27-فبراير-2023
getty

تجمع التحليلات على أن مخرجات قمة العقبة هي أمنية فقط (Getty)

بعد ساعات من نهاية قمة العقبة الأمنية، التي جمعت السلطة الفلسطينية في دولة الاحتلال، برعاية من الأردن ومصر والولايات المتحدة الأمريكية، انطلق هجوم كبير من قبل المستوطنين بالضفة الغربية المحتلة على بلدة حوارة جنوب نابلس بالضفة الغربية، أسفر عن استشهاد فلسطيني وإصابة أكثر من 100 شخص، وإحراق عشرات المركبات والمنازل.

بعد ساعات من نهاية قمة العقبة الأمنية، التي جمعت السلطة الفلسطينية في دولة الاحتلال، برعاية من الأردن ومصر والولايات المتحدة الأمريكية، انطلق هجوم كبير من قبل المستوطنين بالضفة الغربية المحتلة على بلدة حوارة جنوب نابلس بالضفة الغربية

ترافق ذلك مع قمة العقبة الأمنية، التي جاءت بعد أسابيع من التصعيد الإسرائيلي بالضفة الغربية، والذي أسفر عن استشهاد أكثر من 60 فلسطينيًا منذ بداية العام الجاري، وبالتزامن مع قمة العقبة، وقعت عملية إطلاق نار في بلدة حوارة، أسفرت عن مقتل مستوطنين.

وعقب ليلة طويلة من الاعتداءات الإسرائيلية في بلدة حوارة، أعلنت وزارة الصحة الفلسطينية استشهاد سامح أقطش (37 عامًا) إثر إصابته برصاصة في البطن في منطقة زعترة جنوب نابلس. 

getty

من جانبه، قال مسؤول ملف الاستيطان في شمال الضفة غسان دغلس لـ"الترا فلسطين"، إن ما يفعله المستوطنون هو حرب مشابهة لأحداث النكبة واعتداءات العصابات الصهيونية حينها، مبينًا أن الهجوم هو الأعنف الذي استهدف حوارة، حيث اعتدى مستوطنون على أكثر من 30 منزلًا، بين حرق وتكسير واعتداء مباشر، بالإضافة إلى إحراق 15 مركبة، ومنازل ومركبات في قرية بورين وأودلا.

من جهتها، حذرت حركة المقاومة الإسلامية  "حماس"، في بيان لها،  إسرائيل من مغبّة وتداعيات إطلاق يد المستوطنين ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية. ودعت الحركة،  الفلسطينيين في الضفة إلى "هبّة تضامنية عاجلة وتشكيل حالة إسناد ودعم، تحمي بيوت المواطنين وممتلكاتهم وتتصدّى للمستوطنين".

من جانبها، أدانت السلطة الفلسطينية "الأعمال الإرهابية التي يقوم بها المستوطنون بحماية قوات الاحتلال الإسرائيلي، في حوارة وبورين وعينبوس وغيرها من المناطق". وأكدت رئاسة السلطة الفلسطينية في بيان لها أن "هذا الإرهاب ومن يقف خلفه يهدف إلى تدمير وإفشال الجهود الدولية المبذولة لمحاولة الخروج من الأزمة الراهنة"، في إشارة منها إلى بيان قمة العقبة. 

وحملت السلطة الفلسطينية "المسؤولية الكاملة عن هذا الإرهاب للحكومة الاسرائيلية، وهي ترجمة لمواقف بعض الوزراء في هذه الحكومة الإسرائيلية اليمينية المتطرفة".

على الجانب الإسرائيلي، خاطب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو، المستوطنين، قائلًا: "الدماء تغلي والأرواح غاضبة، لكن لا تأخذوا القانون بأيديكم". 

والتحريض الإسرائيلي على بلدة حوارة مر عبر المستويات الرسمية في دولة الاحتلال، ففي تغريدة على تويتر، كتب رئيس مجلس مستوطنات شمال الضفة دافيدي بن تسيون، "لا مكان للرحمة، يجب محو حوارة اليوم"، تغريدة بن تسيون حظيت بإعجاب وزير المالية والمسؤول عن ملف الاستيطان في حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش.

