27-مارس-2018

أوزيبيو في كأس العالم 1966 (Getty)

انتهى دور المجموعات في النسخة الثامنة من كأس العالم التي أقيمت في إنجلترا عام 1966 بالعديد من المفاجآت، حيث أُقصيت البرازيل من الدور الأول، وتعرّضت لخسارتين أولهما كانت سببا في إيقاف سلسلة عدم الهزيمة التي فخر بها الفريق طيلة 8 سنوات، كذلك تعرّضت إيطاليا لكارثة كرويّة مدوّية كان بطلها فريق كوريا الشمالية، حيث أخرج الأخير الفريق الآزوري من دور المجموعات بعد تغلّبه عليه 1-0، بينما لم يكن الفريق الإسباني  بطل كأس أمم أوروبا 1964 أفضل حالاً من حاملي اللقب المونديالي مرّتين عندما خرج من هذا الدور للمرة الثانية على التوالي.

بعد نهاية مباراة الأرجنتين وإنجلترا، منع مدرب المنتخب الإنجليزي آلف رامزي لاعبيه من تبادل القمصان مع الأرجنتينيين، ونعت الضيوف بالحيوانات.. 

أقيمت مباريات دور الثمانية كافّة في يوم واحد، وبها التقى الإنجليز أصحاب الأرض مع الأرجنتين، والاتحاد السوفييتي مع المجر، فيما واجهت ألمانيا الغربية الأوروغواي، بينما اصطدمت مفاجأة البطولة كوريا الشمالية بالوافد الجديد الذي لا يقلّ شأناً عنها المنتخب البرتغالي.

دخلت إنجلترا مباراة الأرجنتين وعينها على  الفوز وحده، ففريقها لم يستطع أحد من الخصوم أن يسجّل في مرماه في دور المجموعات، وهي المرّة الوحيدة التي لن تتكرر في تاريخ المونديال، بينما طمحت الأرجنتين أن تمضي بعيداً في المونديال، فبعد مشاركتها الأولى بأول نسخة عام 1930 أحرزت الوصافة، وهو أفضل ما عمله لاعبو التانغو في المونديال حتى تاريخ هذا اللقاء، ودخل لاعبوها المباراة وهم في حالة عصبية يرثى لها، إذ تعرّض اللاعبون والجماهير للاستفزاز من قبل أصحاب الأرض ومشجعيهم، ومُنع الفريق من التدرّب على أرضية ملعب ويمبلي، وزاد الشدّ العصبي مع صافرة البداية، حيث طُرد قائد الأرجنتين في الشوط الأول، قبل أن يسجّل الإنجليز هدفاً  في الدقيقة 78 عبر جيف هيرست الذي شارك في هذه المباراة لأول مرة ، هدفٌ أقصى الأرجنتين من البطولة ووضع أصحاب الأرض في الدور نصف النهائي. ولم تنتهِ الأمور عند هذا الحد، فبعد نهاية المباراة منع مدرب المنتخب الإنجليزي آلف رامزي لاعبيه من تبادل القمصان مع لاعبي الأرجنتين، ونعت الضيوف بالحيوانات.. 

ولم يخلُ لقاء ألمانيا الغربية والأوروغواي من الشدّ العصبي، وكان الفريق الضحيّة من أمريكا الجنوبية أيضاً، حيث طُرد لاعبان من الأوروغواي في المباراة التي فازت بها ألمانيا الغربية 4-0، وبذلك لم يبقَ في البطولة أيّ فريق لاتيني، وبالتزامن استطاع زملاء الحارس العملاق ليف ياشين أن يُقصوا المجر بهدفين لهدف، فأضحى الاتحاد السوفييتي ثالث أضلاع مربع الدور نصف النهائي، والذي أكمله فريقٌ سجّل بـ90 دقيقة ملحمة كرويّة عظيمة أمام آخر لا يقل عنه اجتهاداً وروعة..

