29-مارس-2018

أمتعت إيطاليا وألمانيا أكثر من 100 ألف متفرج احتشدوا في ملعب الآزتيكا بالمكسيك (Getty)

اجتمعت كبرى منتخبات العالم في ربع نهائي النسخة التاسعة من كأس العالم 1970 والتي أقيمت في المكسيك، فردّت ألمانيا الدين على إنجلترا التي نالت لقب النسخة السابقة على حسابها، كما أنهت البرازيل مغامرة البيرو، وطردت إيطاليا أصحاب الأرض من البطولة، وعانت الأوروغواي كثيراً قبل أن تحجز مكانها في المربّع الذهبي على حساب الاتحاد السوفييتي.

جمع الدور نصف النهائي 4 فرق نال جميعها كأس العالم في السابق، وكان التنافس شديداً بين البرازيل وإيطاليا والأوروغواي، فكلّ منها حاز على لقبين من كأس العالم، وإن فاز أحدهم بهذه النسخة فسيحتفظ بكأس جول ريميه للأبد، وضمنت قارّة أوروبا مقعداً لها في المباراة النهائيّة، كما ضمنت أميركا الجنوبية ذلك، حيث التقت ألمانيا الغربية مع إيطاليا والبرازيل مع الأوروغواي.

ابتكر بيليه أمام الأوروغواي خدعة أذهلت الجميع، ولو سُجّلت هدفاً لحاز على لقب صاحب أذكى هدف بالتاريخ

كانت البرازيل على موعد للثأر مما جنته عليها الأوروغواي قبل 20 عاماً فيما يُعرف بكارثة الماراكانا، فحشد المدرب ماريو زاجالو إمكانيّات لاعبيه من أجل تحقيق ذلك، ومع بداية المباراة فاجأت الأوروغواي البرازيليين بتسجيل هدف في الدقيقة 19، وهُنا ذُهل بيليه ورفاقه الذين حاربوا كثيراً من أجل تسجيل هدف التعادل وكان لهم ما أرادوا قبل نهاية الشوط الأول، وما لبث زملاء بيليه أن استعرضوا قواهم وفكّوا شيفرة سحرهم على حساب الأوروغواي، فأضافوا هدفاً ثانياً في الدقيقة 76 عبر جيرزينيو وثالثاً قبل نهاية اللقاء، وشهدت المباراة لحظة سجّلها تاريخ كرة القدم عندما ابتكر بيليه خدعة لو انتهت بنجاح لأخذ لقب أذكى هدف في تاريخ كرة القدم، فبعد أن تلقّى كرة من جيرزينيو استغل خروج حارس الأوروغواي لمواجهته، ولكنّ الجوهرة السمراء بيليه موّه بجسمه دون أن يلمس الكرة واستقبلها من وراء الحارس، قبل أن يسددها خارج أخشاب المرمى ويحرم نفسه من أذكى هدف بتاريخ كرة القدم، لكنّه بالمقابل ساهم وزملاؤه بمحو خيبة مونديال 1950، وحجز مقعداً في نهائي كأس العالم 1970.

تحت أشعّة الشمس الحارقة وأمام أكثر من 100 ألف متفرّج اجتمعوا في ظهيرة السابع عشر من حزيران 1970 على ملعب الأزتيكا سجّلت إيطاليا وألمانيا الغربية إحدى أشهر ملاحم كرة القدم في التاريخ، حيث تواجه الفريقان من أجل حجز تذكرة العبور للمباراة النهائيّة في لقاء وجوديّ بينهما، فالصراع بين ناديي بايرين ميونيخ وإنتر ميلان وبين فلسفة الدفاع الإيطالية وأخرى هجومية بحتة كان موجوداً في منتخبين احتويا على أبرز نجوم أوروبا آنذاك.

ومع بداية المباراة أراد الفريقان خوض المواجهة بحذر شديد، فتملّك الممل أغلب الجماهير، وسارت المباراة بنسق بطيء بسبب حرارة الطقس وصعوبة التنفس من اللاعبين، وبدا أن الكرة بحدّ ذاتها صارت تتحرّك ببطء ووصل الأمر من حارس ألمانيا سيب ماير أن يطلب تبديل الكرة بعد بداية اللقاء، ولكن الإيطالي روبيرتو بونينسيجنا زاد من حرارة اللقاء بتسجيله لهدف في الدقيقة الثامنة، هدفٌ غيّر كل شيء في المباراة وأشعلها حتى النهاية.

لعب فرانز بيكنباور بدءا من الدقيقة 67 بكتف مخلوع وأصرّ على إكمال الأشواط الإضافية رغم ألمه الشديد

وحاول الألمان كثيراً أن يعدّلوا نتيجة اللقاء دون جدوى، وفي الدقيقة السابعة والستين من عمر المباراة تعرّض فرانز بيكنباور لخلع في كتفه، ورغم ذلك استمر في اللعب بسبب استنفاذ المدرب لتبديلات الفريق، وفي الوقت بدل الضائع من المباراة استعدّت إيطاليا للاحتفال بالتأهل للمباراة النهائيّة، قبل أن يعيد الألماني شنلنغر الأمور إلى بدايتها مسجّلاً هدف التعادل قبل نهاية المباراة بلحظات.

وشهدت الأشواط الإضافية أجمل شوطين إضافيين في تاريخ كرة القدم حتّى الآن، حيث قاوم الفريقان حرارة الطقس ولعب بيكنباور وكتفه المخلوع مربوط مع ذراعه، واستطاعت ألمانيا أن تتقدم على إيطاليا عبر الهدّاف غيرد مولر، ولكن إيطاليا سجّلت بعده هدفين أنهت بهما الشوط الإضافي الأول متقدّمة 3-2، وفي النصف الإضافي الثاني أصرّ مولر على تعديل النتيجة وكان له ما أراد في الدقيقة 110، ولكن الإيطالي جياني ريفيرا لم يتأخر بإعادة بلاده للمقدّمة في الدقيقة 111، ومع صافرة نهاية المباراة انهار الفريقان على أرض الملعب، فلم يقوَ الإيطاليون على الاحتفال ولا الألمان على الحزن، وذلك من شدّة التعب، وافتخر الفريقان بكتابة سطور هذه الملحمة الكروية التي شهدت تسجيل 5 أهداف في الوقت الإضافي وهو رقم قياسي بكأس العالم.

وفي المباراة التي جمعت ألمانيا والأوروغواي على المركز الثالث، حققت ألمانيا الغربية الفوز على الفريق اللاتيني بهدف وحيد سجّله أوفيراث منتصف الشوط الأول، وبذلك تعرّضت الأوروغواي لخسارتها الثالثة في المونديال، وهي المرّة الوحيدة التي تخسر بها الأوروغواي 3 مرات ببطولة واحدة في تاريخ كأس العالم، وهنا انتظر الجميع موعد لقاء البرازيل وإيطاليا في نهائي كأس العالم 1970، فأيّ الفريقين سيتغلّب على الآخر ويحتفظ بكأس جول ريميه للأبد؟

تابعونا في الجزء القادم من قصة كأس العالم 1970..