22-فبراير-2022

قوات روسية تدخل دونيتسك ولوغانسك (Getty)

الترا صوت – فريق التحرير

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوات المسلحة في بلاده بإرسال "قوات حفظ سلام" روسية إلى منطقتي دونيتسك ولوغانسك  بشرق أوكرانيا، وذلك وفقًا لمرسوم نُشر في وقت مبكر من اليوم الموافق الثلاثاء الـ22 من شباط/ فبراير 2022. وأظهرت مشاهد فيديو عبور أرتال عسكرية روسية  الحدود باتجاه دونيتسك ولوغانسك، كما نقلت وسائل إعلام روسية أن قافلتين عسكريتين توجهتا إلى المنطقتين.

أمر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين القوات المسلحة في بلاده بإرسال "قوات حفظ سلام" روسية إلى منطقتي دونيتسك ولوغانسك  بشرق أوكرانيا

وقال الكرملين إن الرئيس الروسي طلب من وزارة الدفاع الاتفاق مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك على ما يسمح لروسيا بالدخول لضمان السلام فيهما. كما كشف الكرملين أن بوتين طلب أيضًا من وزارة الخارجية بدء التشاور مع جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك لإقامة علاقات دبلوماسية، وأن تتعهد روسيا بضمان عمل المؤسسات المالية والبنكية بموجب اتفاقها معهما، وأضاف أن التعاملات المالية ستكون بالروبل الروسي وفقًا للاتفاقية الروسية معهما.

وكشفت مصادر أن الاتفاق الروسي مع دونيتسك ولوغانسك مدته 10 سنوات قابلة للتمديد تلقائيًا. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وقع مرسومين باعتراف روسيا بدونيتسك ولوغانسك كجمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا.

جاء ذلك خلال خطاب وجهه  للشعب الروسي، واتهم خلاله الحكومة الأوكرانية بأنها لا ترغب في تسوية الأزمة سلميًا في إقليم دونباس، محذرًا إياها من تداعيات التصعيد في الإقليم، وأكد بوتين أن الأوضاع في منطقة دونباس وصلت إلى مرحلة حرجة وحادة. وأوضح الرئيس الروسي أن المنطقة سحبت من سيادة روسيا ونقلت إلى السيادة الأوكرانية، مشددًا أن أوكرانيا  ليست دولة جوار فحسب بل لديها وروسيا ثقافة مشتركة ودين مشترك ويوجد أقرباء في البلدين.

وأشار بوتين أن أوكرانيا بشكلها الحالي شكلت من قبل روسيا بعد ثورة 1917، وأن ستالين هو الذي حرر أوكرانيا ومنحها بعض الأراضي لتشكيل دولتها، فيما قال إن لينين هو الذي خلق دولة أوكرانيا الحالية. وأكد بوتين أن المساعدات التي قدمتها روسيا لأوكرانيا منذ عام 1991 وحتى 2010 قدرت بأكثر من 150 مليار دولار، وأن أوكرانيا كانت دائمًا تستفيد من التعاون مع روسيا دون أن تفي بأي التزامات من جانبها، وأن السلطات الأوكرانية تعمل لمصالحها، وأن كل ما يهم القيادة الأوكرانية هو حساباتها في البنوك وليس مصالح الشعب الأوكراني، موجهًا الاتهام للحكومة الأوكرانية بسرقة الغاز الروسي وباستخدام الطاقة لابتزاز روسيا.


للمزيد من التفاصيل حول الأزمة الأوكرانية يمكن الاطّلاع على هذه السلسلة من المقالات على التراصوت: 

دليل تاريخي شامل لفهم الأزمة بين روسيا وأوكرانيا

خبير عسكري يجيب "الترا صوت": ما هي سيناريوهات الهجوم الروسي على أوكرانيا؟

أوكرانيا: بدء مناورات "الردع الاستراتيجي" وعمليات الإجلاء وحملات تعبئة عامة

الأزمة الأوكرانية.. عودة الدبلوماسية والتنازلات الصعبة


واعتبر أن قادة أوكرانيا قد فشلوا في إقامة دولة حقيقية ما أدى لاعتمادهم على الدول الأجنبية مثل الولايات المتحدة، حيث أصبحت دولة غير مستقلة واقعة تحت السيطرة الأمريكية التي تدير شؤون البلاد على كل مستويات السلطة.

