24-نوفمبر-2019

حصيلة ما نشر مغربيًا في 2017/2018 لا تتجاوز 4154 عنوانًا (أ.ف.ب)

تعاني وضعية صناعة النشر في المغرب "تواضعًا شديدًا" بحسب ما وصفها تقرير عن وضعية النشر والكتاب في المغرب لسنة 2017/2018.

وكشف التقرير الصادر عن مؤسسة عبدالعزيز بالدار البيضاء، أن حصيلة ما نشر مغربيًا للعام المذكور، لا تتجاوز 4154 عنوانًا، ما بين كتب ومجلات، إضافة للمنشورات الإلكترونية.

تعاني صناعة النشر في المغرب "تواضعًا شديدًا" إذ لم تبلغ العناوين المنشورة في 2017/2018، سوى 4154 عنوانًا

ورغم ما عرفه عام 2017/2018 من زيادة في النشر بنسبة 8.37% مقارنة بـ2016/2017، إلا أن الحال الآن هو الاعتماد بنسبة متزايدة على مطبوعات المؤسسات العمومية.

اقرأ/ي أيضًا: النشر في الفضاء المغاربي.. أحلام معلقة

وشكلت المنشورات العربية الجزء الأكبر من الإنتاج المغربي في النشر والطباعة، إذ بلغت 3263 عنوانًا، بنسبة تبلغ حوالي 78% من مجموع العناوين المنشورة، في مقابل ضعف النشر باللغات الأجنبية، خاصة الإنجليزية.

معرفة محصورة

من جهة أخرى، يمكن تلمس حصر النشر في المغرب على مجالات محدودة، المتعلقة غالبًا بالأدب والقانون والدراسات الإسلامية، في مقابل ضآلة النشر في مجالات أخرى مثل العلوم والاجتماع والسيكولوجيا والإدارة.

النشر في المغرب

يُرجع البعض ذلك إلى ضعف المستوى التعليمي في المغرب، إضافةً إلى عدم التجاوب مع حق الحصول على المعلومة. وبحسب التقرير السنوي لمؤسسة "سوشيال بروجرس إمبيراتيف" الأمريكية، والذي يتضمن ترتيب 149 دولة، بالاعتماد على 51 مؤشرًا على عدة مستويات من بينها التعليم والحقوق الشخصية والعامة؛ سجل المغرب معدلًا متواضعًا في مؤشة الوصول لمعرفة الأساسية، والمساواة في الحصول على التعليم.

وبحسب تقرير المؤسسة الأمريكية، حقق المغرب ما يقارب 72.43 نقطة، ليحتل بذلك المرتبة 101 عالميًا، من أصل 149 دولة تضمنها التقرير.

نشر غير منظم

"النشر في المغرب لا يرقى لوصفه بالعملية"، يُعلق الكاتب والروائي المغربي سفيان الروكي في حديث لـ"الترا صوت" على وضع النشر والطباعة في المغرب.

وأرجع الروكي سبب تدهور وضعية النشر في البلاد، إلى "عدم وجود توجه محدد أو معايير مقننة لأحقية الكتاب في النشر من عدمه"، مشيرًا إلى أن معظم دور النشر لا تتوفر على لجنة للقراءة والتقييم، معتمدة على دفع من يرغب في النشر، تكاليف الطباعة والنشر مسبقًا. 

ويعتقد الروكي أيضًا أن غياب التواصل الفعال بين دور النشر والمكتبات الموزعة من جهة ووزارة الثقافة من جهة أخرى، يفضي لـ"عدم وجود إستراتيجية ناجحة تساعد في دعم الإبداع وتشجيعه"، على حد قوله.

البحث عن الربح السريع

جانب آخر للقضية يتمثل في بحث دور ومؤسسات النشر عما أسماه سفيان الروكي "الربح السريع"، موضحًا: "هي تبحث عن أسماء ذات صيت داخل المجال، لتضمن نسبة مبيعات مرتفعة"، إضافة إلى أن الكثير من دور النشر تجبر المؤلف على دفع نفقات الطباعة والنشر.

