04-نوفمبر-2016

صورة من إحدى المظاهرات التي اندلعت في المغرب احتجاجًا على مقتل محسن فكري (أ.ف.ب)

تتفاعل قضية "طحن" بائع السمك محسن فكري، في المغرب. إذ تواصلت المظاهرات في الحسيمة مطالبة بـ"إنزال العقاب" بالمتورطين في مقتله، بعد وعود حكومية بتوضيح ملابسات طحنه في شاحنة نقل للنفايات. ويحتدم الجدل على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث تتوالى التساؤلات حول ما إذا كان مسؤولًا ما أمر بتشغيل آلة الطحن في شاحنة النفايات ما أدى إلى مقتل البائع. وهو ما أثار غضبًا في الشارع المغربي، وتستمر المظاهرات، في ظل "قلق" حكومي من ازدياد "كرة" الاحتجاج، وآخر التداعيات إعلان مجموعة من اللجان الشعبية في مدينة الحسيمة (شرق شمال المغرب) عن تنظيم مسيرة احتجاجية، ومطالبة بـ"رفع الظلم"، الذي يعيشه أغلب سكان المنطقة والأرياف.

تتفاعل قضية طحن بائع السمك محسن فكري، في المغرب، إذ تواصلت المظاهرات مطالبة بـ"إنزال العقاب" بالمتورطين في مقتله

وشكلت الحسيمة الساحلية قلب الثورة ضد المستعمرين الإسبان في العشرينيات. كما أنها كانت مركز الاحتجاجات أثناء حركة 20 شباط / فبراير المغربية، الموازية لحركات الربيع العربي في العام 2011.

أقرأ/ي: المغرب..الغضب من "طحن" بائع السمك يتواصل

ويقول محمد الغلزوري، رئيس منتدى حقوق الإنسان لشمال المغرب، في مقابلة مع "إلترا صوت" إنه "تم تأجيل الاحتجاجات إلى اليوم، إذ ستنظم مسيرة شعبية ستنطلق من مدينة بوعياش إلى مدن أخرى وصولًا للحسيمة، تطالب بتحقيق نزيه وشفاف ورفع الظلم" عن أهل المنطقة، مشيرًا إلى معلومات تفيد بـ"وصول مجموعات حقوقية من أرجاء مدن المغرب للمشاركة في المسيرة الشعبية لمؤازرة سكان الحسيمة".

ووفق حقوقيين، فإن حادث طحن محسن في ناقلة نفايات، أظهر جليًا الفساد الذي يشهده قطاع الصيد البحري في الحسيمة، من خلال "تلاعب غير قانوني"، يحدث في هذا القطاع، الذي يعدّ أكثر القطاعات حيوية في المدينة.

ويقول الغلزوري إن "قضية فكري متشعبة ويجب فتح تحقيق نزيه على كل جوانب القضية، فمصرعه (محسن) بتلك الطريقة المأساوية ليس إلا جانبًا من جوانب الفساد الحقيقي الذي يعيشه القطاع الصيد البحري"، مضيفاً: "لا تتوفر في المدينة أي مرافق أو معامل صناعية أو شركات يمكن أن تعد ملجأ رزق للعديد من الشباب، لهذا يعدّ القطاع البحري المورد الوحيد للعديد منهم. فهو يشغّل أكثر من ألف شخص، لكن تزداد فيه نسب الفساد، حتى أصبح أحد أوجه التعامل بين المشتغلين في القطاع".

أقرأ/ي أيضًا: بوعزيزي مغربي..تاجر سمك "يطحن" دفاعًا عن بضاعته

إلى ذلك، قرر قاضي التحقيق إحالة 8 متهمين على الاعتقال الاحترازي واستمرار ملاحقة 3 آخرين وإطلاق سراحهم موقتًا. وأفاد بيان صادر عن المدعي العام بأن الاعتقال شمل رجلَي أمن ومندوب الصيد البحري ورئيس مصلحة في مندوبية الصيد البحري وطبيب رئيس مصلحة الطب البيطري، و3 عمال في شركة جمع النفايات. وأكد المدعي أن التحقيقات "لا تزال في مراحلها الأولى وأن قاضي التحقيق هو مَن يملك صلاحية إحالة هؤلاء إلى المحكمة".

