02-فبراير-2019

كان فوز قطر ببطولة آسيا تتويجًا للسياسة الرياضية في البلاد (رويترز)

قدّم  المنتخب القطري مستوىً مدهشًا خلال بطولة آسيا 2019 في الإمارات، وتوّج باللقب بعد فوزه على المنتخب  الياباني 3-1 في المباراة النهائية. وقد نال الأداء القطري استحسان جميع المتابعين والمحللين، حيث فاز في جميع مبارياته بالبطولة، وقدم لاعبوه أداءً رفيعًا على المستويين الفردي والجماعي. وقد سجل الهجوم القطري 19 هدفًا في البطولة أكثر من أي منتخب آخر في المسابقة، من بينها 9 أهداف لمهاجمه المعز علي،الذي كسر الرقم القياسي لعدد الأهداف المسجّلة في بطولة واحدة. كذلك برز تألّق صانع الألعاب أكرم عفيف الذي صنع عشرة أهداف لزملائه.

جلب الإنجاز القطري الكبير ف كأس آسيا الفرح لملايين الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، باستثناء بعض الأصوات الشاذة التي حاولت التقليل من الإنجاز

تفاعل الجمهور العربي على وسائل التواصل الاجتماعي مع الإنجاز القطري الكبير، ونوّهوا برمزية التتويج على أرض الإمارات، التي تفرض حصارًا سياسيًا واقتصاديًا على قطر منذ سنتين تقريبًا، بل إن المنتخب القطري نجح في الفوز على كل من السعودية 2-0 في الدور الأول، وعلى الإمارات نفسها أمام جماهيرها، وبنتيجة قاسية 4-0 في نصف النهائي. وقد شهدت المباراة نصف النهائية هتافات مسيئة من بعض الجماهير الإماراتية بحق قطر ولاعبيها، كما قام عدد آخر منهم برمي أحذيتهم على الملعب باتجاه حارس مرمى المنتخب القطري. فيما عبّرت جمهرة كبيرة من المتابعين والمغردين عن سخطها من هذه التصرفات غير الرياضية، كما أدانوا الخلط بين الرياضة والسياسة بهذه الصورة البغيضة. كما كان لافتًا قيام عدد من الإماراتيين بتشجيع المنتخب الياباني في المباراة النهائية، وهو الأمر الذي أثار غضب المتابعين والمغردين.

اقرأ/ي أيضًا: العنابي يتربع على العرش الآسيوي.. قطر تهدي فوزها إلى العرب

الإنجاز القطري الكبير جلب الفرح لملايين الجماهير العربية من المحيط إلى الخليج، باستثناء بعض الأصوات الشاذة التي حاولت التقليل من الإنجاز، وقد عبرت الجماهير عن فرحتها مستخدمة أوسمة متعددة كـ #قطر_بطل_آسيا و#قطر_اليابان.

حققت هذه الأوسمة انتشارًا واسعًا واحتلت المراكز الأولى على تويتر. إذ أشاد المتابعون بالسياسة الكروية القطرية، وبرؤية القيمين على الرياضة هناك، حيث بدأ العمل منذ 2006، من خلال تأسيس أكاديمية ASPIRE الكروية، التي تتمتع بأعلى المواصفات العالمية، وتعمل على اكتشاف المواهب الشابة وتأهيلها وتطويرها للوصول بها إلى أعلى مستوى ممكن. وتوّجت قطر إنجازاتها بالحصول على شرف استضافة مونديال 2022، كأول دولة عربية، وأول دولة آسيوية منفردة تحظى بهذا الشرف.

في هذا السياق، دعا المغردون والمحللون الرياضيون العرب المسؤولين عن الرياضة في بلادهم إلى الاحتذاء بقطر ووضع خطط حقيقية لتطوير الرياضة عامة وكرة القدم خاصةً، عوضًا عن اجترار واستهلاك العبارات الانهزامية بعد كل إخفاق، والتلطّي خلف انتصارات لفظية ووهمية كالخروج المشرف واكتساب الخبرة وما إلى ذلك.

