قصور الثقافة في مصر.. واقع مزري وانكماش مقلق
12 يونيو 2025
استيقظ المصريون قبل أيام على قرار وزارة الثقافة بإخلاء 120 مقرًا من بيوت الثقافة والمكتبات المؤجرة في عدد من المحافظات، وتسليمها إلى مالكيها، مع إعادة توزيع العاملين فيها، في خطوة اعتبرها مثقفون كارثية وضربة موجعة في جدار الثقافة الهشّ ونخرًا في عظم العقل الجمعي المرتبك.
وجاء القرار الصادر عن مساعد وزير الثقافة لشؤون رئاسة الهيئة العامة لقصور الثقافة، بناءً على موافقة مجلس إدارة الهيئة في جلسته رقم (324) المنعقدة بتاريخ 5 أذار/ مارس 2025، والموقع من وزير الثقافة بتاريخ 13 من الشهر ذاته، محددًا مهلة نهائية لتنفيذ الإخلاء في موعد أقصاه 29 أيار/ مايو الماضي.
وتتعارض تلك الخطوة مع المادة (48) من الدستور المصري التي تنص على أن "الثقافة حق لكل مواطن، تكفله الدولة وتلتزم دعمه وإتاحة المواد الثقافية بجميع أنواعها لمختلف فئات الشعب، من دون تمييز بسبب القدرة المالية أو الموقع الجغرافي أو غير ذلك، وتولي اهتمامًا خاصًا بالمناطق النائية والفئات الأكثر احتياجًا".
قررت وزارة الثقافة إخلاء 120 مقرًا من بيوت الثقافة والمكتبات المؤجرة في عدد من المحافظات، وتسليمها إلى مالكيها
وتُعد قصور الثقافة بأشكالها المختلفة أحد المرتكزات التي ساهمت في تخريج أجيال من كبار الأدباء والمثقفين، وشكلت الوعي المصري لعقود طويلة، وكان لها الفضل في الحفاظ على الهوية المصرية في مواجهة حملات التغريب الممنهجة، فكانت الجسر الذي تحطمت عليه أمواج الغزو الفكري المتلاطمة والتي أطاحت بالعديد من الشطآن العربية.
ويمثل غلق تلك الكنوز الثقافية جرس إنذار شديد اللهجة، يحمل بين طياته مخاوف عدة بشأن مستقبل الثقافة المصرية، وسط تحذيرات من تبعات ما تتعرض له تلك الكنوز من إهمال وتجاهل وتجريف وغياب الرؤى، في ظل تحديات وتهديدات جذرية فرضتها التطورات التكنولوجية وثورة الاتصالات الهائلة التي فرضت تموضعات جديدة تتطلب تعاطيًا مغايرًا عما كانت عليه في السابق.

80 عامًا من الحضور
عرفت مصر قصور الثقافة في أربعينيات القرن العشرين، حين تأسس أول ناد ثقافي في قلب القاهرة عام 1945، حيث تطورت الفكرة لاحقًا إلى إنشاء كيان مؤسسي رسمي للإشراف على تلك القصور، ومن هنا جاء تأسيس الهيئة العامة لقصور الثقافة عام 1966، والتي تحولت فيما بعد إلى ذراع وزارة الثقافة لنشر الثقافة في شتى المحافظات والبلدان النائية.
ويٌعرف موقع وزارة الثقافة المصرية الهيئة العامة لقصور الثقافة بأنها "إحدى المؤسسات الثقافية ذات الدور البارز في تقديم الخدمات الثقافية والفنية، وهي هيئة مصرية تهدف إلى المشاركة في رفع المستوى الثقافي وتوجيه الوعي القومي للجماهير في مجالات السينما والمسرح والموسيقى والآداب والفنون الشعبية والتشكيلية، وفي نشاط الطفل والمرأة والشباب وخدمات المكتبات في المحافظات".
وبحسب الموقع، فقد أُنشئ هذا الكيان في البداية تحت مسمى "الجامعة الشعبية" عام 1945، ثم تغيّر اسمه عام 1965 إلى "الثقافة الجماهيرية". وفي عام 1989، صدر قرار جمهوري بتحويله إلى هيئة عامة ذات طبيعة خاصة تحت اسم "الهيئة العامة لقصور الثقافة".
وهناك قائمة مطولة من الأهداف المنوط بتلك الهيئة القيام بها على رأسها إيصال الثقافة إلى جميع فئات المجتمع، لا سيما في المناطق الريفية والمهمشة، من خلال تقديم خدمات ثقافية متنوعة تشمل المسرح، السينما، الموسيقى، المكتبات، المعارض، والأنشطة الأدبية والتعليمية.