كما قال عضو الكنيست عن حزب قوة يهودية تفسيكا فوغل [حزب إيتمار بن غير]، إن الجرائم التي نفذها مستوطنون في بلدة حوارة، الليلة الماضية، "حققت ردعًا هو الأقوى لصالح دولة إسرائيل منذ عملية السور الواقي (اجتياح الضفة)"، في دعم واضح لهذه الاعتداءات من قبل المستوطنين.

وكشفت صحيفة هآرتس الإسرائيلية، عن تواطؤ المنظومة الأمنية في وسط الضفة الغربية مع المستوطنين، حيث تحدثت الصحيفة عن انتقادات داخل المؤسسة الأمنية لاستعدادات قيادة جيش الاحتلال بالضفة الغربية لمسيرة المستوطنين التي أعلنت عن نيتها الدخول إلى بلدة حوارة عبر شبكات التواصل الاجتماعي.

وبالترافق مع إرهاب المستوطنين في بلدة حوارة جنوب نابلس، اقتحم عشرات المستوطنين بؤرة أفيتار الاستيطانية المقامة على أراضي قرية بيتا بالقرب من حوارة، فيما دعم وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير اقتحام البؤرة، كما وصل إليها عضو الكنيست المتطرف تسفي سكوت وأمضى الليل مع المستوطنين فيها.

ووصل وزير الأمن الإسرائيلي يوآف غالانت إلى بلدة حوارة، صباح اليوم الإثنين، متحدثًا عن إمكانية التصعيد بالضفة الغربية أو القدس أو غزة. فيما قرر جيش الاحتلال نشر كتائب إضافية بالضفة الغربية. 

وتجمع التحليلات الإسرائيلية على أن الليلة الماضية في حوارة تفتح الإمكانية، أمام إشعال الضفة الغربية خلال الفترة القادمة.

وقالت صحيفة العربي الجديد، إن جهود التدخل المصري في الملف الفلسطيني من أجل تهدئة الفصائل الفلسطينية فشلت، موضحةً أن هناك "حالة الغليان التي تسيطر على الأجنحة العسكرية لفصائل المقاومة، ورفضها منع التصعيد، ردًا على جرائم الاحتلال، على الرغم من التواصل المباشر الذي جرى بين مسؤولين في جهاز المخابرات العامة المصري وقيادات عسكرية في حركتَي حماس والجهاد"، بحسب مصادر مصرية.

وسط تقديرات مصرية أن الحالة الآن هي الأكثر اقترابًا من المواجهة العسكرية، وبحسب مصادر "ألعربي الجديد" فإن "ما زاد من تأزم موقف الوساطة المصرية، هو مشاركة السلطة الفلسطينية في قمة العقبة، التي تعتبرها الفصائل محاولة من جانب حكومة الاحتلال لإقرار اتفاقات من شأنها وضع الفلسطينيين في مواجهة بعضهم بعضا، لإخراج قواتها من دائرة مواجهة عناصر المقاومة".

قمة العقبة: تفاهمات على المقاومة وتنصل إسرائيلي مبكر

وسبق اعتداءات المستوطنين، إصدار بيان قمة العقبة الأمنية التي عقدت في الأردن، بين ممثلين عن السلطة الوطنية الفلسطينية ومسؤولين إسرائيليين بوساطة أمريكية وأردنية ومصرية، جاء فيه، "تأكيد الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي التزامهما بجميع الاتفاقات السابقة بينهما، والعمل على تحقيق السلام العادل والدائم"، على حدِّ قول البيان. 

كما أكد البيان، على أهمية الحفاظ على "الوضع التاريخي القائم في الأماكن المقدسة في القدس دون تغيير"، ومشددًا على "ضرورة استمرار الوصاية الهاشمية". كما جدد البيان، التأكيد على "ضرورة الالتزام بخفض التصعيد على الأرض ومنع المزيد من العنف"، وذلك عبر "وقف الإجراءات الأحادية الجانب، الذي يشمل التزامًا إسرائيليًا بوقف مناقشة إقامة أي وحدات استيطانية جديدة لأربعة شهور، ووقف إقرار أي بؤر استيطانية جديدة لمدة ستة شهور". 

