05-يناير-2020

آثار القصف داخل الكلية العسكرية في طرابلس (أ.ف.ب)

اتهم المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق برئاسة فائز السراج، "طيرانًا أجنبيًا" مواليًا لخليفة حفتر، باستهداف الكلية العسكرية في العاصمة الليبية طرابلس، مساء السبت الرابع من كانون الثاني/يناير 2020.

تعرضت الكلية العسكرية بطرابلس لقصف جوي تتهم حكومة الوفاق طيرانًا أجنبيًا مواليًا لحفتر بتنفيذه بينما ينفي حفتر علاقته بالقصف

في المقابل نفى اللواء خالد المحجوب، آمر إدارة التوجيه المعنوي في الجيش الوطني التابع لحفتر، مسؤولية قوات حفتر عن القصف الذي استهدف الكلية العسكرية بطرابلس، متهمًا جهات تعمل تحت لواء حكومة الوفاق باستهداف الكلية.

اقرأ/ي أيضًا: تصعيد متواصل في ليبيا.. ما السيناريوهات المحتملة أمام الأزمة؟

من جانبها، أصدرت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، بيانًا أدانت فيه استهداف الكلية العسكرية جنوبي العاصمة طرابلس، ما أسفر عن سقوط عشرات الضحايا بين قتلى وجرحى.

وقالت البعثة الأممية عبر صفحتها على فيسبوك: "التصعيد المتنامي في الأعمال العسكرية على هذا النحو الخطير، يزيد من تعقيد الأوضاع في ليبيا، ويهدد فرص العودة للعملية السياسية".

وأضافت البعثة الأممية أن "التمادي المستمر في القصف العشوائي الذي يطال المدنيين والمرافق المدنية الخدمية كالمستشفيات والمدارس وغيرها، قد يرقى إلى مصاف جرائم الحرب، ولن يفلت الجناة من العقاب طال الزمن أو قصر".

اتهامات متبادلة

أصدر المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق الليبية، بيانًا أدان فيه القصف الذي استهدف الكلية العسكرية بطرابلس، من قبل ما قال البيان إنه "طيران أجنبي تابع لخليفة حفتر".

ووفقًا لمركز الطب الميداني والدعم، خلّف القصف نحو 30 قتيلًا و33 جريحًا. وعليه أعلنت حكومة الوفاق الحداد ثلاثة أيام على أرواح الضحايا، مطالبةً المجتمع الدولي بالتدخل لوقف ما وصفته بـ"جرائم مجرم الحرب خليفة حفتر، المعتدي المدجج بالأسلحة والمرتزقة، ويستهدف من هذه العمليات الإرهابية المتكررة زعزعة استقرار وأمن العاصمة"، بحسب ما ورد في البيان.

من جانبها نفت قوات حفتر مسؤوليتها عن الهجوم. وقال خالد المحجوب، خلال مداخلة تلفزيونية، إن جيش حفتر "ليس له علاقة بالقصف الذي استهدف الكلية العسكرية في طرابلس"، متهمًا مجموعة مسلحة موالية للوفاق، هي كتائب عبد الغني الككلي، بالتورط في قصف الكلية العسكرية، بغرض تشويه قوات حفتر، و"التشويه ليس في صالح الجيش الوطني"، على حد قول المحجوب.

ألعاب "الطيران الأجنبي"

ولم تكن تلك المرة الأولى التي تتهم فيها حكومة الوفاق "طيرانًا أجنبيًا" تابعًا لدول داعمة لحفتر، باستهداف مواقع عسكرية ومدنية في كل من مصراتة وطرابلس، منذ بداية الحملة العسكرية على طرابلس في نيسان/أبريل الماضي.

وبالجملة، فإن تبادل الاتهامات بين أطراف الصراع في ليبيا، باستدعاء كل طرف لدعم عسكري خارجي؛ بات من الأمور المعتادة في خضم الحرب التي تشهدها البلاد.

وعقب الهجوم على الكلية العسكرية، اتهم ناصر عمار، آمر قوة الإسناد في القوات التابعة لحكومة الوفاق، طائرات إماراتية مسيرة بقصف الكلية العسكرية. وقال عمار في مداخلة تلفزيونية، إن الطائرات "خرجت من قاعدة الخروبة، التي باتت قاعدة إماراتية على الأراضي الليبية".

في المقابل، وبعد ساعات من قصف الكلية العسكرية، اتهم أحمد المسماري، المتحدث باسم جيش حفتر، طيرانًا تركيًا مواليًا لحكومة الوفاق، بتنفيذ غارة جوية على قاعدة الوطية غربي ليبيا، ما أسفر عن مقتل ثلاثة أشخاص وإصابة ستة أخرين.