البعض يرجع فكرة تأسيس الهيئة إلى وزير الثقافة الراحل ثروت عكاشة (1921 – 2012) والذي عُيّن وزيرًا لوزارة الثقافة والإرشاد القومي (وزير الإعلام) في الفترة من 8 تشرين أول/ أكتوبر 1958 حتى 19 أيلول/ سبتمبر 1960، حيث يُنسب إليه الفضل في مساعي نقل الثقافة من قلب العاصمة إلى النجوع، ومن المراكز الرئيسية للمحافظات إلى القرى والمناطق النائية.
وتؤدّي قصور الثقافة أدوارًا عدّة، من بينها نشر الثقافة بين الفئات المهمّشة، إذ تسهم في كسر المركزية الثقافية في القاهرة، ونقل الفنون والآداب إلى الريف، والصعيد، والقرى النائية. كما تُعنى برعاية المواهب، من خلال توفير منصات لاكتشافها ودعمها في مجالات الأدب، الفنون التشكيلية، المسرح، والموسيقى.
هذا بجانب تنمية الوعي الوطني من خلال أنشطة مرتبطة بالتاريخ والتراث الوطني، تسهم القصور في تعزيز الانتماء الوطني والتوعية بالقضايا الاجتماعية والسياسية، فضلا عن مقاومة الفكر المتطرف، حيث توفر بيئة ثقافية بديلة تعمل على نشر الفكر المستنير ومواجهة التطرف والغلو من خلال الحوار والفن، بجانب المساهمة في التنمية الثقافية المتكاملة، كونها تلعب دورًا تكامليًا مع المدارس، والجامعات، والمكتبات، ووسائل الإعلام في تشكيل وعي المواطن.
وتنقسم المواقع الثقافية المنتشرة في مختلف ربوع الجمهورية إلى أشكال عدة، أبرزها "قصور الثقافة الكبرى"، وهي منشآت ضخمة في عواصم المحافظات، تشمل مسارح ومكتبات وقاعات عرض، و"بيوت الثقافة" والتي تقع في المدن الصغيرة والمراكز، و"مكتبات ثقافية" وهي التي توفر مصادر معرفية وخدمات القراءة والأنشطة للأطفال والكبار، ثم "نوادي الأدب والسينما والمسرح"، تلك التي تنظم لقاءات وعروضًا ومسابقات في هذه المجالات.

انكماش وتراجع
تتأرجح التقديرات الخاصة بعدد المواقع الثقافية التي تمتلكها الدولة المصرية، إلا أن معظمها يشير إلى أنها لا تقل عن 500 موقع متنوع، ما بين قصور وبيوت ثقافة ومكتبات ومراكز ودور سينما، منتشرة في ربوع الجمهورية، وإن كانت تتباين فيما بينها من حيث الإمكانيات والقدرات وحجم الأنشطة.
وفي تقرير صادر عن الجهاز المركزي للتعبئة العامة والإحصاء (حكومي) عام 2022 فقد شهدت قصور الثقافة في مصر تراجعًا واضحًا خلال السنوات الأخيرة، بداية من عام 2017 الذي شهد أول منحنيات الانحدار، حيث انخفض من 594 موقعًا ثقافيًا في عام 2016 إلى 347 موقعًا في عام 2021.
وبحسب ما نشرته العديد من وسائل الإعلام فإن أقل من نصف تلك المراكز هي التي تعمل بالفعل، أما النصف الباقي فخارج نطاق الخدمة، إما عن طريق الغلق لأي سبب من الأسباب أو نتيجة الإهمال وعدم التطوير والافتقار للحد الأدنى من القدرات والبنى التحتية والإمكانيات التي تؤهل تلك المراكز للعمل ميدانيًا.
وفي حال إدراج الـ 120 مقر ثقافي الذي تم أغلاقهم بقرار وزير الثقافة نهاية أيار/مايو الماضي فإن العدد الفعلي المتبقي للمراكز الثقافية المصرية لن يتجاوز مائتي مركز، مقسمين على 27 محافظة، يلبون احتياجات أكثر من 110 مليون مواطن، وهي نسبة ضئيلة للغاية، تجعل من الصعب إن لم يكن من المستحيل القيام بالدور المنوط بها في نشر الثقافة الجماهيرية في هذا الوقت الحرج الذي تمر به الثقافة المصرية من مخططات التغريب والتسطيح والتجهيل.
واقع مزري
العشرية الأخيرة على وجه الخصوص شهدت قصور الثقافة تراجعًا ملحوظًا في مستويات بنيتها التحتية ومرافقها العامة فضلًا عن الأنشطة الثقافية التي تقوم بها والتي دفعت بعض الأدباء إلى هجرانها بشكل لافت بعدما تحولت إلى ما يشبه "الدكاكين" المهجورة، لا تملك من الثقافة إلا اسمها فقط، أما الواقع فهو أبعد ما يكون.
