21-مايو-2018

يحاول النظام المصري تلميع صورته من خلال قرارات العفو (Getty)

ألترا صوت - فريق التحرير

قبل أيام، أصدر الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قرارًا بالعفو شمل 300 معتقل. استغلت الصحف الرسمية صور المعتقلين الخارجين للتو من أقبية النظام، للترويج لصورة النظام المتسامح، الذي أمر بأن يقضي هؤلاء الشباب شهر رمضان في بيوتهم. بيد أن المطالع يرى على الوجوه فرحة النجاة من قبور المعتقلات المصرية سيئة السمعة، وحزن الخروج إلى عالم لا يعرفون كيف أصبح بعد غيابهم عنه لسنوات طويلة، متسائلًا هل سيستعيدون حياتهم بعد الخروج فعلًا؟

يستخدم النظام المصري من وقت لآخر، آلة العفو الرئاسي لتلميع واجهته

العفو الرئاسي.. إستراتيجية تلميع النظام

من وقت لآخر، يستخدم النظام آلة العفو الرئاسي لتلميع واجهته. وقد صدرت عدة قرارات عفو على مدار السنوات الماضية، كان من بينها قرارات تعود لعام 2014، حيث أصدر وقتها السيسي القرار رقم 244 لسنة 2014 بالعفو عن باقي العقوبة لبعض المحكومين في الداخل، وفي كانون الثاني/يناير من العام 2015، صدر قرار العفو عن 584 سجينًا بمناسبة أعياد الشرطة، وكانت من بين أشهر المعفي عنهم سناء سيف، ابنة المحامي الحقوقي الراحل أحمد سيف الإسلام عبد الفتاح. استطاعت سناء نظرًا لحداثة سنها وشهرة والديها في العمل العام لفت أنظار الصحف والمنظمات الأجنبية، من بينها صحيفة الغارديان البريطانية، ومنظمة العفو الدولية التي وصفتها ورفيقتها يارا سلام بأنهما من سجناء الوعي في مصر، وقد تم إلقاء القبض عليهما أثناء المظاهرات التي اجتاحت البلاد على إثر تسليم جزيرتي تيران و صنافير للسلطات السعودية.

يغسل النظام المصري يديه بإخراج عدد من المعتقلين بعفو رئاسي في بعض المناسبات

 وفي العام التالي شمل عفو رئاسي آخر 82 شابًا، من بينهم إسلام البحيري، وهو رئيس مركز الدراسات الإسلامية في مؤسسة اليوم السابع المقربة من النظام، الذي أثارت آراؤه جدلًا كبيرًا، بعد أن اتهم بـ"ازدراء الأديان"، وحكم عليه بالحبس خمس سنوات. أما في العام 2017، فقد شمل قرار عفو 203 سجناء، وشملت القائمة حينها 14 اسمًا كان من المفترض أن يطلق سراحهم خلال شهور، من بينهم طفلان.

اقرأ/ي أيضًا: السلطة المصرية تطارد "أشباح يناير" في المقاهي

وعلى الرغم من العفو الرئاسي الذي تم إصداره منذ عدة أيام، فقد تم القبض على آخرين، من بينهم الناشط العمالي والقيادي في حركة الاشتراكيين الثوريين هيثم محمدين، الذي تم اعتقاله من بيته فجرًا في أول أيام شهر رمضان، كما ألقت قوات الأمن القبض على أمل فتحي، المديرة التنفيذية للمفوضية المصرية للحقوق والحريات، على خلفية مقطع فيديو مصور انتقدت فيه موظفي أحد البنوك المصرية وتطرقت للوضع السياسي في مصر.

المعتقلون في مصر بالأرقام: سياسة ممنهجة للقمع

في تقرير للمنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، صدر في الشهر الماضي عن الانتهاكات المستمرة للنظام بحق المعتقلين في مصر، بينت المنظمة أن الذين تعرضوا للاعتقال في الربع الأول من هذا العام، بلغوا 407 أشخاص، بينهم 10 نساء و8 قاصرين، منهم طفلة رضيعة، وهي الطفلة عالية مضر، التي اعتقلت مع عائلتها، حيث تم اعتقال 116 شخصًا خلال شهر كانون الثاني/يناير، و184 شخصًا في شباط/فبراير، بالإضافة إلى 107 أشخاص في آذار/مارس الماضي. كما ذكر التقرير أن هؤلاء الأشخاص تعرضوا للاختفاء القسري 24 ساعة على الأقل، بينما لا يزال بعضهم مخفىً قسريًا حتى الآن. ووفقًا لشكاوى تلقتها المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، فقد قامت أسر لمختفين بإرسال آلآف التلغرافات والبلاغات حول تعرض أبنائهم للاختفاء القسري، وقد بلغ عدد تلك الحالات 193 حالة اختفاء، أي ما يعادل 47.4% من إجمالي المعتقلين. ووفقًا لعملية "رصد كمي قامت بها المنظمة  لجلسات محاكمات المعتقلين على خلفية القضايا المتعلقة بمعارضة السلطات خلال فترة الرصد للأشهر الثلاثة الأولى من العام 2018، تبين صدور أحكام قضائية في 81 قضية معارضة للسلطات أمام دوائر جنح وجنايات مدنية وعسكرية، حيث تم الحكم في 79 قضية مدنية، بينما تم الحكم في قضيتين أمام دوائر عسكرية".

اقرأ/ي أيضًا: مصر 2016.. السلاح قبل الخبز أحيانًا

 كما  ورد في التقرير أن عدد الأشخاص الذين شملتهم تلك المحاكمات بلغ 1376 شخصًا، منهم 6 قصر، وتمت تبرئة 239 من هؤلاء المحكومين، أي 17.4%  من إجمالي عددهم الكلي، بينما حكم على 1136 بأحكام إدانة مختلفة، أي بنسبة 82.6%، هذا بالإضافة إلى انقضاء الدعوى عن متهم في قضية عسكرية لوفاته.

استمرت الاعتقالات التي يقوم  بها النظام المصري على الرغم من العفو الرئاسي

الجدير بالذكر أنه في ظل هذه الأرقام وغيرها مما رصدته التقارير الدولية، فإن الدولة ونظامها لا يزالان ينكران أن هناك معتقلين سياسيين في البلاد، حيث صرح الرئيس عبد الفتاح السياسي في مقابلة له مع قناة فرانس 24 الفرنسية، أن "مصر حريصة على مواطنيها"، وأنه "لا يوجد في مصر معتقلون سياسيون"، على الرغم من أن المنظمات الحقوقية لا زالت حتى الآن تطالب بخروج المصور الصحفي المستقل محمود أبو زيد المعروف باسم شوكان، الذي حصل على الجائزة العالمية لحرية الصحافة العام الماضي في محبسه، والذي تم اعتقاله أثناء تأدية عمله في تغطية أحداث مذبحة رابعة عام 2013.

يغسل النظام يديه من آن لآخر بإخراج عدد من المعتقلين بعفو رئاسي في بعض المناسبات، بينما يعتقل في الظلام آخرين، ليشكل الاعتقال والاختفاء القسري في مصر دائرة مفرغة لا فكاك منها، وأداة من أدوات الردع لأي نوع من أنواع المعارضة.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

الرعاية الصحية في مصر.. تدهور وحلول تنتظر التطبيق

قوانين السيسي لجامعات مصر.. "للخلف در"