23-أبريل-2017

سوريون مهجرون من ريف الطبقة على يد قوات "قسد" (دليل سليمان/أ.ف.ب)

نفذت قوات التحالف الدولي بقيادة واشنطن منذ يومين تقريبًا عملية إنزال جوي تعتبر الثالثة من نوعها في أقل من شهر في منطقة ريف دير الزور الشرقي الذي يشهد حركة نزوح لمقاتلي تنظيم "الدولة الإسلامية" من مدينة "الموصل"، والمناطق العراقية المُسيطر عليها اتجاه مدينة "البوكمال" بريف دير الزور لإعادة التمركز فيها.

عملية الإنزال الثالثة، وفق ما نقلته وكالة "الأناضول" عن ضابط رفيع المستوى في الجيش العراقي، حصلت في قرية "الباغوز" بريف مدينة "البوكمال"، وأسفرت عن اعتقال 15 عنصرًا من تنظيم الدولة، بينهم "والي الفرات"، فيما اكتفت بعض الوكالات بالحديث عن عملية الإنزال، واعتقال مجموعة من العناصر بينهم قيادي كبير في التنظيم.

 أعادت إدارة ترامب ترتيب حساباتها في سوريا لأنها في حال كررت عملية قصف مواقع عسكرية لنظام الأسد قد تضع نفسها في مواجهة مباشرة مع روسيا!

ويأتي الحديث عن اعتقال "والي الفرات" متزامنًا مع إعلان الولايات المتحدة مقتل الرجل الثاني في تنظيم الدولة، عبد الرحمن الأوزبكي، الذي قالت إنه مساعد مقرب من زعيم التنظيم، أبي بكر البغدادي، خلال عملية الإنزال التي نفذتها في السادس من نيسان/ أبريل الجاري قرب مدينة "الميادين" بريف دير الزور.

اقرأ/ي أيضًا: تعطيل "درع الفرات".. داعش و"قسد" خلف النظام

يلاحظ أنه منذ وصول الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، للبيت الأبيض بعد نجاح حملته الانتخابية التي ضمنها "مكافحة الإرهاب"، و"القضاء على تنظيم الدولة الإسلامية"، أصبح التحالف الدولي أكثر فاعلية من خلال تنفيذه لعمليات إنزال جوي متعددة في ريف دير الزور الشرقي، أو ريف الرقة، وهو ما كان نادر الحدوث في عهد إدارة الرئيس أوباما.

وكانت انتقادات عديدة وجهت للولايات المتحدة بعد ارتكاب مقاتلاتها مجازر في مدينتي "الموصل" العراقية، والرقة السورية مع ريفها، عندما استهدفت بضرباتها الجوية أبنية سكنية يقطنها مدنيون، ما دفع البعض للتساؤل عن ماهية خطة إدارة ترامب في تنسيق عمليات التحالف الدولي، وإن كان يريد القضاء على تنظيم الدولة دون أن يكترث لسقوط المدنيين.

من المتوقع أن تكون الوجهة التالية للتحالف الدولي بعد السيطرة على مدينة "الرقة" الاتجاه إلى ريف دير الزور، ولاحقًا المدينة

وبالاستناد لما نقلته وكالة "اسوشيتد برس" حول أن إدارة ترامب وضعت خطة من ثلاث مراحل لإزاحة رئيس النظام السوري بشار الأسد عن السلطة، فإنها جعلت على رأس أولوياتها القضاء على تنظيم الدولة، ويتضح ذلك أكثر من تصريح سابق خلال الشهر الجاري لوزير الدفاع الأمريكي، جيمس ماتيس، عندما أكد أن أولويات بلاده لا تزال منصبة على هزيمة "داعش".

ورغم التأييد الدولي للضربات الصاروخية الأمريكية لقاعدة "الشعيرات" الجوية، إحدى أهم القواعد الجوية الفاعلة للنظام السوري، فأن إدارة ترامب أعادت ترتيب حساباتها لأنها في حال كررت عملية قصف مواقع عسكرية لنظام الأسد قد تضع نفسها في مواجهة مباشرة مع روسيا، وبالتالي فإن تنظيم الدولة من الممكن أن يستغل هذا الصدام لاستعادة عددٍ من مناطق نفوذه التي خسرها سابقًا، علمًا أن نسبة جيدة من أعضاء الكونغرس الأمريكي تدعم إدارة ترامب في تنفيذها مثل هذه الضربات على مواقع لنظام الأسد.