ويذكر أن المنتخب القطري هو أول منتخب عربي يتوّج بالبطولة منذ العراق في 2007، وقد ربط المتابعون بين الظروف التي عاشها العراق في فترة التتويج، وظروف قطر اليوم والحصار المفروض عليها، ومنع جماهيرها من تشجيع المنتخب في الملعب، الأمر الذي أعطى رمزية وأهمية أكبر للإنجاز المحقق.

الإعلام الإماراتي: دفن الرأس في الرمال

لم يستوعب قسم من الإعلام الرياضي الخليجي بشكل عام، وإعلام الإمارات مضيفة البطولة بشكل خاص، الإنجاز القطري الكبير، ولم يتقبّلوا فكرة أن تخطف قطر كأسها الأولى في البطولة من أبوظبي تحديدًا، وفي استاد "زايد" مع ما للاسم من رمزية كبيرة.

عنونت صحيفة البيان الإماراتية مثلًا، الخبر حول نتيجة المباراة، قائلة إن "اليابان يخسر نهائي آسيا"، دون إيراد أي معلومة عن الفائز. أثارت سياسة التعمية هذه وتجنب ذكر اسم قطر في المانشيت، سخرية عدد كبير من المتابعين الذين التقطوا العنوان ونشروه على صفحاتهم مضمنيه تعليقات ساخرة وساخطة أحيانًا.

بينما تجنبت وسائل إعلامية إماراتية أخرى، مرئية ومقروءة وإلكترونية، الحديث عن المباراة النهائية من قريب أو بعيد. لم تنشر صفحة أبو ظبي الرياضية على فايسبوك مثلًا، أي خبر عن المباراة النهائية، بالرغم من أنها تغطي في العادة كل الأحداث الرياضية لحظة بلحظة. أما جريدة خليج تايمز الإماراتية فذهبت أبعد من الجميع، معنونة أن "المنتخب الياباني غير المحظوظ يخسر نهائي كأس آسيا".

اقرأ/ي أيضًا: قطر تزلزل الإمارات برباعيّة في عقر دارها.. وتبلغ نهائي كأس آسيا

أما الإعلام السعودي فقد تجاهل ذكر تتويج قطر بشكل واضح، فصحيفتا عكاظ ورياض واسعتا الانتشار في المملكة، لم تأتيا هما أيضًا على ذكر أي خبر عن المباراة النهائية، بالرغم من أن كأس آسيا كان قد شغل أنظار معظم الجماهير الرياضية في الأسبوعين الأخيرين.

دعا المغردون والمحللون الرياضيون العرب المسؤولين عن الرياضة في بلادهم إلى الاحتذاء بقطر ووضع خطط حقيقية لتطوير الرياضة عامة وكرة القدم خاصةً

الإعلام المصري الرسمي بدوره تجاهل الإنجاز القطري، أو عمل على التقليل من قيمته. على سبيل المثال، قال الإعلامي المصري أحمد موسى، والمعروف بدوره الفاقع في تلميع صورة النظام الحاكم في مصر، ومن خلفه رعاته الإقليميين، إن المباراة النهائية للبطولة ستجمع منتخبين غير عربيين، ووصف قطر بالدولة المحتلة.

خرج المنتخب القطري من كأس آسيا 2019 فائزًا على أكثر من صعيد، فبالإضافة إلى نجاحه في دخول القائمة الذهبية لأبطال آسيا للمرة الأولى، فإنه أثبت أن السياسة الرياضية المتبعة في البلاد أتت أكلها، كما أثبت الفوز أن الحصار المستمر منذ ما يقارب عامين، لم يحد من هذا التطلع، ولا من الإنجازات.

 

اقرأ/ي أيضًا:

قطر تتفوّق على السعودية في القمّة الآسيوية ولبنان يودّع البطولة

سدّ إيران الدفاعي ينهار فوق رؤوس أصحابه.. اليابان إلى نهائي كأس آسيا