18-يونيو-2017

الكاتب قمر الزمان علوش خلال حوار تلفزيوني (فيسبوك)

من أخرج السيناريست السوري قمر الزمان علوش من غفوته ليصب علينا كل هذه الأسئلة المخبوءة في صدره سنواتٍ طويلة؟ ويريد الحصول على إجابتها الآن من جمهور الفيسبوك بعدما فر جمهور الصحافة إلى مكان آخر؟

يعتبر الكاتب السوري قمر الزمان علوش أن مسلسل "الزير سالم" أثر يهودي!

يعود قمر الزمان علوش إلى الفيسبوك كاتبًا ليحتفي بما بقي في هذا العالم من أشياء جميلة كما يقول: "أنا هنا لا أكتب بقصد الظهور أو اﻻستعراض أو التشهير أو الثأر أو.. أو .. أنا هنا أكتب احتفاء بالأشياء الجميلة القليلة المتبقية لي في هذه الحياة. الثقافة هي حصني الأخير وسأحاول ألا أدع أحدا يهدمه فوق رأسي وأنا حي".

اقرأ/ي أيضًا: باب الحارة... "العرصات" تتكاثر

بعد اعتذار مطول سببه الانشغال لأشهر في الكتابة الدرامية يقول قمر الزمان علوش: "وها أنذا أعود اليكم في وقت مستقطع بعد غيبة أشهر قليلة قضيتها في كتابة عدد من الأفلام السينمائية والتلفزيونية"، ومن ثم منشورين طويلين عن السياسة وسلطة المال وتراجع دور الدولة والاستدلال بـ لينكولن، يدخل قمر الزمان علوش في بوحه على حلقات، لتكتشف أنه انقلب على حصنه الأخير، ودخل في احتفاء انتقامي تارة من أولئك الذين أوقفوا ملحمته عن سايكس بيكو، وتارة من الخونة الذين ارتضوا عملًا كمسلسل "الزير سالم" بعدما رفضه وصديقه الفنان أيمن زيدان لأنه لا يخدم قضية وطنية قومية، حتى نهاية هذا الفحيح الشعاراتي.

في مقدمته عن الثقافة كحصن أخير، لا ينسى قمر الزمان علوش أن يجيب فجأة أولئك الذين يسألونه لماذا هو مع الدولة، ولماذا انحاز إلى خندقها في هذه الحرب... الخارج من غفوته يجيب كما يكتب هؤلاء التاريخ: "لأن دولة ظالمة وفاسدة ومنعدمة الكفاءة أفضل من دويلات العنف والفوضى الدموية الشاملة. دولة باقية ولو على شكل هيكل أفضل من نصب تذكاري لدولة زائلة ممحوة من الخارطة".

لا يريد قمر الزمان علوش أن يثأر من أحد، ولا يشهر بأحد، لكنه فجأة وفي ظل هذه العاصفة الفيسبوكية التي يكتب فيها الأميّ رأيه قبل العِالم يستذكر صاحب مسلسل "أسمهان" قصة "باب الحارة" وكيف مر النص من بين يديه عندما كان رقيبًا في الهيئة العامة للتلفزيون: "في تقرير القراءة قلت عن ذاك النص كل ما تقولونه اليوم وقد صار في جزئه التاسع.. تخلف، انحطاط فكري واجتماعي.. تزوير تاريخ.. تحقير المرأة... إلخ".

وتأتي بعدها القنبلة المعجزة التي تتوافق مع معطيات معاصرة من الحرب السورية فيقول قمر الزمان علوش: "عمل شديد الخطورة يدعو الى تفكيك مكونات المجتمع السوري وانغلاقها وعزلتها. ويروج لفكرة إمكانية تدمير الدولة ليحل محلها زعيم الحارة والشيخ والعكيد والقبضاي والمموّل في محميات وحارات منعزلة تناصب جاراتها العداء"... وصمت علوش إلى أن حان وقت كتابة بوست براءة الذمة.

القصة الأهم التي يرويها قمر الزمان علوش في بوحه الفيسبوكي هي استدعاء وزير الإعلام الأسبق محمد سلمان لسيادته عام 2000 وتكليفه بمسلسل درامي عن مرحلة "سايكس بيكو"، وبعد أن قدم له سلفة مالية مغرية، ليعمل مدة عام على القراءة والكتابة، سوف يبقى النص حبيس الأدراج، وسيتبين له أن فاروق الشرع هو من منع العمل بسبب العلاقات الجيدة مع تركيا، ومن ثم أجهز الرفيق البعثي خلف الجراد (مدير التلفزيون السوري) على العمل نهائيًا، هذا ليس استثمارًا للعداء مع الأتراك لتصفية عداوات شخصية مع الأخوة الرفاق.

