23-يونيو-2018

تفوق ترامب على جورج بوش وأوباما في التدخلات العسكرية (Getty)

تتزايد الانتقادات للإجراءات العسكرية التي يتخدها الرئيس الأمريكي ترامب في دول عديدة في العالم، رغم ادعائه أكثر من مرة أنه مهتم في السياسات الداخلية لبلاده أكثر من أي شأن آخر. وبلغة ساخرة يكتب الكوميدي الأمريكي لي كامب في هذا المقال المترجم عن موقع تروث ديج، حول هذه القضية، ساخطًا على عمليات الإبادة التي تجري باسم الأمريكيين.


نحن نعيش في حالة دائمة من الحرب، دون أن نشعر بذلك. فبينما تتناول المثلجات في مكانك المفضل حيث يضعون أوراق النعناع الصغيرة الجميلة على جانب الكأس، يُقصف شخص ما باسمك. وبينما تتجادل مع الشاب ذي السبعة عشر عامًا في دار السينما لأنه أعطاك الحجم الصغير من الفشار بعدما دفعت ثمن الحجم الكبير، يُمحى شخص ما من الوجود باسمك. وبينما ننام ونأكل ونمارس الحب ونحمي أعيننا في يومٍ مشمسٍ، يجري تفجير منزل شخصٍ ما وعائلته وحياته وجسده إلى ألف قطعةٍ نيابة عنا.

أسقطت القوات العسكرية تحت إدارة ترامب 44,000 قنبلة خلال السنة الأولى له في منصبه. لقد نزع القفازات عن أيدي البنتاغون، وحل وثاق كلب مسعور بالفعل

يُسقط الجيش الأمريكي متفجرات ذات قوة تدميرية يصعب علينا استيعابها كل 12 دقيقة. وهذا أمر غريب، لأننا لسنا في حالة حرب فعلية مع أي دولة على الإطلاق. ومن ثم ليس من المُفترض أن ينهمر أي عدد من القنابل على أي مكان، أليس كذلك؟

بالطبع لا! لقد ارتكبت خطأ شائعًا في الخلط بين عالمنا وبين عالم عقلاني متحضر يخضع فيه قطاعنا  العسكري الصناعي للسيطرة، وتعتمد فيه صناعة الموسيقى على الجدارة والموهبة، وحيث تمتلك قطع الليجو حوافًا دائرية بدلاً من الحواف الحادة، حتى لا نشعر بأن رصاصة خارقة للدروع قد اخترقت أقدامنا حين نمشي على قطعة منها ونحن حفاة، ويتعامل فيه البشر مع تغير المناخ مثل البالغين بدلاً من دفن رؤوسنا في الرمال بينما نحاول إقناع أنفسنا بأن الرمال حول رؤوسنا لا تزداد حرارة.

أنت تفكر في عالم عقلاني. نحن لا نعيش فيه

بدلاً من ذلك، نحن نعيش في عالم لا يخضع فيه البنتاغون للسيطرة على الإطلاق. منذ أسابيع قليلة، كتبت عن مبلغ 21 تريليون دولار، هذا ليس خطًا مطبعيًا، لم تُدرج في ميزانية البنتاغون. لكنني لم أكتب عن عدد القنابل التي يشتريها لنا هذا المبلغ الهائل. أسقطت القوات العسكرية تحت إدارة جورج دبليو بوش 70 ألف قنبلة على خمسة بلدان. ولكن من بين هذا العدد المهول، فإن 57 من تلك القنابل فقط أزعجت المجتمع الدولي.

اقرأ/ي أيضًا: مجازر البنتاغون على هامش الحرب ضد داعش.. سفك 6 آلاف روح بريئة بالحد الأدنى

وُجهت 57 ضربة عسكرية إلى باكستان والصومال واليمن، وهي بلدان لم تكن تجمعها بالولايات المتحدة حالة من الحرب، أو النزاع الدائر. شعر العالم بالرعب نوعًا ما. ودارت الكثير من المناقشات حول ما جرى من قبيل "انتظر ثانية. نحن نقصف بلدانًا خارج نطاق الحرب؟ هل من الممكن أن يكون هذا بدء انزلاقنا إلى وضع نقصف فيه الجميع طوال الوقت؟ (سكوت حرج)... لا. أيًا من كان الرئيس الذي سيتبع بوش سيكون شخصًا بالغًا عاديًا (ذي خلايا دماغية سليمة) وسيوقف هذا الجنون".

كنّا لطفاء وسُذج في ذلك الوقت، مثل القطط الصغيرة عند استيقاظها صباحًا.

