تنتشر في مدينة عفرين، في ريف حلب الشمالي، ظاهرة رمي النفايات في الأماكن العامة، إضافةً إلى تكدّسها في الأماكن المخصصة لها، مما ينعكس سلبًا على قطاع النظافة الذي يؤثر على الصحة العامة للمجتمع المحلي، وذلك رغم الجهود المبذولة على المستويين الرسمي والمدني، حيث تعمل عدة جهات على تقديم مجموعة من الأنشطة، بما في ذلك حملات التوعية، للحد من انتشار هذه الظاهرة في مختلف أحياء المدينة.
وتقف خلف هذه الظاهرة مجموعة من العوامل التي ساعدت على انتشارها، وفي مقدمتها نقص المعدات اللوجستية لدى المجلس المحلي في المدينة، بما في ذلك الآليات، إضافةً إلى كثرة الأشخاص الذي يبحثون عن المواد القابلة لإعادة التدوير بهدف البيع، وهو ما يضع الجهات الفاعلة في المدينة أمام ضرورة البحث عن الحلول والبدائل في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا في هذه المرحلة الجديدة.
عوائق وتحديات
يؤكد مدير مكتب شؤون المنظمات في المجلس المحلي في مدينة عفرين، فراس الخطيب، في حديثه لشبكة "الترا صوت"، أن من أبرز التحديات التي يواجهونها في عملية جمع النفايات، هي: "وجود عدد غفير من قطاعات العمل في مدينة عفرين مع عدد آليات قليل جدًا"، لافتًا إلى أن هذا الأمر ينطبق أيضًا على "عدد السكان المقيمين والمهجرين قسرًا بفعل الحرب مع جيش النظام السابق"، مما أثر سلبًا على معالجتهم لهذه الظاهرة، وأدى بهم إلى "الضعف في هذا المجال، وخصوصًا في آليات ترحيل القمامة من الحاويات في بعض أحياء المدينة، والتي يمكن تسميتها محليًا بالبوكات والضاغطات".
تجد الجهات الفاعلة في مدينة عفرين نفسها أمام ضرورة البحث عن الحلول والبدائل لقطاع النظافة في ظل الأزمة الاقتصادية التي تعيشها سوريا في هذه المرحلة الجديدة
ويُعدد الخطيب في حديثه مجموعة من الوسائل التي يمكن اللجوء إليها للحدّ من هذه الظاهرة، ويذكر منها إمكانية "زيادة عدد الحاويات في المدينة، بما في ذلك الكبيرة والمتوسطة والبلاستيكية المعلقة في الشوارع العامة، و كذلك العمل على مشروع مكب نفايات تحت الأرض". لكن مثل هذه المكبّات، كما يقول الخطيب، تحتاج إلى "آلية ضاغطة لسحب النفايات من تحت الأرض، خصوصًا أنّ هذه الآلية وهذا النوع من الحلول غير متوفر لدينا، لقلة الموارد لدى المجلس".
يؤكد الخطيب في حديثه على ضرورة التعاون مع منظمات المجتمع المدني، ويصف تجربة المجلس المحلي مع هذه المنظمات بـ"المثمرة"، لافتًا إلى تنفيذهم العديد من المشاريع، بما في ذلك مشروع "النقد مقابل العمل" الذي نُفذ مع منظمة "مابس"، موضحًا أن المشروع يقوم على مجموعة من "الأنشطة المرتبطة بحملات التنظيف والتوعية المجتمعية". وضمن هذا السياق، يلفت الخطيب إلى أن هذه الحملات يرافقها عملية دعم هذه الجهود بحملات توعية موجهة للسكان بشكل مكثف أكثر"، ويتلخص مضمونها في "إبراز أهمية النظافة ودورها في تحسين نوعية الحياة مع تسليط الضوء على العادات الخاطئة".
ويشدد الخطيب في نهاية حديثه لشبكة "الترا صوت" على ضرورة "إشراك المجتمع المحلي" في هذه العملية لـ"تحقيق الاستدامة"، مؤكدًا على أهمية "تفعيل دور لجان الأحياء وتشجيع السكان على المشاركة في الحفاظ على نظافة أحيائهم مما يخلق مسؤولية مشتركة"، بالإضافة إلى تقديم حلول للأشخاص "الذين يقومون بفرز القمامة، وذلك من خلال العمل على توفير مراكز مخصصة لهذا الغرض"، الأمر الذي يرى أنه "يقلل نسبة جيدة من التلوث".
ضعف في البنية التحتية
يشرح مدير مشروع "النقد مقابل العمل" في منظمة "مابس"، محمد مأمون الدهمان، في حديثه لشبكة "الترا صوت"، التحديات التي يواجهها قطاع النظافة في عفرين، والتي يرى أن أبرزها "يتمثل في نقص الوعي المجتمعي بأهمية الالتزام بالنظافة العامة"، كما أنه يشير إلى وجود "ضعف في البنية التحتية وتوزيع الحاويات بشكل غير كافٍ"، مما يزيد "من صعوبة إدارة النفايات بكفاءة"، لافتًا أيضًا إلى أن "التحدي اللوجستي في نقل النفايات بشكل منتظم يمثل عبئًا إضافيًا، خاصة مع محدودية الموارد المتاحة لدينا ولدى المجلس المحلي".
كاميرا "الترا صوت – سوريا" تستطلع آراء المواطنين في سوق الخضار المركزي داخل مدينة #السويداء بعد سقوط نظام الأسد. pic.twitter.com/7huCXocT0F
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) December 27, 2024
ويشير دهمان إلى أنه للحد من ظاهرة رمي النفايات عشوائيًا، يعمل فريق "النقد مقابل العمل" على تنظيم "حملات تنظيف شاملة تتبعها جلسات توعية ميدانية". وإضافةً إلى ذلك، يتم إشراك أفراد المجتمع في الأنشطة عبر مبادرة "النقد مقابل العمل"، ويؤكد دهمان في حديثه على ضرورة "تعزيز التعاون مع المجلس المحلي في مدينة عفرين لتوفير المزيد من الحاويات، ووضع جدول واضح لترحيل النفايات، يُعد جزءًا من الحلول المستدامة".
ويضيف دهمان منوهًا إلى أن "التوعية المجتمعية" تُعد من الأنشطة الرئيسية للمشروع، والذي يتم من خلالها "تنظيم فرق عمل توعوية وجلسات حوارية تركز على أهمية النظافة وتأثيرها الإيجابي على الصحة العامة والبيئة، يتخللها توزيع منشورات توعوية"، فضلًا عن تنظيمهم أنشطة موجهة للأطفال. ويرى دهمان في نهاية حديثه لشبكة "الترا صوت" أن نجاح المشروع "يعتمد على التعاون الوثيق مع المجلس المحلي، عبر "التنسيق بشكل مستمر لضمان توفير المعدات اللازمة، ووضع الخطط المشتركة لضمان استمرار الأنشطة بشكل منظم، لضمان استدامة تأثير المشروع".