14-نوفمبر-2022
انقسامات تفرض نفسها على قمة العشرين (Getty)

انقسامات تفرض نفسها على قمة العشرين (Getty)

يلتقي قادة مجموعة العشرين في قمة تجمعهم في مقاطعة بالي الإندونيسية، والتي تنظم تحت شعار "التعافي معًا، التعافي بشكل أقوى". ويعقد قادة المجموعة اجتماعات على مدار يومين، وسط أزمات متداخلة تواجههم، من أبرزها جائحة كوفيد-19 المستمرة، والمشاكل المناخية المتزايدة، وموجة الركود التي تواجه الاقتصاد العالمي الهش، وارتفاع معدلات التضخم، وارتفاع أسعار المواد الأولية، والغذاء نتيجة الحرب الدائرة في أوكرانيا. بالإضافة إلى البحث عن مخرج لأزمة الطاقة في ظل توترات جيوسياسية متزايدة بسبب العقوبات المفروضة على روسيا، وكذلك الخلاف بين الولايات المتحدة والصين أكبر اقتصادين في العالم.

خيمت أجواء سلبية على الأجواء التي سبقت انعقاد القمة، تبين مدى الانقسام الذي تشهده المجموعة، فقد دعت روسيا المجموعة إلى وقف الحديث عن الأمن، والتركيز على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية

وخيمت أجواء سلبية على الأجواء التي سبقت انعقاد القمة، تبين مدى الانقسام الذي تشهده المجموعة، فقد دعت روسيا المجموعة إلى وقف الحديث عن الأمن، والتركيز على المشاكل الاجتماعية والاقتصادية الأكثر إلحاحًا في العالم، في حين أنه من المتوقع أن تقاطع وفود الاتحاد الأوروبي كلمة وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي يرأس وفد بلاده، بعد أن غاب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن القمة، في خطوة يبدو أنها ترمي إلى تجنيب الرئيس الروسي انتقادات قد توجّه له بسبب غزو بلاده لأوكرانيا.

وفي هذا الإطار، اعتبرت المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، أن "الأمر الأكثر إثارة للقلق هو الاتجاه نحو زيادة الانقسام بين دول مجموعة العشرين، في وقت نحتاج فيه إلى بعضنا بشدة". وأعربت جورجيفا عن "قلقها من السير نحو عالم سيكون أكثر فقرًا وأقل أمانًا نتيجة لهذا الانقسام".

كما نقلت صحيفة "الواشنطن بوست" عن ماثيو غودمان من مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن، قوله إن "مجموعة العشرين اليوم ليست كما كانت خلال فترة 2008 و2009"، مضيفًا "لم يعد هناك اتفاق على أهداف مشتركة"، وأي طرح بشأن المساعي المشتركة بين أعضاء المجموعة يقع في فخ الانقسام المتزايد بين الولايات المتحدة من جهة وروسيا والصين من جهة أخرى.

كما يبرز على أجندة اجتماعات القمة الخلاف الكبير بين الولايات المتحدة والصين. ووفق وكالة "بلومبرغ"، فإن التوترات بين البلدين مرتفعة وتمتد من قضايا التجارة والتكنولوجيا، إلى موضوع الأمن القومي، وحقوق الإنسان في منطقة شينجيانغ الصينية مرورًا بوضع تايوان. وعلى الرغم من اللقاء الذي جمع الرئيسين الأمريكي والصيني صباح الاثنين في بالي، إلا أنه لا يعول عليه كثيرًا لرفع سقف التوقعات لتجاوز العقبات في العلاقات بين البلدين، حيث يأتي اللقاء بالتزامن مع تحذيرات أطلقتها البنتاغون بأن "الصين تشكل التحدي الأكثر شمولًا وخطورة للأمن القومي الأمريكي".

بالإضافة للخلاف الأمريكي الصيني، يفرض موضوع أوكرانيا حضوره القوي على أشغال القمة، فالحرب الدائرة هناك، انعكست على كل من أوروبا والولايات المتحدة. وتوضح المديرة العامة لصندوق النقد الدولي كريستالينا جورجيفا، لـ"الواشنطن بوست"، بأن "مجموعة العشرين تعاني الآن، لأن مشاكل الاقتصاد العالمي ناجمة عن الحرب الروسية على أوكرانيا"، لافتة إلى أن "الوضع الاقتصادي الحالي يختلف عن المشاكل المالية التي دفعت العالم إلى الركود خلال عام 2009". وأشارت إلى أنه "لا يمكن حل مشكلة جيوسياسية باتخاذ سياسات اقتصادية"، وبأنه "سيكون من الصعب للغاية رفع مستوى التعاون الاقتصادي إلى المستوى الذي ينبغي أن يكون عليه الآن، وذلك لأن إنهاء الحرب الروسية على أوكرانيا هو أقوى عامل يؤدي إلى تحويل منحى الاقتصاد العالمي".

من جهته، يتساءل كبير مديري مركز GeoEconomics التابع للمجلس الأطلسي جوش ليبسكي، عما إذا كان بإمكان مجموعة العشرين أن تعمل حتى مع نمو الانقسامات الجيوسياسية الحالية، قائلًا "إنني متشكك في إمكانية استمرار المجموعة على المدى الطويل بصيغتها الحالية". وأضاف ليبسكي "هذه ليست مجموعة العشرين التي وقعوا على إنشائها، آخر شيء أرادوه هو أن يكونوا في وسط هذه المعركة الجيوسياسية، بسبب الحرب في أوروبا".

بالمقابل يشير تقرير "واشنطن بوست" إلى أن البيت الأبيض أصر على أن مجموعة العشرين، التي يمثل أعضاؤها أكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75% من التجارة الدولية، ونحو ثلثي سكان العالم، "تظل فعالة"، وهو ما يؤكده مسؤول كبير في الإدارة الأمريكية، الذي تحدث بشرط عدم الكشف عن هويته عن أن "بايدن يؤمن للغاية بالأهمية الدائمة لمجموعة العشرين".

وهو ما يذهب إليه رئيس مكتب شرق آسيا للبحوث الاقتصادية في الجامعة الوطنية الأسترالية بيتر درايسديل، قائلًا "نحن اليوم بحاجة إلى التعاون الدولي على جميع هذه الجبهات أكثر مما كنا بحاجة إليه في أي وقت مضى، ولكن التعاون الدولي ما زال قاصرًا". وذكر درايسديل أنه من "الأهمية بمكان التغلب على التوترات الجيوسياسية والعمل معًا على القضايا الرئيسية لتحقيق الاستقرار في الاقتصاد الدولي والسياسة الدولية".

 البيت الأبيض أصر على أن مجموعة العشرين، التي يمثل أعضاؤها أكثر من 80% من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وأكثر من 75% من التجارة الدولية، ونحو ثلثي سكان العالم، "تظل فعالة"

بدوره، وفي مقابلة سابقة مع وكالة أنباء "شينخوا"، قال رئيس الوزراء الياباني الأسبق يوكيو هاتوياما إن "العالم اليوم يواجه صعوبات غير مسبوقة، ومصير الدول في جميع أنحاء العالم مترابط، حيث إن أزمة في بلد ما تؤثر على دول أخرى".