النشر في المغرب

"أزمة النشر في المغرب مركبة"، يقول الكاتب عبدالكريم الجويطي، مشيرًا إلى أن من يدفع فاتورة هذه الأزمة هم الكتاب الشباب، موضحًا: "فدور النشر هي شركات ربحية، لذلك لن تغامر في الاستثمار في كتاب أول لا يضمن لها تغطية الحد الأدنى من المصاريف".

من جهتها لا يبدو أن دور النشر تنكر ذلك تمامًا، على الأقل، حسب ما صرح محمد ربيع بنعبو، رئيس دار نشر القرويين، لـ"الترا صوت"، قائلًا: "مؤخرًا ظهر إقبال كبير للشباب على خوض غمار تجربة نشر كتبهم. لكن الإشكال أن أغلب المؤسسات ودور النشر، لن تجازف بتحمل نفقات الكتاب الأول لصاحبه".

الدولة تسحب يدها

ثمة إجماع على انحسار دور الدولة ممثلة في وزارة الثقافة والاتصال، في دعم قطاع النشر بالمغرب، الأمر الذي أشار إليه سفيان الروكي بقوله إن المسؤول الأول عن "هذا العبث هو الدولة متمثلة في وزارة الثقافة".

ويقول الروكي إن وزارة الثقافة في المغرب "تقدم الجوائز في مجال الكتاب، بناءً على المصالح وتبادل الخدمات، وليس بناءً على قيمة الكتاب".

ويوافق الجويطي، الروكي، في تحميل المسؤولية بشكل أساسي للدولة، إذ قال لـ"الترا صوت": "تشجيع النشر من مسؤوليات الدولة"، غير أنه يضيف إليها القطاع الخاص والمؤسسات المدنية المعنية بـ"تنمية المجتمع".

ومن جهة الناشرين، فإن محمد ربيع يرى أيضًا أن "غياب الدعم الرسمي من الجهات المعنية كوزارة الثقافة ووزارة التربية الوطنية والتعليم ووزارة المالية" سبب في ما يعانيه قطاع النشر في المغرب من "مشاكل جمّة".

ويقول بنعبو إن "وزارة الثقافة في بلدان أخرى مصر أو لبنان أو تونس، تدعم العمل الثقافي"، بالإشارة تحديدًا إلى الأعمال الموجهة للأطفال، والتي يقول إن الوزارات في تلك البلدان تدعمها بنسبة 100%.

النشر في المغرب

كما يشير بنعبو إلى الإعفاء الضريبي المطبق على القطاعات المنتجة المشاركة في الصناعة الثقافية في تلك البلدان العربية المذكورة، الأمر الذي يقول إنه "عكس المغرب، حيث غياب الدعم والإعفاءات الضريبية".

حلول مقترحة للنجاة

التخطيط والتدبير، والتواصل بين الجهات المعنية، حلول يطرحها الكاتب والروائي سفيان الروكي لإصلاح قطاع النشر في المغرب، ويسبق عليها "التشخيص الدقيق للمشكل".

ويوافق الكاتب عبدالكريم الجويطي على الحاجة لدراسة الوضع بشكل جاد، مع تأكيده على ضرورة "انخراط كافة المؤسسات المعنية" من أجل الوصول ليس فقط لاقتراحات لإصلاح قطاع النشر، وإنما تفعيلها أيضًا.

ثمة إجماع بين الكتاب والناشرين على انحسار دور الدولة في دعم قطاع النشر بالمغرب

أما محمد ربيع بنعبو، متحدثًا من موقف الناشر، فيؤكد على وجود "حلول كثيرة لتجاوز الأزمة"، يذكر منها: تخصيص دعم من قبل وزارة الثقافة، والعمل على حملات تشجيع القراءة من قبل وزارة التربية الوطنية، ودعم وزارة المالية لدور ومؤسسات النشر بتطبيق الإعفاء الضريبي، وتسهيل الإجراءات الإدارية. مشيرًا، في النهاية، إلى ضرورة تسليط الضوء على أزمة النشر من قبل وسائل الإعلام المغربية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل المغاربة شعب لا يقرأ؟

المكتبات العامة في المغرب.. هل يأتي وقت تدعم فيه المكتبة واقع التعليم؟