وفي معرض حديثه عن  تهديدات الدول الغربية بفرض عقوبات على روسيا، قال الرئيس الروسي إنه يعتقد بأن "الغرب سيفرضها  في كل الأحوال وسيختلق الحجج للقيام بذلك"، وأشار بوتين إلى أنهم قدموا مقترحات في كانون الأول/ديسمبر 2021 بضمانات أمنية إلى الدول الغربية تضمنت عدم توسيع حلف شمال الأطلسي والعودة إلى حدود عام 1997 فيما يخص حدود الحلف لكنهم ماطلوا في الرد وتجاهلوا ذلك.

وتحدث الرئيس الروسي بأن الوثائق الأمريكية الرسمية تنظر إلى روسيا باعتبارها عدوًا، فقد اتهم الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي بتحويل أوكرانيا إلى مسرح للحرب، حيث تم نشر أنظمة صواريخ أمريكية في أوكرانيا يمكنها ضرب المناطق الروسية حتى فولغاغراد.

وأضاف أن "الطائرات المسيرة الأمريكية التي تحلق في أجواء أوكرانيا تتجسس دائمًا على روسيا، وأن العداء الأمريكي لروسيا هو بسبب رفضهم وجود أي بلد قوي في العالم غيرهم"، مؤكدًا أن "الولايات المتحدة تعتبر روسيا التهديد الأساسي لحلف شمال الأطلسي". وتحدث عن معلومات استخباراتية بأن الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي  يعملان على تأسيس قواعد عسكرية ونشر أنظمة صواريخ هجومية في أوكرانيا واعتبر ذلك تهديدًا فعليًا لروسيا.

وأشار بوتين أن وعودًا عدة قدمت لنا بعدم توسيع حلف شمال الأطلسي شرقًا لكن الذي حدث هو العكس والحلف يسعى لضم أوكرانيا وجورجيا، وهو ما سيشكل خطرًا على الأمن الروسي. وحذر بوتين من أن أوكرانيا إذا تمكنت من صنع أسلحة دمار شامل فإن الوضع العالمي سيتغير جذريًا ولا يمكننا تجاهل ذلك.

هذا ونقلت وكالة تاس الروسية أن الرئيس فلاديمير بوتين وقع  على اتفاقين منفصلين حول الصداقة والتعاون والمساعدة بين روسيا من جهة وجمهوريتي دونيتسك ولوغانسك من جهة أخرى بحضور رئيسي الجمهوريتين  دنيس بوشلين وليونيد باشنيك.

ردود فاعل غاضبة

وفي أولى ردود الفعل على خطاب الرئيس الروسي، أعلن البيت الأبيض على لسان السكرتيرة الصحفية جين بساكي  أن الإدارة الأمريكية توقعت الخطوة الروسية وهى مستعدة  للرد عليها فورًا حيث أصدر الرئيس جو بايدن أمرًا تنفيذيًا يحظر على الأمريكيين أي تعاملات تجارية أو مالية مع دونيتسك ولوغانسك، وبفرض عقوبات على أي شخص يعمل في تلك المناطق من أوكرانيا.

وأشار البيت الأبيض انه سيعلن قريبًا عن إجراءات إضافية تتعلق بانتهاك روسيا السافر للالتزامات الدولية، وأن هذه الإجراءات منفصلة عن تدابير اقتصادية سريعة تعدها الإدارة الأمريكية بالتنسيق مع الحلفاء إذا حدث غزو روسي، مؤكدًا تواصل المشاورات عن كثب مع الحلفاء والشركاء ومن بينهم أوكرانيا بشأن الخطوات التالية.

وكان الرئيس جو بايدن قد أجرى اتصالًا هاتفيًا مع نظيره الأوكراني فلاديمير زيلينسكي بعد خطاب بوتين استغرق نحو 35 دقيقة. وتحدثت مصادر إعلامية أن الرئيس الأمريكي جو بايدن عقد اجتماعًا طارئًا مع أعضاء مجلس الأمن القومي بشأن الأزمة الأوكرانية الروسية.

بدوره، شدد رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون على أن اعتراف روسيا باستقلال دونيتسك ولوغانسك يعتبر انتهاكًا لوحدة أراضي أوكرانيا. أما وزيرة الخارجية البريطانية ليز تروس فقد اعتبرت أن "الخطوة الروسية الأخيرة تظهر بأن موسكو اختارت طريق المواجهة على طريق الحوار"، وأضافت تروس "سننسق الرد مع حلفائنا ولن نسمح لانتهاكات روسيا لالتزاماتها الدولية أن تمر دون عقاب"

وزارة الدفاع البريطانية أكدت أيضًا أنها لن "تسمح لروسيا بالتأثير على السلوك الإقليمي لأي دولة، ودعمنا لأوكرانيا لن يتزعزع". وقالت الحكومة البريطانية إنها ستعلن غدًا عقوبات على روسيا ردًا على انتهاكها القانون الدولي، واعتدائها على سيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية.

