20-أبريل-2017

قصر الأحلام في الضنية (الترا صوت)

على أرض الواقع شيّد الراحل محمد هوشر قصراً للأحلام هو أقرب إلى الخرافة من الحقيقة، وذلك في بلدته بخعون الواقعة في أعالي جرود الضنية (شمال لبنان). إنه قصر الأحلام الذي جسّد توق طفلةٍ إلى تلمّس ما قرأته في قصص الأميرات، بعد أن نقل محمد هوشر رسومات ابنته داليدا من الورق إلى عقار يمتد على مساحة تزيد عن 5000 متر مربّع في بلدة تُعدّ بدورها مصيفاً لأهالي الضنية والجوار الشمالي، خصوصاً سكان عاصمة لبنان الثانية طرابل. فقد تحوّل هذا قصر الأحلام هذا منذ عدة أعوام إلى واحدة من أبرز وجهات السياحة الداخلية؛ إذ يقصده اللبنانيون من مختلف المناطق، على الرغم من التقصير الرسمي والإعلامي في الترويج له، حيث يتحمّل القصر حصّته من فاتورة الإهمال الذي تعانيه محافظات عدّة في لبنان وعلى رأسها محافظات الشمال.

شيّد الراحل محمد هوشر قصراً للأحلام هو أقرب إلى الخرافة من الحقيقة، في جرود الضنية وهو من أهم وجهات السياحة الداخلية اللبنانية

هو إذن "قصر الأحلام".. "اسم على مسمى"، فهو يختزل أحلام الطفولة ببناء مرتفع وضخم، ذي قبب تسكنه الأميرات، ومن حوله تتوزّع الحدائق الغنّاءة وفيها المناظر البهية التي لا تخطر على بال.

اقرأ/ي أيضًا: "بيت بيروت" من خط التّماس إلى التِماس محبة اللبنانيين

هل أراد محمد هوشر في ذلك الوقت أن يمنح ابنته تلك المتعة التي تجعل المتخيّل واقعاً ملموساً، ويُحقّق الأحلام لتراها العين وتطالها اليد وتتذوق جماليتها كل الحواس؟. ربما. غير أنه يُحكى أيضاً أن الفكرة كانت راودت محمد هوشر، الذي عمل في البناء والعمارة،  وصديقه النحات محمد الفران قبل عقود. إذ كان قد شرع جدياً وبجهود فردية في التنفيذ في العام 1994 منطلقاً في الأساس من نيّة تشييد بيت تراثي ومميّز فإذ به يخلص إلى تُحفة فنية لا نظير لها، في لبنان على الأقل. 

وقد سلّم صاحب مشروع قصر الأحلام بعد رحيله عن هذه الدنيا ما يصطلح البعض على تشبيهه بالنسخة اللبنانية من "ديزني لاند" إلى أيدي أبنائه وبينهم داليدا نفسها. وهم يواظبون بدورهم على تشريع أبواب القصر أمام الزوّار الباحثين عن واقع أحلامهم على أرض الضنية.. قُبالة القرنة السوداء (أعلى قمة جبلية في لبنان) والسواحل التي تلامس البحر في آن واحد.

ومعلم قصر الأحلام الخرافي يضمّ داخل سوره تحفاً من حضارات مختلفة منها العربية والرومانية والفينيقية، ويُجسّد إلى ما يمكن وصفه بقصر "ألف ليلة وليلة" صخرة الروشة وقلاع صور وبعلبك وعنجر والمسيلحة، فضلاً عن بعض ألعاب الطفولة وتخيلاتها كعربة سندريلا والتيجان المزيّنة، بالإضافة إلى السهام والرماح والبنادق والمغارة والأباريق.. وقد بُني كل ذلك من حجر رقيق وشفاف يُسمى محلياً بملح القاق أو "الأونيكس"، فكان نتيجة ذلك، توهجّ هذا المعلم الدائم بكل رموزه وتفاصيله تحت أشعة الشمس وضوء القمر، ما يُحوّل مشهديّة الحلم في بخعون وعلى مدار الساعة إلى قوس قزح من ألوان الواقع ـ الحلم.

أحجار أخرى استخدمت أيضاً في قصر الأحلام كالصوان والغرانيت ذات النقوش العديدة، لتمنح المنحوتات والمعروضات خصوصيةً تُدهش العين وتسرّها.. وهي تفعل فعلها كلّما قصدها الزوّار من مختلف الجنسيات فتضمن أمام انفعالهم وتفاعلهم عودتهم سريعاً إلى ربوع المنطقة عامة والقصر تحديداً في زيارات لاحقة وغالباً متلاحقة.

اقرأ/ي أيضًا:

أبواب تونس العتيقة.. حكايات التاريخ والحضارة

لبنان.. دير سيدة النورية وعجائبية المكان والزمان