لا يريد  قمر الزمان علوش أن يثأر من أحد، أعوذ بالله، ولا أن يشهر بأحد، ولا أن يمتدح أحدًا يمكن أن يسدي له خدمة في هذا الظرف العسير، وهنا يأتي الدور على قصة "الزير سالم" وكيف رفض هو وأيمن زيدان إنتاج الرواية الشعبية لأنه كما قال هو عنها: "هذا العمل صاغته أقلام يهودية وليس من مصلحتي أو مصلحتك تكريس هذا الأثر اليهودي وتخليده فنيًا".

وزير الثقافة لقمر الزمان علوش: إذا جاء هيثم مناع رئيسًا للوزراء كيف سنبرر هكذا فيلم أمامه؟

أما ردة الفعل الأهم فكانت من أيمن زيدان (حسب رواية علوش): "لم يدعني أكمل كلامي.. التقط كتاب السيرة من يدي وألقاه في سلة القمامة"، وخسر الاثنان عملًا كبيرًا ومالًا وفيرًا، وأما الحكمة فهي أن إنتاج هذا العمل كما يقول  قمر الزمان علوش فيما بعد: "كان فاتحة الوبال الذي أصاب الدراما السورية فيما بعد.. فتحت أعين قوى السيطرة السياسية والمالية على الإمكانيات الهائلة التي تمتلكها هذه الدراما على حمل الرسائل والأفكار والقدرة على التأثير"... طبعًا المسلسل الذي أنتج كان من تأليف الراحل ممدوح عدوان ومن إخراج حاتم علي.

اقرأ/ي أيضًا: ماغي بو غصن: الممثلة زوجة المنتج

أما فيلم الحرب على سوريا الذي قدمه لمحمد الأحمد، وزير الثقافة حاليًا ومدير عام المؤسسة السينما سابقًا، وصديق  قمر الزمان علوش كما يصفه (على كل حال) فهي تتوافق تمامًا مع المرحلة التي تصبح فيها الدولة السورية الخراب أقل من الدويلات المتصارعة على الخراب.

الفيلم الذي اعتبره الأحمد أفضل ما قدم له في تاريخه الحافل بمؤسسة السينما، تم رفضه بعد سجال بجواب الأحمد: "ماذا أفعل؟ هكذا قرر الرقباء حتى أنه طُرحت في النقاش فكرة إذا جاء هيثم مناع رئيسًا للوزراء كيف سنبرر هكذا فيلم أمامه؟".. يا لقوة هيثم مناع!

طبعًا يروي  قمر الزمان علوش في فيسبوكياته ما هو أسخف، ويدلل على وجهات نظره بعيدة الأمد بحكايات الغمز واللمز والحكمة الملغومة، ومنها حكاية منع الدراجات النارية في مدينة جبلة وكان يحضر حينها حفلًا في المدرج الروماني، وانصب غضب أصحاب الدراجات على الحضور في المدرج يبوست (من بوست) علوش قائلاً: "الشعب الغاضب بحاجة إلى أن يوجه غضبه نحو أحد.. وكان هذا الأحد المحتفلين في القلعة.. لم يكونوا يحتفلون بمناسبة وطنية ترعاها الدولة الجائرة، ولا بعيد ميلاد وزير الداخلية.. كانوا يحتفلون بأجمل ما فيهم: الحنين إلى لحن ما أو أغنية ما أو رقصة شعبية .. لقد اختار أولئك المحتجون (العدو) الخطأ في المكان الخطأ للأسف".

كل الكتاب الذين يتمسكون حتى اللحظة بدورهم المعارض إنما يريدون البقاء ممسكين بالعصا من أوسطها فيمكن أن تتهم كل السوريين جميعًا بالطائفية، وأن تنجو من هذا التعميم ببساطة عندما تسأل سؤال قمر الزمان علوش: "لا تقولوا لي الشعب السوري لا يعرف الطائفية! هذه أكذوبة اخترعها مثاليون أو مضللون أو منافقون.. هذه الحرب مسدس اليد التي ضغطت على زناده كانت سياسية ولكن الطلقة القاتلة كانت الطائفية.. أتعرفون لماذا لم نمت جميعًا حتى الآن؟ بعبارة واحدة: لأن جيشنا الوطني لم يقع في هذا الفخ".

الحكايات الفيسوكية مستمرة، فالكاتب يختم كل حلقة منها بعبارة "يتبع"..

 

اقرأ/ي أيضًا:

سر السيناريست الشبح.. هل يكتب محمد ناير مسلسلات عادل إمام؟

أن تكون بابلو إسكوبار