لا يتعلق الأمر فقط بكون القصف خارج المناطق الحربية انتهاكًا مروعًا للقانون الدولي والمعايير العالمية. بل لأنه استهداف مستهجن أخلاقيًا للأشخاص قبل ارتكابهم للجرائم كذلك، وهو ما نفعله، وهو ما حذرنا منه فيلم توم كروز "تقرير الأقليات Minority Report". (البشر لا يأخذون نصائح أدب الخيال العلمي ذي الطابع الديستوبي "عالم المدينة الفاسدة" على محمل الجد. لو استمعنا إلى رواية "1984"، لما سمحنا بوجود وكالة الأمن القومي. ولو كنا انتبهنا إلى فيلم "المبيد The Terminator"، لما سمحنا باستخدام طائرات بدون طيار في الحروب، ولو استمعنا إلى "المصفوفة The Matrix"، لما كنا قد سمحنا للغالبية العظمى من البشر بالضياع في واقع افتراضي مبتذل وهزلي بينما تحتضر المحيطات في مستنقع من النفايات البلاستيكية... ولكن هل تعلم، من يهتم بمثل هذا؟).

أفاد مكتب الصحافة الاستقصائية أن عهد باراك أوباما شهد "563 ضربة، معظمها بطائرات بدون طيار، استهدفت باكستان والصومال واليمن"

شهدت أمريكا تعتيمًا إعلاميًا واضحًا إبان رئاسة أوباما. لم تتخط تقارير الجهات الإعلامية الرئيسية حول حملات البنتاغون اليومية في عهد أوباما عدد أصابع اليدٍ الواحدة. وحتى عندما ذكرت وسائل الإعلام ما يجري، فإن المشاعر الكامنة وراءها كانت "نعم، لكن انظر إلى مدى رقة أوباما بينما يوافق على هذا التدمير اللانهائي. إنه مثل ستيف ماكوين في aerial death".

ودعونا نتوقف للحظة ونتذكر أن فكرة أن "أسلحتنا المتقدمة" لا تصيب سوى الأشخاص الأشرار هي محض خرافة يجب محوها. وكما كتب ديفيد دي غراو، "وفقًا للوثائق الخاصة بوكالة المخابرات المركزية نفسها، فإن الأشخاص المُدرجين على قائمة القتل، الذين استُهدفوا لقتلهم بطائرة دون طيار، لم يمثلوا سوى 2% من الوفيات الناجمة عن غارات الطائرات بدون طيار".

2 % فحسب؟! لكن تلك القنابل الـ 70,000 التي ألقاها بوش لم تكن سوى ألعاب أطفال. وكما قال دي غراو مرة أخرى: "(أوباما) أسقط 100,000 قنبلة في سبع دول. لقد تخطى بوش بـ 30 ألف قنبلة وبلدين".

يجب أن تُقر بأن هذا مرعب للغاية. وهو يضم أوباما إلى مجموعة من نخبة الفائزين بجائزة نوبل للسلام الذين قتلوا ذلك العدد من المدنيين الأبرياء. على الأغلب لن تضم هذه المجموعة سواه مع هنري كيسنجر.

ومع ذلك، نعلم الآن أن إدارة دونالد ترامب ستُشعر جميع الرؤساء السابقين بالخجل من أنفسهم. تُظهر أرقام البنتاغون أنه خلال ثماني سنوات من عهد جورج دبليو بوش، بلغ متوسط ​​عدد القنابل التي أُسقطت يوميًا 24 قنبلة، أي ما يعادل 8,750 قنبلة في السنة. وخلال فترة أوباما في السلطة، أسقط جيشه 34 قنبلة في اليوم، أي 12,500 قنبلة في السنة. بينما في السنة الأولى من عهد ترامب، بلغ متوسط ​​عدد القنابل التي تم إسقاطها 121 قنبلة يوميًا، ليصل مجموعها إلى 44,096 قنبلة.

فكرة الأمريكيين أن "أسلحتنا المتقدمة" لا تصيب سوى الأشخاص الأشرار هي محض خرافة

أسقطت القوات العسكرية تحت إدارة ترامب 44,000 قنبلة خلال السنة الأولى له في منصبه. لقد نزع القفازات عن أيدي البنتاغون، وحل وثاق كلب مسعور بالفعل. وبالتالي فإن النتيجة النهائية هي أن الجيش الآن يتصرف مثل مزيج من المغني ليل وين والملاكم كونور ماكجريجور. لو لم تنتبه له لدقيقة واحدة، ستعود لتجد مصيبة في انتظارك "اللعنة، ماذا الذي فعلته للتو؟ لقد تركتك لثانية واحدة!".

تشهد كل ساعة تحت إدارة ترامب، إسقاط خمس قنابل، كل ساعة يوميًا. ليصل المتوسط إلى قنبلة كل 12 دقيقة.

