06-نوفمبر-2016

مؤتمر "قوات سوريا الديموقراطية" للإعلان عن عملية "غضب الفرات" (​دليل سليمان/أ.ف.ب)​

بعد انتظار ليس بالطويل، وتصريحات متناقضة بين الدول الفاعلة في الشأن السوري، وعلى رأسها الولايات المتحدة، التي تقود تحالفًا يضم أكثر من 60 دولة، أُعلن ظهر أمس الأحد رسميًا، بدء عملية استعادة مدينة "الرقة" شمال سوريا، من ما يُعرف بتنظيم "الدولة الإسلامية".

انطلقت عملية "غضب الفرات" لتحرير الرقة بزعامة الأكراد، دون موافقة تركيا التي اشترطت استبعادهم من العملية

وكان الارتباك قد ساد قبيل الإعلان عن المعركة، التي تشهد خلافات تركية-أمريكية، إذ إنه في الوقت الذي أعلن مسؤول بارز في القيادة الأمريكية، بدء عزل "الرقة"، أهم معاقل التنظيم في سوريا، قالت "قوات سوريا الديمقراطية" في مؤتمر صحفي عُقد في بلدة "عين عيسى"، 50 كم شمالي المدينة عينها، إنها أطلقت حملة "غضب الفرات"، للسيطرة على المدينة.

اقرأ/ي أيضًا: حلب..معركة النفس الأخير

وقالت "قوات سوريا الديمقراطية"، المعروفة اختصارًا باسم "قسد"، في بيان صادر عنها "إننا في القيادة العامة لقوات سوريا الديمقراطية نزف لكم بشرى بدء حملتنا العسكرية الكبيرة من أجل تحرير مدينة الرقة وريفها من براثن قوى الإرهاب"، وهنا علينا التنويه أن "قسد" أعلنت في أيار/مايو من العام الجاري، بدء معركة "الرقة"، قبل أن تتوقف بشكل مفاجئ.

وأوضحت "قسد" أن "غرفة عمليات غضب الفرات"، تضم كل من الفصائل التالية: (وحدات حماية الشعب YPG، وحدات حماية المرأة YPJ، لواء صقور الرقة، لواء التحرير، لواء شهداء الرقة، كتيبة شهداء حمام التركمان، لواء أحرار الرقة، لواء ثوار تل أبيض، والمجلس العسكري السرياني)، واللافت في الفصائل المشاركة غياب "لواء ثوار الرقة" عن الحملة. الحملة التي، انطلقت فيما يبدو دون موافقة الحكومة التركية، التي اشترطت على الدوام استبعاد الأكراد من عملية تحرير الرقة، لكن الدول الغربية والأكراد كان لهم رأي آخر.

فتركيا التي أعلنت في وقت سابق من آب/أغسطس الفائت، بدء عملية "درع الفرات"، لدعم "الجيش السوري الحر" في عملياته العسكرية ضد تنظيم الدولة، ووضعت من ضمن أهدافها الوصول إلى مدينة "الرقة"، تحمل العملية الجديدة بالنسبة لها الكثير من النقاط السلبية في مقدمتها قيادة القوات الكردية لـ"قسد"، وهي ذاتها تُمثل الذراع العسكري لحزب "الاتحاد الديمقراطي"، الذي يسعى لإنشاء "إدارة ذاتية" شمالي سوريا، ويملك صلات قوية مع "حزب العمال الكردستاني"، المصنف إرهابيًا، وليس غافلًا ما يشهده جنوب تركيا، كان آخرها التفجير الذي استهدف مبنى للشرطة في "ديار بكر"، بعد ساعات من اعتقال الأمن التركي نواب في حزب "الشعوب الديمقراطي" الكردي.

اقرأ/ي أيضًا: جيش الفتح يبدأ المرحلة الثانية من معركة حلب

كذلك لا يمكن تجاهل ما أحرزه "الجيش السوري الحر" من تقدم في شمال حلب، في إطار عملية "درع الفرات"، واقترابه من مدينة "الباب" في ريف حلب، إذ إنه بحسب ما أعلن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، فإن المعارضة السورية أصبحت تبعد نحو 13 كم عن المدينة، وما يقابل هذا التقدم من محاولة تمدد لـ"قسد" على المناطق التي سيطر عليها الجيش الحر.