يشرع ملف مقتل محسن فكري في المغرب الأسئلة حول الفساد المسشتري في قطاع الصيد

واتسع نطاق التحقيقات خارج دائرة المعتقلين الثمانية إلى داخل ميناء الحسيمة، حيث اشترى محسن فكري نصف طن من سمك أبو سيف، المحظور صيده وفق قرار صادر عن وزير الصيد البحري في عام 2013. وجاء في بيان رسمي أن تحقيقًا سيفتح في شأن الظروف التي جرى فيها شراء وإخراج كمية من السمك غير المرخص من الميناء.

وأشار البيان إلى أن وزير الداخلية محمد حصاد طلب من وزير العدل والحريات في الحكومة المنتهية ولايتها مصطفى الرميد "فتح تحقيق حول عمليات الصيد غير القانونية في منطقة الحسيمة، مع ترتيب الآثار القانونية على ضوء نتائجه".

وفي سياق متصل، فإن وسم "طحن مو" الذي انتشر على مواقع التواصل، ربطه نشطاء بأنه قيل عندما أمر رجل أمن سائق شاحنة النفايات بتشغيل آلية ضغط النفايات و"سحق" فكري، لكن لم يتم تأكيد هذه المعلومة. إذ أكد الوكيل العام للملك في الحسيمة، أنه "لم يثبت صدور أي أمر بالاعتداء على الضحية من طرف أي جهة"، موضحًا أن فرضية "القتل غير العمد" هي الأكثر ترجيحًا.

و أكد الأمن المغربي في بلاغ له أن "المزاعم التي تنسب لموظف شرطة إعطاء الأمر لسائق الشاحنة بتشغيل آلية الضغط على النفايات، المتصلة بالمقطورة، تبقى مجرد ادعاءات غير صحيحة"، مشيرًا إلى أن "ذراع التحكم في هذه الآلة الضاغطة يوجد في الجهة اليمنى في نهاية الشاحنة، ولا يمكن لسائق شاحنة النفايات أن يتحكم فيها، بل في الغالب مستخدمون آخرون".

وطالب وزير العدل والحريات في الحكومة المغربية المنتهية ولايتها مصطفى الرميد من سلطات بلاده الاستجابة لمطالب الرأي العام بإظهار حقيقة ما حدث لبائع السمك، منوهاً بـ"يقظة الشعب ومتابعته تطورات القضية في شكل صارم".

وقال الرميد وهو قيادي بارز في حزب "العدالة والتنمية" الإسلامي الحاكم إن "ما يطمئن أن لدينا رأياً عاماً يقظاً يتابع تطورات الملف في شكل صارم". وأضاف: "لا شك في أن هذا يدعو إلى أن تستجيب السلطات لما يطالب به الرأي العام من إظهار الحقيقة وإحقاق العدل". وأكد أنه "يتابع التحقيقات مثل كل المواطنين"، موضحاً أن الأمر صار بيد قاضي التحقيق للبت في مصير المتهمين "ونحن أجانب عن الملف إلا من خلال علاقتنا بالنيابة العامة (الادعاء العام) التي تقوم بمهماتها في إطار ما ينص عليه القانون". بيد أنه استدرك أن العدالة تسير في شكل طبيعي ولا توجد مدعاة للتوجس أو الريبة "فالأمور تتجه الآن في المسار الصحيح ولا شيء يدعو إلى التشبت بالشك والاتهام".

ويتماهى موقف الرميد مع ما صرح به رئيس الوزراء المكلف عبد الإله بن كيران الذي اعتبر أن الاحتجاجات "نوع من التعبير عن التضامن الشعبي مع بائع السمك والمطالبة بمحاسبة المسؤولين عن الحادث"، وفق ما نقله عنه الموقع الرسمي لحزبه. وعبّر بن كيران الذي كان دعا أنصاره إلى عدم التظاهر، عن تفهمه أسباب الاحتجاج، مشيرًا إلى أن "المزاج العام يوجه اللوم للمسؤولين بعامة حين تكون هناك حادثة مؤلمة، ولا يميز في اللحظات الأولى بين ما إذا كان المسؤول عن القضية شخصًا بعينه أو إدارة محددة".

أقرأ/ي أيضًا:

الدلالات السياسية لعودة المغرب للاتحاد الأفريقي

اعتقال سعد المجرد بتهمة الاغتصاب.. الجدل متواصل