04-يناير-2017

هيف كهرمان/ كردستان العراق

​مثل نافذة تغلق نفسها على ذكرى، من هواء المحبّ القليل، ترتبك من وحدتها اليد التي لا تحضنها يد أخرى، فرفقًا بسوسن بابها، أسمع الوقت وهديره خلف غرفتكِ، حيث لا شيء يتكرر، لا ولادتكِ ولا بهجتي تدوم. 

كيف أدوّن، كيف أروي؟ هل أكرّر أغنية مريرة دليلًا على فقدانكِ؟ أم أراقب سنوات ثقيلة تعبر؟ كنت نبيًا سابقًا وقد أتعبني الطواف حول رقادكِ، ومثل طمأنينة لا ينالها دمي، قبر جماعي يهرع منه الموتى كل مساء إلى طاولات الدومينو، مكانًا ضيقًا ممتلئًا بالخفافيش يرغمك على صداقة من لا تحبهم، مسوخ من فخار يغتنمون نهدكِ الفتي ودم أسود على وسادتكِ كل ليلة، ربما يحتضر طائر في روحكِ، زوارق ننتظرها في هذا العراء، عظام موتى مجهولون مع نجوم ملطخة بالدم تتساقط في أماكن بعيدة، صدع يكبر بين فمكِ وفمي ونحيب ينبعث من كتفي كان مهدًا لرأسكِ، ثأرك الذي غطاه الصقيع لـدم العتبة وقد صقلتها بمرور كتفيها المتكرر، هل نسيته؟ 

ستنسى إذًا وجه من أحببت، شيئًا فشيئًا ثم يختفي، ثم تنسى نفسك وتختفي، اسمكِ يردده أسلاف كثر في الطرقات، وأنا أرتجي يدكِ مثل عتبة منفى دافئة، اسمكِ خيط دم يسيل على حائط غرفتي. ومثل غصة أسمع "تعال" وأتلفت، لا شيء سوى قلب يهرم في هذه القفار على ضريح أيامه. 

مودات كثر تركناها هناك، يحرسها تمثال من ملح يقف وحيدًا لا يرد على أحد، بعد أن خرجنا بحفنة من أسى، كل ما تبقى من ذلك البهاء ندب زرق للذكرى، لا أدعي أن ما أسميناه وطنًا، كان يزحف يخنقنا واحدًا واحدًا، لم نكن مقفرين في يوم ما، تلك أيام خارجة من قيامة الله تلك سنوات برابرة نعصرها بلا نديم.. مقلاة تفور كانت جمجمتي.

أيها المحب: 
اقترب من وريدك وبمدية، ودونما نعي وكن طيبًا كوجه أخيك، كوجه الحانة إذ تأويك، يسقط هذا القلب من علوِ.

اقرأ/ي أيضًا:

غرفة رقم 303: مناجم القطط

هدنة مسروقة