20-أغسطس-2019

حصاد الياسمين في قرية شبرا بلولة (المصرية اليوم)

تمتلئ الأراضي الزراعية في مصر بالأرز والقمح والفواكه والخضروات. لكن المشهد مختلف تمامًا في حقول قرية شبرا بلولة، التي تخبر رائحتها العطرة بما تجود به من الياسمين.

يعتمد أهل قرية شبرا بلولة في محافظة الغربية بمصر، على زراعة الياسمين واستخلاص زيته وعجينته كمصدر أساسي للدخل

على بعد 92 كم من القاهرة، تقع قرية شبرا بلولة التابعة لمركز قطور بمحافظة الغربية في دلتا مصر، القرية التي يبلغ تعداد سكانها نحو 55 ألف نسمة، هي الموطن الأول لزراعة الياسمين في أرض مصر.

اقرأ/ي أيضًا: حصاد البلح في مصر.. بهجة وصعوبات

كل ما هو من الياسمين

يعتمد أهل شبرا بلولة على زراعة الياسمين وجمعه كمصدر أساسي للدخل. وتقول بعض الإحصائيات، إن شبرا بلولة، وما جاورها من قرى مركز قطور، تنتج حوالي 50% من الياسمين في العالم.

الياسمين في قرية شبرا بلولة

ولا يتوقف الأمر على زراعة الياسمين، وإنما يمتد إلى استخلاص زيت وعجينة الياسمين في المعامل والمصانع التي تمتلئ بها القرية.

وتبدأ زراعة الياسمين في شهر أيلول/سبتمبر من كل عام. وعلى عكس المحاصيل الأخرى، لا تحتاج زراعة الياسمين للري سوى كل 15 يومًا.

بعد الري، تأتي مرحلة المغذي الذي يصل ثمن الكيلو الواحد منه إلى 150 جنيهًا، أي ما يقارب 90 دولارًا، بمعدل كيلو واحد لكل ثلاثه قراريط (القيراط 175 مترًا مربعًا)، إلى جانب الكيماوي من نترات وسوبر، بمعدل جوال من كل نوع لكل ثلاثة قراريط. ثم تنتهي الزراعة بحلول شهر أيار/مايو، حيث تبدأ مرحلة الحصاد.

مرحلة الجمع والحصاد، هي مرحلة الازدهار والسعادة لدى أهل شبرا بلولة. ويشارك فيها كل أهالي القرية، رجالًا ونساءً وأطفالًا. تبدأ بعيد الفجر، ممتدةً لأربع ساعات على الأقل في اليوم. وقد تبدأ أحيانًا من الواحدة بعد منتصف الليل وحتى ساعات الصباح الأولى. 

ووفقًا لرواية عدد من سكان القرية، يتفق العمال من الفلاحين مع صاحب الأرض على تقاضي نسبة من المحصول كأجرة، عادة ما تكون النسبة هي الثلث؛ فإذ جمعت ثلاثة كيلوجرام من الياسمين، يكون لصاحب الأرض نصيب اثنين كيلوجرام، ويتقاضى العمال كيلو واحدًا. 

حصاد سهل مع بعض الخبرة

وعلى الرغم من أن حصاد الياسمين يتفوق في السهولة على غيره من المحاصيل، إلا أنه يحتاج إلى خبرة معينة تتمثل في معرفة الميعاد الذي تقطف فيه زهرة الياسمين قبل أن تذبل، الأمر الذي قد يكون سببًا في نقص العمالة الماهرة في حصد الياسمين، خاصة مع تدني الأجور، فيفضل معظم العمال من الفلاحين أن يعملوا في أراض مزروعة بمحاصيل أخرى لكثرة التنوع، لضمان كثرة العمل.

الياسمين في قرية شبرا بلولة

ينتج القيراط بحدٍ أقصى ثلاثة كيلوجرام من الياسمين في اليوم، بما يقدر ثمنه بأقل من 100 جنيه. ويحصل العمال على أجورهم عن طريق جمع ما تحصلوا عليه من ياسمين في الأقفاص الخشبية أو البلاستيكية، ثم توريده إلى وسيط لأصحاب المصانع يتقاضي بدوره عمولة هو الآخر. 

وقد دفع انخفاض الأجور بالبعض إلى خلط زيت الياسمين بالماء، ما يؤثر بطبيعة الحال على جودة زيت الياسمين ويجعله أقل تركيزًا، وإن زاد في الكمية.

بعد مرحلة جمع الياسمين ووزنه، تأتي مرحلة التهوية، وهي مرحلة ضرورية، حيث يفرش الياسمين على الجريد، ويوضع في مكان جيد التهوية تجنبًا لتغير لونه، خصوصًا مع ارتفاع حرارة الجو التي تساهم إلى جانب سوء التهوية، في سرعة تلف زهرة الياسمين بعد جمعها، وتحولها من اللون الأبيض إلى اللون الأصفر قبل أن تذبل تمامًا.

ما يجنيه الفلاح وما يجنيه مالك المصنع

يذهب الياسمين محملًا على الطاولات إلى المصانع. يتقاضى صاحب الأرض 10 آلاف جنيه، أي حوالي 600 دولار، مقابل الطن الواحد، بينما ينتج طن الزهور بين اثنين إلى ثلاثة كيلوجرام من عجينة الياسمين، والتي قدي يبلغ ثمنها 15 ألف دولار بالتصدير للخارج. وقد يصل إنتاج القرية إلى خمسة أطنان يوميًا.

تقوم المصانع بدورها باستخلاص الزيت من الياسمين في عملية ليست بالمعقدة كثيرًا، إذ تبدأ من غسل الزهور جيدًا بالمياه، ثم توضع في أوان كبيرة ليوضع عليها غاز الهكسان الذي يساعد على عزل الزهرة عن الزيت المستخدم في عملية التصنيع، ثم تقوم آلات باستخلاص الزيت في صورة أكثر نقاءً.

الياسمين في قرية شبرا بلولة

تتوقف رحلة الياسمين في شبرا بلولة على مرحلة استخلاص عجينة الياسمين، فنقص الإمكانيات والخبرة وكذلك "سر الصنعة"، يحول دون اتمام المرحلة الأخيرة، ما يدفع أصحاب المصانع إلى تصدير عجينة الياسمين إلى فرنسا والولايات المتحدة.

يا ورد على بنفسج وياسمين

ليس الياسمين وحده هو ما تنتجه أرض شبرا بلولة، إذ تنتج كذلك البنفسج والقرنفل والزعتر والنارنج، لكن يظل الياسمين هو الملك المتوج على عرش القرية التي وصلت شهرتها إلى العالمية بفضله.

تتفاوت أرباح الياسمين بين الفلاحين عمال الأرض وبين أصحاب المصانع والمصدرين الذين يجنون أضعاف مضاعفة مما يجنيه الفلاحون

ياسمين شبرا بلولة الذي تصنع منه أجود العطور الفرنسية، هو قصة زجاجة عطر في أحد القصور المملوكة للأثرياء، بدأت حكايتها على أيدي عمال بسطاء من قرية صغيرة بمصر.

 

 

اقرأ/ي أيضًا:

عنب الخليل في مهرجانه السادس.. ندرة وتنوع

يد شابة تشجر تونس بـ"المورينجا"