وكان الناطق الرسمي باسم القوات التابعة للوفاق،  محمد قنونو، قد صرح اليوم الأحد، الخامس من كانون الثاني/يناير 2020، بأن قواته استهدفت تمركزات لقوات حفتر في قاعدة الوطية الجوية.

وتساند حفتر عدد من الدول، على رأسها مصر والإمارات والسعودية وفرنسا. في المقابل تساند تركيا فائز السراج. ومؤخرًا أعلنت تركيا اعتزامها إرسال قوات عسكرية لدعم حكومة السرّاج، في ظل السيطرة الجوية للقوات الموالية لحفتر.

وخلال الأسابيع الماضية شهدت طرابلس العديد من الهجمات الجوية التي اتهمت حكومة الوفاق حكومات خارجية بتنفيذها، ففي 28 كانون الأول/ديسمبر استهدف طيران تابع لحفتر معهد الهندسة التطبيقية بمدينة الزاوية. وفي 26 كانون الأول/ديسمبر، أدان المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق قصف "طيران أجنبي داعم لخليفة حفتر"، استهدف محالًا تجارية في مدينة الزاوية أيضًا، كما أدان قصفًا آخر استهدف، في 24 كانون الأول/ديسمبر الماضي، منطقة بئر الأسطى ميلاد بتاجوراء، ما أسفر عن مقتل وإصابة عدد من المواطنين.

وفي 20 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وبعد إعلان حكومة الوفاق تصديقها على طلب الدعم من تركيا، وفقًا لمذكرة التفاهم الموقعة بين الطرفين في تشرين الثاني/نوفمبر 2019؛ شنت طائرات عسكرية، قالت حكومة الوفاق إنها أجنبية، غارات جوية على عدة أهداف في مدينة مصراتة، بينها معسكر الدفاع الجوي ومعسكر كتيبة حطين.

لكن هذه المرة، اعترف أحمد المسماري المتحدث باسم جيش حفتر، بمسؤولية الجيش عن القصف الجوي، معلنًا منح مهلة مدتها ثلاثة أيام لما أسماها "مليشيات مصراتة" لسحب مقاتليها من طرابلس وسرت.

كما اتهمت حكومة الوفاق "طيرانًا أجنبيًا" داعم لحفتر، بقصف مطار معيتيقة لعدة مرات، كان أبرزها في 13 كانون الأول/ديسمبر الماضي، وفي الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي. كما حمّلت الوفاق في 16 أيلول/سبتمبر، "طيرانًا أجنبيًا" مسؤولية مقتل اثنين في غارة جوية على مواقع تابعة للوفاق في سرت.

خليفة حفتر وفائز السراج
بات من الأمور المعتادة تبادل الاتهامات بين أطراف الصراع في ليبيا باستدعاء كل طرف للدعم الخارجي

هذا وتتصاعد العمليات العسكرية والقصف المستمر من جانب قوات خليفة حفتر، في محاولة لاقتحام العاصمة الليبية طرابلس قبل وصول الدعم العسكري التركي المتوقع بعد موافقة البرلمان التركي تفويض رجب طيب أردوغان بشأن إرسال قوات عسكرية لليبيا، على ضوء مذكرة التفاهم الأمنية الموقعة بين حكومة الوفاق والحكومة التركية في تشرين الثاني/نوفمبر الماضي.

ومن المتوقع أن يؤدي التدخل العسكري التركي في ليبيا إلى تفاقم الأوضاع، خاصة مع إعلان مصر وجامعة الدول العربية، رفضها التام للتدخل التركي، معتبرةً إياه عدوانًا عسكريًا.

من المحتمل نشوب حرب إقليمية في ليبيا طرفاها: مصر بحدود طويلة مع ليبيا وتركيا التي تبحث عما يعزز موقفها في شرق المتوسط

وفي المقابل أجرت القوات المسلحة المصرية تدريبات عسكرية مكثفة خلال الأسابيع القليلة الماضية، ما اعتبره مراقبون استعراضًا عسكريًا على ضوء احتمالية نشوب حرب إقليمية على الأراضي الليبية، طرفاها الرئيسيان مصر التي تتشارك مع ليبيا حدودًا بطول 1115 كيلومتر، وتركيا التي تبحث عن ورقة تعزز موقفها في شرق المتوسط.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

 المحاصصة المناطقية في ليبيا.. الخطر الأكبر

مغامرات حفتر الجديدة إلى طرابلس.. أي مصير؟