أيهما أكثر شناعة - هذا الكم المهول من الموت والدمار الذي نسببه في جميع أنحاء العالم، أم حقيقة أن وسائل إعلامنا الرئيسية لا تحقق في الموضوع من الأساس؟ إنهم يتحدثون عن عيوب ترامب. يقولون إنه عنصري وأحمق وعدواني (وهو أمر دقيق تمامًا)، لكنهم لا ينتقدون المذبحة الدائمة التي يرتكبها جيشنا بإلقاء قنبلة كل 12 دقيقة، تقتل معظمها 98% من غير المستهدفين.

عندما يكون لديك وزارة للحرب بميزانية لا تخضع بتاتًا للمساءلة – مثلما لاحظنا من خلال الـ21 تريليون دولار – وعندما يكون لديك رئيسًا لا يهتم بمتابعة حجم الوفيات الذي تتحمل مسؤوليته وزارة الحرب، ينتهي بك المطاف إلى إسقاط الكثير جدًا من القنابل التي أفاد البنتاغون أنها تنفد منه.

يا إلهي. إذا نفدت قنابلنا، إذًا كيف يتسنى لنا إيقاف كل هؤلاء المدنيين الأبرياء من... الزراعة؟ فكِّر في جميع العنزات التي سيُسمح لها بالمضي قدمًا في حياتها اليومية. وكما هو الحال بالنسبة لـ21 تريليون دولار، يبدو أن الموضوع "غير خاضع للمساءلة".

كتبت الصحفية ويتني ويب في شباط/ فبراير، "ومن المثير للصدمة أن هناك أكثر من 80% من القتلى لم يجر التعرف عليهم حتى الآن، وأظهرت الوثائق الخاصة بالاستخبارات المركزية C.I.A أنهم حتى لا يعرفون هؤلاء الذين يقتلونهم – متجنبين مسألة الإبلاغ عن وفيات مدنية ببساطة عن طريق تسمية جميع هؤلاء المتواجدين في منطقة الهجوم بالمقاتلين الأعداء".

اقرأ/ي أيضًا: عبادة الموت الأمريكية.. نسخة ترامب من "خلافة" البغدادي

هذا صحيح. نقتل فقط المقاتلين الأعداء. كيف يتسنى لنا أن نعرف أنهم مقاتلون أعداء؟ لأنهم كانوا متواجدين في منطقة الهجوم. وكيف عرفنا أنها كانت منطقة للهجوم؟ نظرًا لوجود مقاتلين أعداء هناك. كيف عرفنا أنهم كانوا مقاتلين أعداء؟ لأنهم كانوا متواجدين في منطقة الهجوم... هل تريد مني الاستمرار، أم أنك فهمت قصدي؟ أمامي اليوم بأكمله.

لا يتعلق هذا الأمر بترامب، حتى على الرغم من أنه معتوه. كما لا يتعلق ذلك بأوباما، حتى على الرغم من أنه مجرم حرب. ولا يتعلق الأمر ببوش، حتى على الرغم من أنه يمتلك ذكاء الملفوف المسلوق. (لم ألق مزحة بخصوص بوش لما يقرب من ثماني سنوات. أشعر بتحسن الآن. ربما سأعود إلى هذا مرة أخرى).

يتعلق الأمر بمجمع عسكري صناعي جامح تشعر نخبتنا الحاكمة بالسعادة لتركه حرًا طليقًا. لا يحاول أي شخص سواء في الكونغرس أو الرئاسة أن يوقف القنابل التي نسقطها في كل يوم ويصل عددها إلى 121 قنبلة. ولا يحاول أحد تقريبًا ممن ينتمون إلى أحد وسائل الإعلام الرئيسية أن يجعل الناس يهتمون لذلك الأمر.

في الآونة الأخيرة، اكتسب هاشتاغ #21Trillion المتعلق بأموال البنتاغون التي لا تخضع للمساءلة بعض الزخم. لندشن هاشتاغًا آخر: وهو #121BombsADay.

قنبلة كل 12 دقيقة

هل تعرف أين تسقط هذه القنابل؟ ومَنْ تقتل؟ ولماذا؟ تمزق مائة وإحدى وعشرين قنبلة يجري إسقاطها في كل يوم حياة أسر بأكملها عبر العالم – باسمك واسمي واسم الطفل الذي يوزع الحجم الخاطئ للفشار في دور السينما.

نحن أمة ضالة نمتلك جيشًا ضالًا ونخبة حاكمة لا تخضع للمساءلة بتاتًا. إن الحكومة والجيش اللذان ندعمهم أنا وأنت بكوننا جزءًا من هذا المجتمع يقتلان الناس كل 12 دقيقة، وردًا على ذلك، ليس هناك سوى الصمت الرهيب. نحن أفضل كشعب وكجنس من ألا نمنح هذا الموضوع شيئًا سوى الصمت. إنها جريمة ضد الإنسانية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

9 حقائق هامة ينبغي ألا ننساها عن الغزو الأمريكي للعراق

أين اختفت حركات مناهضة الحرب في الولايات المتحدة؟