حيث دخل كلّ من البرتغال وكوريا الشمالية لقاء دور ربع النهائي وهما أفضل مفاجأتين سارّتين في البطولة، فالأول هو من قهر البرازيل عبر اللاعب الرائع أوزيبيو، والثاني تسبب بأكبر فضيحة بتاريخ إيطاليا الكروي، لذلك حظي الفريقان بتشجيع كبير من الإنجليز على عكس عادة أصحاب الأرض الذين اعتادوا على التقليل من احترام الغرباء. ومع بداية اللقاء صدم الفريق المجهول القادم من آسيا البرتغاليين، فأحرز لاعبه باك سونغ زين هدفاً في الدقيقة الأولى، وقبل أن يستوعب البرتغاليون الصدمة تابع الكوريون تألّقهم وأضافوا هدفاً ثانياً في الدقيقة 22، ثمّ أتبعوه بثالث بالدقيقة 25 وسط ذهول تام من اللاعبين البرتغاليين وتشجيع حماسي من جمهور ملعب جوديسون بارك، والذي تعاطف مع الفريق الغريب الذي يصعب عليهم التفرقة بين لاعبيه.

 قلب أوزيبيو تأخر بلاده بثلاثة أهداف إلى فوز بخمسة أهداف سجّل 4 منها وصنع واحدًا

وبعد 25 دقيقة عاشها حارس البرتغال وزملاؤه في قلب الجحيم .. وضع الذي اهتزّت شباكه 3 مرات يديه في رأسه وتبادل مع الباقين نظرات الذهول، عندها أخرج أوزيبيو ما بجعبته وقلّص الفارق من تسديدة وضعها في سقف المرمى، ولم يحتفل هذا اللاعب بالهدف، فبادر بحمل الكرة إلى وسط الملعب بغية إصلاح ما أفسده الكوريون، وكان له أن قلّص الفارق إلى هدف واحد من ركلة جزاء أتت مع نهاية الشوط الأول الذي ودّعه الفريقان بنتيجة 3-2 لكوريا الشمالية.

وبعد بداية الشوط الثاني بـ11 دقيقة استطاع اللاعب صاحب الرقم 13 الملقّب باللؤلؤة السوداء أن يسجّل هدفاً ثالثاً عدّل به نتيجة المباراة، وصدم الكوريين بهدف رابع له بعد ذلك بدقيقتين من ركلة جزاء، ليقلب أوزيبيو وحده نتيجة المباراة من 3-0 إلى 4-3، ولم يكتفِ نجم نادي بنفيكا بتسجيل 4 أهداف فقط، بل صنع لزميله هدفاً خامساً أهّل بلاده إلى دور نصف النهائي.

اعترف زميل أوزيبيو في البرتغال ونادي بنفيكا أنطونيو سيموس لاحقاً أنه خلال قرعة تمّت مع اللاعبين لتحديد أرقام قمصانهم  قبل انطلاق المونديال، حاز أوزيبيو على القميص رقم 11، بينما نال سيموس القميص رقم 13، هذا الرقم الذي يُعرف بجلبه للنحس، فطلب الأخير من أوزيبيو أن يأخذ الرقم 13 ويعطيه رقمه المفضّل 11، وأقنع هذا الشاهد أوزيبيو عندما قال له " إن لعبت بالرقم 13 في كأس العالم ستكون أفضل هدّاف بالبطولة، وسيطرد الجميع عن هذا الرقم فكرة الحظّ السيّئ، بوسعك أن تحرّر الرقم 13 بالنسبة للبلاد كلّها"، وهذا ما حدث بالفعل، حيث بات أوزيبيو صاحب الرقم 13 أفضل هدّاف بالبطولة، وخرج لاعبو كوريا الشمالية من البطولة برأس منكس، فلم تنصفهم حكومة بلادهم على إنجازهم، ولم تصرف لهم مكافأة فوزهم على إيطاليا.

بعد اكتمال نصاب المربّع الذهبي الذي أصبح أوروبيّاً خالصاً إثر تأهّل كلّ من البرتغال وألمانيا الغربية والاتحاد السوفييتي وأصحاب الأرض، اتّجهت أنظار العالم لهذين اللقاءين المرتقبين، واللذان سيجمعان إنجلترا مع أوزيبيو وزملائه، والاتحاد السوفييتي وألمانيا الغربيّة التي حرمها أصحاب الأرض من استضافة المونديال، فأي المنتخبات الأربعة سيظفر بمقعدين في المباراة النهائيّة، ومن هو الفريق القادر على إحراز النسخة الثامنة من كأس العالم 1966؟

تابعونا في الجزء القادم من قصّة كأس العالم 1966..