من جانبه يقول الكاتب والأديب عيد صلاح الدين إن كثيرًا من المواقع الثقافية تعاني أوضاعا شديدة الصعوبة، منوهًا أن بعضها عبارة عن شقق مستأجرة أو مكاتب ضيقة لا تتجاوز مساحتها 25 مترًا، متسائلًا: "كيف يمكن لقصر ثقافة بتلك المساحة الضيقة وهذه الإمكانيات المحدودة أن يستضيف ندوة أو فعالية يحضرها العشرات؟"
ويضيف صلاح الدين في حديثه لـ "الترا صوت" أنه قبل 15 عامًا تقريبًا كان حريصًا على زيارة قصر ثقافة حلوان، بمحافظة القاهرة، مرة أو مرتين أسبوعيًا، لكنه اليوم بالكاد يزوره مرة كل شهرين، بعدما وصل إلى مستويات متدنية، حيث الإهمال الذي تسبب في توسيع الفجوة بين المركز والأنشطة الثقافية المعتادة، فضلًا عن تآكل الأنشطة الثقافية وتراجعها بشكل كبير.
الرأي ذاته ذهب إليه الكاتب السيد الربوة والذي كشف عن حجم التدهور الذي أصاب العشرات من قصور الثقافة في المحافظات والمناطق النائية على وجه الخصوص، والبعيدة نسبيًا عن أعين الرقابة والمحاسبة، مستشهدًا بواقعتي قصرَى ثقافة الأقصر وقصر ثقافة الطفل بمدينة الأقصر، واللذين تحولا إلى بؤر للتنقيب عن الأثار بعد الإهمال الشديد الذي ضربهما، وهي الواقعة التي اكتشفها وزير الثقافة مؤخرًا وأثارت موجة غضب على مواقع التواصل الاجتماعي.
وأوضح الربوة في حديثه لـ"الترا صوت" أن كثيرًا من قصور الثقافة خرجت من دائرة اهتمام الجمهور، من بينها قصر "روض الفرج" المحاط بزحام الميكروباص، والذي يُعد الدخول إليه مغامرة غير مضمونة. وكذلك قصر "الريحاني"، القابع تحت التطوير منذ أكثر من عشرين عامًا، ظل خلالها خارج نطاق الخدمة. أما قصر ثقافة 'عين حلوان'، فرغم تصميمه المبدع الذي يُعدّ تحفة فنية بشهادة الجميع، فإنه نادرًا ما يفتح أبوابه أمام الرواد. هذا إلى جانب العديد من القصور الأخرى المغلقة بداعي التحسينات.
تحركات برلمانية
شهدت الساحة البرلمانية تحركات عدة من عدد من النواب تنديدًا بقرار غلق 120 وحدة ثقافية ما بين بيوت ومكتبات، مطالبين بالتراجع عن هذه الخطوة، معتبرين أن المضي قدما في هذا المسار مخاطرة تهدد الحياة الثقافية المصرية وتجهض كافة مساعي التنوير وتساعد على انتشار الجهل والتخلف.
البداية كانت مع النائبة مها عبد الناصر التي تقدمت بطلب إحاطة موجه إلى وزير الثقافة ورئيس مجلس النواب، وصفت فيه هذا القرار بأنه "كارثة ثقافية تمسّ أحد أهم أدوات الدولة في نشر التنوير ومواجهة الجهل والتطرف"، معتبرة أن الإغلاقات تتم إما تحت ذريعة التطوير، أو باسم ترشيد الإنفاق، أو بادعاء ضعف إقبال الجمهور، وهو ما اعتبرته توجهًا عامًا نحو التخلي التدريجي عن الدور التنويري للدولة.
وأشارت عبدالناصر إلى أنه وفقًا لتقارير صادرة عن الهيئة العامة لقصور الثقافة، هناك ما يزيد على 120 بيت ثقافة ومكتبة في قرى مصر تُدار حاليًا دون مدير دائم ولا تقدم أي أنشطة ثقافية فعلية، وبعضها يُستخدم كمخازن والبعض الأخر مهجور، حيث إن أكثر من 60 % من هذه المؤسسات لم تنظم فعالية واحدة خلال عام 2024، وهنا نجد أن معظم ميزانية الهيئة العامة لقصور تذهب على أجور وبدلات إدارات لا تزور مواقعها أصلًا.
كما انتقدت غياب خطة حكومية واضحة لإعادة تشغيل المواقع المغلقة أو تطويرها، محذّرة من تصريحات بعض المسؤولين التي تُلمّح إلى إمكانية تحويل هذه المؤسسات إلى مشاريع "استثمارية ثقافية" بالشراكة مع القطاع الخاص، مما قد يؤدي، على حد تعبيرها، إلى "خصخصة الثقافة" وتحويلها إلى سلعة تُتاح فقط لمن يملك ثمنها، بدل أن تظل حقًا عامًا لجميع المواطنين.