ويسيطر التنظيم على مساحة واسعة من شرقي سوريا، فبحسب خارطة توزع الأطراف المتحاربة، ينتشر عناصره في مناطق البادية السورية، امتدادًا من مدينة "الرقة" مرورًا بدير الزور وريفها إلى ريف حمص وصولًا حتى ريف دمشق، مستفيدًا من سيطرته على المنطقة الحدودية مع العراق ما يسمح له التحرك بحرية بين البلدين.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا لن تنتهي "داعش" بعد الموصل؟

ومن المتوقع أن تكون الوجهة التالية للتحالف الدولي بعد السيطرة على مدينة "الرقة" المعقل الرئيس للتنظيم، أن تتجه إلى ريف دير الزور، ولاحقًا المدينة، بعد أن قدم إليها غالبية عناصره، رغم إشارة جميع المعطيات المتوفرة أن معركة استعادة الرقة لا تزال بعيدة، وذلك لكون "قسد"، و"قوات النخبة" التابعة لرئيس الائتلاف الأسبق، أحمد الجربا، لم تستطع حتى الآن السيطرة على مدينة "الطبقة" بريف الرقة، علمًا أنها تتلقى إسنادًا جويًا مكثفًا من مقاتلات التحالف الدولي.

وفي مقابل ذلك من الممكن أن تكون عملية استعادة الرقة أسرع مما متوقع في حال أثمر اللقاء المرتقب منتصف الشهر القادم بين الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، ونظيره الأمريكي دونالد ترامب عن نتائج إيجابية، إذ وجهت أنقرة خلال الفترة السابقة انتقادات عديدة لواشنطن بسبب دعمها لـ"قسد" التي تقودها "وحدات حماية الشعب" الكردية المدرجة ضمن قائمة المنظمات الإرهابية" في تركيا.

بدآت "قسد" بالإعلان التدريجي عن آفاق تحالفها مع نظام الأسد مستغلة الحديث الداىر عن معركة الرقة

وطالبت الحكومة التركية في أكثر من مناسبة الولايات المتحدة بتحييد "قسد" عن المعركة عينها، وأن تكون مشتركة بين واشنطن وأنقرة وفصائل "الجيش السوري الحر" المنخرطة في عملية "درع الفرات" المدعومة تركيًا، والتي أعلن عن انتهائها بنجاح نهاية الشهر الفائت، بعد استعادتها لمدينة "الباب" الاستراتيجية بريف حلب الشمالي.

واستطاعت "قسد" أن تكون الذراع العسكري داخل سوريا للتحالف الدولي إبان إدارة أوباما المنتهية العام الفائت، وحصلت على إسناد جوي، وأسلحة متطورة من الولايات المتحدة خلال معركة السيطرة على مدينة "منبج" أحد أبرز معاقل التنظيم في ريف حلب الشرقي، إلا أن تصريحات حديثة لقياديين فيها أكدت إبرامها اتفاقيات مع النظام السوري، وإمكانية التعاون مع قوات الأسد في معركة الرقة، وهو ما قد يكون سببًا لإعلان إدارة ترامب إيقاف دعمها، بعد أن أظهرت واشنطن موقفًا متشددًا مؤخرًا يصر على رحيل الأسد عاجلًا أم آجلًا.

بعد رحيل أوباما وحلول إدارة ترامب في البيت الأبيض لم تعد "قسد" الطفل المدلل لواشنطن والتحالف من ورائها واتجهت أكثر نحو نظام الأسد

كما أن إدارة ترامب لا تريد أن تنشأ تحالفات على صعيد ميليشيات مقاتلة، ويتضح ذلك بشكل أكثر من خلال اللقاءات التي يجريها ترامب مع رؤساء الدول الغربية، فهو يريد أن يؤسس لعلاقات دبلوماسية على مستوى الدول، وبالتالي فإن اللقاء المتوقع منتصف الشهر القادم سيكون له تأثير كبير على مستوى القضاء على تنظيم الدولة في سوريا في حال اتفقت واشنطن وأنقرة على التنسيق المشترك.

لذا فإنه لا شيء يمكن حسمه فيما يتعلق بمعركة الرقة قبل اللقاء عينه، والذي يسبقه لقاء بين أردوغان ونظيره الروسي فلاديمير بوتين، وهو الأول من نوعه بعد عودة التوتر للعلاقات الدبلوماسية بين البلدين، لكنها في مقابل ذلك ستحدد بعضًا من معالم التغييرات التي ممكن أن تطرأ على عمليات التحالف الدولي في سوريا.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هل تبتلع القاعدة فصائل المعارضة السورية؟

العراق في سوريا.. توسيع قاعدة المليشيات الإيرانية