ركز على الأفراد المتربحين من الإنترنت.

اقرأ/ي أيضًا: الجنسية المصرية للـ"بيع".. مقابل وديعة بنكية!

على الرغم من الدعاية المتواصلة للقانون، من حيث أنه سيحمي المستهلك من المواقع المزيفة، ولكنه سيفرض ضرورة حصول أي موقع أو صفحات التسويق الإلكتروني على تصاريح رسمية بالمنتجات التي يتم الإعلان عنها عبر صفحاتهم، خاصة المنتجات الصحية والغذائية ومستحضرات التجميل، إلا أن أحدًا لا يفهم كيف سيساعد هذا القانون في تنشيط البيع الإلكتروني خاصة لمن يعملون في مجال الحرف البسيطة، حيث إن فرض ضريبة على هذا النوع من التجارة – التي يهرب أصحابها من الروتين الحكومي -  لن يفيد الصناعة بقدر ما سيرفع الأسعار.

بالنظر إلى جحم التجارة الإلكترونية في مصر الذي يبلغ "حوالي 2 مليار دولار، فإن الضرائب المنتظر تحصيلها من هذه التجارة ضخم

الجدير بالذكر أن محمد معيط وزير المالية، كان قد كشف عن مشروع القانون خلال ندوة "السياسة المالية.. الطريق للتنمية الاقتصادية والاجتماعية"، التى عقدتها الجمعية المصرية اللبنانية لرجال الأعمال أمس. كما شارك في اللقاء قيادات الوزارة والصحافيين ورجال الأعمال، من أجل التسويق لهذا القانون وغيره من القوانين التي تتجه إلى إحداث تغييرات حاسمة في مجال التحصيل الضريبي.

 

اقرأ/ي أيضًا:

صور وفيديوهات.. الغلابة في مصر على صفيح ساخن

قدرة المصريين الشرائية.. أرقام البؤس بعيدًا عن دعاية النظام