من جهته، أدان الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "القرار الذي اتخذه رئيس الاتحاد الروسي بالاعتراف بالمناطق الانفصالية بشرق أوكرانيا"، وأكد بيان صادر عن الإليزيه أن الاعتراف هو "انتهاك أحادي الجانب لالتزامات روسيا الدولية واعتداء على سيادة أوكرانيا". ودعا البيان إلى "عقد اجتماع طارئ لمجلس الأمن التابع للأمم المتحدة وكذلك تبني عقوبات أوروبية محددة الهدف". وأشار الإليزيه إلى أن ماكرون "يعتقد أن بوتين أخل بتعهداته وأن قراره تصعيد الموقف يستوجب فرض عقوبات".

كما دعت وزيرة خارجية ألمانيا آنالينا بيربوك روسيا للتراجع عن الاعتراف بمناطق في شرقي أوكرانيا ككيانات مستقلة. وأدان وزير الخارجية الهولندي فوبكه هويكسترا اعتراف روسيا بالأراضي الانفصالية في أوكرانيا، واعتبره "انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي  وسلامة أراضي أوكرانيا، واتفاقيات مينسك"، وقال إن "هولندا سترد بحزم بالتنسيق الوثيق مع شركائنا في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي".

هذا وأكد رئيس وزراء بولندا ماتيوش مورافيتسكي أن "اعتراف روسيا بالجمهوريات المزعومة هو عمل عدواني ضد أوكرانيا، يجب مواجهته برد لا لبس فيه وعقوبات فورية. إنها اللغة الوحيدة التي يفهمها بوتين".

وفي ببان مشترك لرئيس  جمهورية لاتفيا ورئيس مجلس النواب ووزير خارجيتها تمت إدانة القرار الروسي الذي اعتبروه انتهاكًا صارخًا للقانون الدولي، داعين "المجتمع الدولي إلى العمل من خلال فرض عقوبات اقتصادية صارمة ضد الاتحاد الروسي والأشخاص المسؤولين عن التعدي على دولة أوكرانيا'.

رئيسة إستونيا آلار كاريس أكد أيضًا رفضه للقرار غيرالقانوني الذي اتخذته روسيا بالاعتراف بمنطقتي دونيتسك ولوغانسك، وقال من الواضح إن "موسكو ليست جادة بشأن الدبلوماسية وتبحث عن سبب للحرب". كما أدانت وزارة الخارجية النرويجية  قرار روسيا الاعتراف بالجمهوريات الشعبية في دونيتسك ولوغانسك، واعتبرته "انتهاكًا آخر لسيادة أوكرانيا وسلامتها الإقليمية ويتعارض بشكل مباشر مع روح ونص اتفاقيات مينسك".

هذا واعلنت الأمم المتحدة دعمها بشكل كامل وحدة الأراضي الأوكرانية. كما اعتبرت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين أن هذا الاعتراف هو خرق صارخ  للقانون الدولي وسيادة أوكرانيا، كما "سيتصرف الاتحاد الاوروبي وشركاؤه بالوحدة والحزم والتصميم بالتضامن مع أوكرانيا". فيما توعد الاتحاد الأوروبي برد حازم على ما أقدمت عليه  موسكو، وقال مفوض الشؤون الخارجية بالاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل إن "الاتحاد وحلفاءه سيردون بصورة موحدة وحازمة على قرارات بوتين".

كان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد وقع مرسومين باعتراف روسيا بدونيتسك ولوغانسك كجمهوريتين مستقلتين عن أوكرانيا

كما أدان الأمين العام لحلف شمال الأطلسي ينس ستولتنبرغ اعتراف روسيا بالمناطق الانفصالية، متهمًا روسيا بمواصلة تأجيج الصراع في شرق أوكرانيا، مؤكدًا دعم الحلف بشكل كامل استقلال أوكرانيا، بالمقابل دعا موسكو إلى تحكيم العقل واختيار الدبلوماسية. ومن جهته، كتب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام في تغريدة "عندما يتعلق الأمر ببلطجي كبوتين يقوم بزعزعة الاستقرار العالمي وتدمير الديمقراطيات، نقول له يكفي ذلك". وأضاف في تغريدة أخرى "إذا كان لدى أي شخص اي شك في طموحات بوتين، فإن خطاب اليوم يجب أن يزيل كل الشكوك".

 

اقرأ/ي أيضًا:

بلومبيرغ: واشنطن تحذّر من احتمال استهداف روسيا لعدة مدن في أوكرانيا