17-أبريل-2018

نيكي بوش/ أمريكا

1

كنّا صغارًا حين قالت لنا البلاد

أغمضوا أعينكم لديّ مفاجئة

فأغمضنا أعيننا

وحين تأخرت عن قولِ افتحوا أعينكم

فتحنا أعيننا ببطءٍ

ولم نجدها.

 

2

حين دفنوهم

كانت تمطر بغزارةٍ

بغزارةٍ

بغزارةٍ..

بغزارةِ الرشّاش الموجّه ضدّ المظاهرة

بغزارة دموع الثوّار وهم ينسحبون من المدن بالشاحنات

حين دفنوهم

لم يكن قد بقي منهم شيء

فدفنوا قميصًا، قبّعةً، ساعة يد!

 

3

حسنٌ.. حسنٌ

قد تتركك النساءُ ويتقلّبنَ في أسرةِ غيركَ

قد ترى سياسيًّا تكرهه كثيرًا على التلفاز

قد تجد كاتبًا رديئًا يحوزُ الجوائز

قد تجدُ صعوبة في النوم مرارًا وتمضي في منتصف الليل الى الصيدليّة

لشراءِ حبوب وجع الرأس

قد تستمع إلى أغاني الإذاعات السخيفة وأنت تنتظرُ دورك على الطابور في المتجر

وفي محلّ الحلاقة وبينما تنتظرُ دوركَ قد تقرأ في مجلةٍ أصدرت في العام 1990

قد تقضمُ القسمَ المتعفّنَ من التفاحةِ عن طريقِ الخطأ

قد تجرح ذقنكَ وأنت تحلقها

وقد يخيّل لك أنّكَ قد جنِنْتَ

ولكنْ هذا عاديّ

يحدثُ لمديرك في العمل

لفتاة تحادثُ نفسها كلّما جلست على كرسي الحمّام.

وقد نعرفُ أنّ ما تفعله الأكاديميات في الغالب

هو استنساخُ المهرّجين

وأنّ الطريق أجمل من الوصول

وأنّ للصمت ضجيجًا أيضًا

وأنّ ترحالك الطويل يعني: تغييرك للحجارةِ فقط

وأنّ مشافي المجانين ممتلئة بضحايا الحظّ السيّئ

وأنّ الحقيقة الوحيدة هي أنه: ليس هناك حقيقة!

 

وأن القصيدة أيضًا تمرض

أيضًا يقفُ الأطبّاء حولها حيارى

أيضًا تسافرُ وتحجزُ غرفةً في فندق

أيضًا تحبّ وتنخذل.. تحبّ وتنخذل.. تحبّ وتنخذل

أيضًا تنام وتزورها الكوابيس

أيضًا تمضي في زورقٍ عندَ طلوع الفجرٍ

أيضًا تريدُ شراء قطّة

أيضًا يصطدم كتفها بالعابرين في المحطّات

أيضًا تصنعُ السلطة

وتضع البطاطا في الفرن

أيضًا تهدّدُ بالهجران

أيضًا تضحكُ بشكلٍ هيستري سكرانة في سيّارةٍ مغلقةٍ تحت المطر

والقصيدة

تقتحم الغرفةَ فجأةً

وتطلقُ في رأسي رصاصة

والقصيدة كالناس

أو القصيدة هي الناس

لكنّها لا تموت!

 

4

لقد كانَ رحيلكِ

حادثًا شعريًّا مروّعًا

حيثُ ارتطمتِ بمجازٍ مسرعٍ

البارحة صباحًا

وقبل أن أغسلَ وجهي

صادفتُ فرشاة أسنانك على رفّ المغسلة

فبكيت!

 

5

منذ أن ولدت وأنا أجوب الأرض بحثًا عن الكاميرا الخفيّة لإنهاء هذا المقلب السخيف

منذ أن ولدت

وأنا أحاول أن أجد دواءً لتبوّلي اللاإرادي على العالم

أعيش قربَ حياتي

كأنّها جاري الذي التقيه مصادفةً في المصعد أو عند باب المدخل

كأنّها صديق قديم اختلفنا يومًا في وجهات النظر ولم نعد نتحادث

أعيش قربَ حياتي

بحيادٍ تام

بعدَ كسّرتُ أحلامي كما تكسّر امرأةٌ مهجورةٌ أواني المطبخ

وقلبّت قلبي على نارٍ هادئة

ثمّ قطّعتهُ بالشوكة والسكّين

أكلتهُ

وكانَ لذيذًا جدًا

...................

...................

أنا في آخر الأرض

والدنيا بردْ

بردْ

أنتظرُ باصَ الموتى.

 

اقرأ/ي أيضًا:

الخاتمة التي لن تكون

تأخر الصيف كثيرًا هذا العام