وفي ذات السياق تقدّم النائب الدكتور فريدي البياضي، عضو المجلس ونائب رئيس الحزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، بطلب إحاطة عاجل موجّه إلى رئيس الوزراء ووزير الثقافة، وذلك ردًا على ما أثير بشأن تحويل بعض بيوت الثقافة إلى "حضانات" بالتعاون مع وزارة التضامن الاجتماعي، معبرًا عن رفضه لهذا التوجه الذي وصفه بـ"العبث بالدور الثقافي للدولة".
وأوضح البياضي أن تحويل بيوت الثقافة إلى حضانات ليس تطويرًا كما يدعي البعض، بل تفريغًا لمحتواها الثقافي في وقت تحتاج فيه مصر إلى تعزيز الفكر ومواجهة التطرف عبر المعرفة والفن، مطالبًا الحكومة بوقف أي إجراءات في هذا الاتجاه، وإعلان خطة واضحة لتطوير قصور الثقافة، وفتح تحقيق عاجل في أسباب تدهور أوضاعها، ومحاسبة المسؤولين عن الإهمال المتراكم في هذا الملف.
5 تحديات رئيسية
تواجه قصور الثقافة في مصر العديد من التحديات والعراقيل التي تعيق أداءها وتحيدها عن الطريق المرسوم لها في نشر الثقافة الجماهيرية وتوعية العقل الجمعي الشعبي المصري في مواجهة أمواج التغريب المتلاطمة، على رأسها ضعف الإمكانيات المادية والبنية التحتية، حيث تعاني الكثير من القصور من ضعف التمويل، مما يؤدي إلى تهالك المباني، نقص الأجهزة والتقنيات الحديثة، وقلة الموارد المكتبية والفنية، إذ أن بعض القصور تعمل في مبانٍ غير مؤهلة أو تحتاج إلى صيانة عاجلة.
جدير بالذكر أن ميزانية وزارة الثقافة تبلغ نحو مليار و800 مليون جنيه، نصيب الهيئة العامة لقصور الثقافة منها 682 مليون جنيه سنويًا (13.6 مليون دولار) يذهب الجزء الأكبر منها (92.5%) لصالح أجور ومرتبات العاملين، بينما تُخصص نسبة أقل للنشاط الثقافي، وهو الرقم الذي لا يمكنه تغطية نحو 22 محافظة بالأنشطة الثقافية الكافية.
وزارة الثقافة بإخلاء 120 مقرًا من بيوت الثقافة والمكتبات المؤجرة في عدد من المحافظات، وتسليمها إلى مالكيها
هذا بجانب قلة الكوادر المدربة، إذ يواجه قطاع الثقافة الجماهيرية نقصًا في الكفاءات المؤهلة لإدارة البرامج والأنشطة، سواء في مجال الفنون أو الإدارة الثقافية، وفي ظل تراجع الأجور وميزانيات الموارد البشرية فغالبًا ما يتم الاعتماد على موظفين إداريين يفتقرون للخبرة الفنية أو التربوية المطلوبة.
كما يمثل ضعف الإقبال الجماهيري تحديًا محوريًا في مسار عمل قصور الثقافة، فبسبب ضعف الترويج للأنشطة، أو لارتباط القصور بصورة نمطية بأنها "جهات حكومية مملة"، فإن عددًا كبيرًا من الجمهور – خصوصًا الشباب – لا يتفاعل مع ما تقدمه هذه المؤسسات، علاوة على البيروقراطية الإدارية التي تعاني منها الهيئة العامة لقصور الثقافة والتي التي تعرقل تطوير الأنشطة أو التعاون مع جهات خارجية، إلى جانب المركزية الشديدة في اتخاذ القرار.
وفي الأخير تمثل التطورات التكنولوجية وثورة الاتصالات الهائلة والاعتماد على التكنولوجيا الرقمية أزمة حقيقية تعيق عمل قصور الثقافة التي لا تتواكب مع تلك التطورات بالشكل الكاف، ما جعلها بعيدة عن أدوات العصر الحديث في الوصول إلى الجمهور الذي بدأ في العزوف عنها رويدًا رويدًا.
ومن أجل الارتقاء بالمنظومة الثقافية الشعبية في مصر لابد وأن تتوفر الإرادة السياسية لذلك، وأن تكون هناك رؤى وخطط مستقبلية لتطوير هذا القطاع الهام، منذ مراحل التعليم الأولى وحتى ما بعد الجامعة، وأن يُعاد النظر في ميزانيات الثقافة والكوادر التي تدير تلك المنظومة، إذ أن دعم النشاط الثقافي لم يعد ترفًا كما كان في السابق، بل استثمار في بناء الإنسان وحماية الهوية في ظل تلك البيئات المتغيرة والمضطربة والتي تجعل من التشبث بالهوية مسألة أمن قومي.