يتضح من الإعلان السريع لبدء عملية "الرقة"، أن للفرنسيين دور كبير كونهم طالبوا بتزامن العملية مع معركة الموصل

ويبرز الخلاف الأكبر في حديث الناطق العسكري باسم "قسد"، طلال سلو، الذي أكد في تصريحات تناقلتها وسائل إعلام مختلفة، أنهم اتفقوا بشكل نهائي مع قيادة التحالف الدولي على عدم وجود أي دور لتركيا، أو فصائل المعارضة السورية في عملية "غضب الفرات"، والتي يظهر من اسمها أنها جاءت ردًا على عملية "درع الفرات" أولًا، وفي المرتبة الثانية حصول "قسد" على ضمانات أمريكية بعدم مشاركة القوات التركية في العملية.

أولى التطورات التي رافقت بدء حملة "غضب الفرات"، كانت وصول رئيس هيئة الأركان الأمريكي، جوزيف دانفورد، إلى أنقرة للقاء نظيره التركي، خلوصي أكار، والذي اقتصر الحديث حوله في وسائل الإعلام على أن الزيارة جاءت بطلب من الولايات المتحدة، التي تستخدم قاعدة "إنجرليك" في مدينة "أضنة" التركية في ضرباتها الجوية ضد تنظيم الدولة.

ولعل أكثر ما يقلق في الإعلان عن الحملة، هو التوجه الأمريكي لدعم "قسد"، التي لديها مشاريع انفصالية في الشمال السوري، ثم دعمها من قبل قيادات بعض الميليشيات العربية التي قررت أن تنضوي تحت قيادة الأكراد، في الوقت الذي أثبتت فصائل "الجيش السوري الحر"، قدرةً كبيرة في قتالها لـ"تنظيم الدولة".

ويتضح من الإعلان السريع لبدء عملية "الرقة"، أن للفرنسيين دور كبير في ذلك، كونهم طالبوا في أكثر من مرة ببدء العملية بالتزامن مع معركة "الموصل"، لأن ذلك في نظرهم يضعف قدرة تنظيم الدولة القتالية، دون أن ينتبهوا لما يحدثه مقاتلو التنظيم من فوارق في سير آلية العملية، من خلال هجماته المفاجئة في مناطق غير متوقعة.

أيضًا علينا ألا ننسى ما تعرض له المدنيون، الذين دخلت "قسد" إلى بلداتهم، إذ إن الأخيرة قامت بتنفيذ عمليات تغيير ديموغرافي، وتطهير عرقي، في شمال سوريا، فهي، وعند أول دخول إلى مدينة "منبج"، قامت بحرق السجلات المدنية والعقارية المحفوظة في مبنى المحكمة، ناهيك عن المدنيين الذين سقطوا بغارات جوية للتحالف الدولي، وهو ما يزيد الضغط على الأمم المتحدة، التي حتى اللحظة لم تستطع حماية مدنييّ "الموصل" من انتهاكات ميليشيا "الحشد الشعبي" الشيعية.

وليس من المتوقع أن تكون "قسد" قد أطلقت "غضب الفرات"، لمساندة الفصائل المشاركة في "درع الفرات"، فبدء الحملة في هذا الوقت تحديدًا، جاء بفعل ضغط أمريكي، للتأثير على مزاجية الناخب الأمريكي المتوجه بعد يومين إلى صناديق الاقتراع، وعليه فالمعركة في "الرقة" لن تكون مثل سابقتها في "منبج"، كون فصائل المعارضة بعد مدينة "الباب" في شمال حلب، ستتابع طريقها تجاه "مسكنة"، وتاليها مدينة "الطبقة" في ريف الرقة.

وعلى الرغم من أن هذا الحديث سابق لأوانه، إلا أن النظر جيدًا للخارطة العسكرية، ومناطق سيطرة ما يُعرف بـ"تنظيم الدولة"، وما يحققه "الجيش السوري الحر" من تقدم في الشمال السوري، يشير إلى أن صدامًا ليس بالقريب، من المتوقع أن يبدأ بشكل أكثر وضوحًا في الشهر الثالث من العام القادم، بين المعارضة السورية والقوات الكردية، إذا لم تحصل مفاجآت روسية تساعد في ترجيح قوة على حساب أخرى، وهو الاحتمال الأكثر واقعية، بحسب ما نقرأ من صلاحيات مفتوحة مُنحت للروس في سوريا.

اقرأ/ي أيضًا:

 خيارات السوريين..الموت أو الباصات الخضراء