12-مارس-2016

تضطر العديد من المغربيات إلى الإجهاض (عبد الحق سنا/أ.ف.ب)

لعل غريزة الأمومة هي أبرز ما يميز النساء، إلا أن كلمة القدر تكون أحيانًا أقوى من فطرة الأمومة، فمن خلال أحداث تمر بالمرأة تختار الأخيرة قرار التخلي عن فلذة كبدها أو الإجهاض. في المغرب تتوفر حالات وقصص إنسانية عديدة لنساء قررن الإجهاض، فحسب الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، يسجل ما يقارب ألف حالة حمل غير مرغوب فيه يوميًا في المغرب.

يقدر عدد الحمل غير المرغوب فيه في المغرب بألف حالة يوميًا، حسب الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري

حياة، من بين هؤلاء النسوة وقد اكتشفت أنها حامل في وقت لا يجب أن تتحمل فيه مسؤولية رضيع. حياة هكذا فضلت تسمية نفسها، لا تتعدى العشرين عامًا، تقول إن "لا رغبة لها في العيش، فلا مستقبل لها، ولا يمكنها أن تسمح لجنين أن يعيش في أحشائها وهي لا تعرف كيف تدبر أمورها". تحكي حياة، وهي عاملة في أحد المصانع بالدار البيضاء، أنها لم تتعرف على والدتها طيلة حياتها، إذ تخلت عنها وهي رضيعة لم تتجاوز السنتين وتنازلت عنها لأبيها، بدوره لم يستطع تحمل مسؤوليتها وفضل أن يعطيها لوالدته، وهكذا تربت حياة مع جدتها العجوز في بيت للإيجار.

اقرأ/ي أيضًا: الجزائريون في رحلة بحث عن الإنجاب

مرت سنوات وبدأت حياة تتفتح مثل وردة جميلة كلها أمل وفرح بالمستقبل، تواصل حديثها لـ"الترا صوت"، وهي شاردة: "حاولت جدتي تربيتي والاهتمام بي، إلا أنني كنت أحس دائمًا أنني فتاة غير مرغوب فيها، لم أحس بالعاطفة أبدًا، كنت مراهقة أحتاج إلى نصيحة والدتي أو اهتمام والدي، لكن دون جدوى، فقد تخلوا عني".

أمام هذا الفراغ تعرفت حياة على شاب يكبرها ببضع سنوات، تتحدث عنه لـ"الترا صوت": "يقول إنه يحبني، أما أنا فبصراحة لا أعرف إن كنت أحبه أم لا، وعدني بالزواج وأنا وافقت، بالنسبة لي الأهم الآن هو تأسيس بيت مع رجل يعوضني عن كل الحرمان الذي عشته، فأنا لا أملك خيارًا آخر، كما أن والدته ستقطن معنا، وبمجرد رؤيتها قررت أن تكون أمي البديلة، فأنا لا أعرف حنان الأم من قبل".

وبالفعل وافق والد حياة على تزويجها رغم صغر سنها. مرت بضع أشهر اكتشفت حياة خلالها أن حياتها لن تكون وردية أبدًا. الشاب الذي أحبته مدمن مخدرات، والأم التي ستعاملها مثل والدتها توفيت بعد أشهر بسكتة قلبية، لتجد نفسها وحيدة مع مدمن مخدرات. كان يعاملها أسوأ معاملة كما تقول: "لا يتردد في ضربي وأحيانًا في تجويعي وتعذيبي، لهذا بمجرد اكتشافي أنني حامل، فكرت في الإجهاض".

لم تخبر حياة زوجها بأنها حامل، نصحتها صديقتها بالتوجه إلى طبيبة توافق على إجراء الإجهاض سريًا. بعد مفاوضات طويلة مع الطبيبة، نجحت في إقناعها. تؤكد حياة أنها لم تندم وتضيف: "لم أحس بما يسمونها مشاعر الأمومة، ربما لأن الحمل لم يتجاوز الشهر الأول".

اقرأ/ي أيضًا: الدين والعائلة.. الولد (ليس) سرّ أبيه دائمًا

من بين ألف حالة حمل غير مرغوب فيه، تتجه من 300 إلى 600 امرأة يوميًا إلى الإجهاض السري، في المغرب

يقدر عدد الحمل غير المرغوب فيه في المغرب بألف حالة يوميًا، حسب رفيق الشرايبي، رئيس الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري. ومن بين هذه الحالات، تتجه من 300 إلى 600 امرأة يوميًا إلى الإجهاض السري، أما بقية الحالات فينتج عنها أمهات عازبات وأطفال متخلى عنهم، بالإضافة إلى انتحار في صفوف عدد من النسوة. ويؤكد الشرايبي لـ"الترا صوت": أن "55% من النساء اللاتي تتعرضن إلى الحمل غير المرغوب فيه هن نساء متزوجات وليس كما يعتقد البعض".

نجاة، سيدة في العقد الأربعين، قررت الإجهاض لأن زوجها رفض فكرة الإنجاب للمرة الثالثة خاصة وأن طفليهما أصبحا شابين، تقول نجاة حاولت إقناعه بشتى الطرق، لكن دون جدوى، زوجي رفض الحمل وهددني بالطلاق". وبالرغم من أن نجاة تعمل موظفة في إحدى الإدارات المغربية، وحالتها مستقرة ماديًا، إلا أنها التجأت للإجهاض بالرغم من صعوبة الأمر كما تقول: "لم أندم في البداية لكن مع تقدم الزمن، أحس بوخز الضمير، أنا الآن في الخمسينات من عمري، لو كنت تركته يعيش لكان أصبح طفلًا جميلًا، فشقيقه سافر إلى الخارج ولا يتصل أبدًا، وشقيقته تزوجت وكونت أسرة، وأنا وحيدة، دائما ما أعاتب نفسي وأطلب المغفرة من الله، فأنا أعلم أن ذنبي كبير".

اقرأ/ي أيضًا:

للأمومة ثمن!

أمومة تمزقات مفترضة