وبحسب مصادر إسرائيلية، فقد تم الاتفاق على إقامة لجنة أمنية مشتركة بين السلطة الفلسطينية ودولة الاحتلال، من أجل بحث تجديد التنسيق الأمني والعمل على مواجهة المقاومة في جنين ونابلس. واتفقت الأطراف الخمسة على الاجتماع مجددًا في مدينة شرم الشيخ بمصر في آذار/مارس 2023، لمتابعة تحقيق الأهداف.

الولايات المتحدة الأمريكية، أشادت الولايات بنجاح القمة، وقال وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن: "إنه من الأهمية بمكان أن يتابع الطرفان خطوات تهدئة التوترات واستعادة الهدوء".

getty

وأضاف مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان أن "التنفيذ سيكون حاسمًا" مؤكدًا أن القمة كانت مجرد "نقطة انطلاق" مضيفًا أن "هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به خلال الأسابيع والأشهر المقبلة لبناء مستقبل مستقر ومزدهر للإسرائيليين والفلسطينيون على حد سواء"، بحسب قوله.

وشهدت عدة مدن فلسطينية، مظاهرات رافضة لقمة العقبة والمخرجات الأمنية الصادرة عنها.

وفي ردود الفعل على بيان القمة، قال رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، أن حكومته مستمرة في شرعنة البؤر الاستيطانية بالضفة الغربية، مضيفًا "جدول التخطيط والبناء، دون أي تغيير، ولن يكون هناك تجميد". وكتب على تويتر "لا يوجد ولن يكون هناك أي تجميد للبناء في المنطقة (ج) بالضفة الغربية".

getty

وأكد مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هنغبي، والذي كان ضمن الوفد الإسرائيلي، هذه النقطة وأضاف أنه لن يكون هناك "تغيير في الوضع الراهن في الحرم القدسي"، ولا يوجد أي قيود على نشاط جيش الاحتلال، بحسب قوله.

أما وزير مالية حكومة الاحتلال بتسلئيل سموتريتش، فغرد على حسابه في تويتر، وكتب "ليس لديّ أي فكرة عما تحدثوا أو لم يتحدثوا عنه في الأردن، لكني أعرف شيئًا واحدًا.. لن يكون هناك تجميد للبناء والتطوير في المستوطنات، ولا حتى ليوم واحد، إنها تحت سلطتي".

بدوره، كتب وزير الأمن القومي إيتمار بن غفير، تغريدة، جاء فيها "ما حصل في الأردن، إن حصل، يبقى في الأردن". 

getty

فيما نقلت وكالة "رويترز" للأنباء، تصريحًا لمسؤول إسرائيلي، بعد ساعات قليلة من صدور البيان الختامي لقمة العقبة، جاء فيه إن "إسرائيل قالت في الاجتماع، إنه لن يكون هناك تغيير في المصادقة السابقة على تسعة مواقع استيطانية، و9500 وحدة سكنية في الضفة الغربية". 

وتجمع التحليلات على أن مخرجات القمة الوحيدة والواضحة، هي في الجانب الأمني، وتحديدًا المرتبطة في المقاومة الفلسطينية المتصاعدة في جنين ونابلس ومواجهتها. وتأتي القمة بعد أيام من الكشف عن بنود ورقة قدمها منسق الشؤون الأمنية في السفارة الأمريكية لدى دولة الاحتلال مايك فنزل، تقوم على تعاون أمني كبير وتدريب قوات أمنية فلسطينية بالأردن، وإشراف أمريكي على بعض المناطق بالضفة الغربية.

تجمع التحليلات على أن مخرجات القمة الوحيدة والواضحة، هي في الجانب الأمني، وتحديدًا المرتبطة في المقاومة الفلسطينية المتصاعدة في جنين ونابلس ومواجهتها

وفي سياق متصل، صادقت اللجنة الوزارية للتشريعات في الكنيست، يوم الأحد، على مشروع قانون يقضي بعقوبة الإعدام للفلسطينيين. وجاءت الموافقة على الرغم من إصدار المستشارة القانونية غالي باهراف ميارا رأيًا الأسبوع الماضي بأن هناك "عائقًا قانونيًا" للتصويت على القانون. واقترح القانون من قبل حزب قوة يهودية، ويسمح بتنفيذ عقوبة الإعدام بدون وجود إجماع على الحكم من قبل القضاة ولا يتيح إمكانية التخفيف منه.