06-يناير-2022

(Getty) صورة تعبيرية

في جريمة أشعلت مواقع التواصل الاجتماعي لشدّة قسوتها وضعف دافعها، قُتلت آيات الرفاعي شابّة سورية (20 عامًا) على يد زوجها وعائلته قبل أيام، لتضاف إلى سلسلة جرائم تحدث بشكل مستمر في سوريا، البلد الذي يعاني نزاعات عسكرية وسياسية واجتماعية، وينضوي في قوانينه على ثغرات تُستغل ضد المرأة ومعايير مجتمعية تقيّد حرية النساء وتنتهكها فضلًا عن سهولة رشو السلطات ومحاباتها، لاسيما أن سوريا تعد واحدة من "أصعب خمسة أماكن لتكبر فيها فتاة" بحسب تقرير للجنة الإنقاذ الدولية صدر أكتوبر/تشرين الأول الماضي.

تفاصيل الجريمة

تحت عنوان "حقيقة مقتل المغدورة آيات الرفاعي" نشرت وزارة الداخلية السورية تفاصيل الجريمة، وأكدت اعتراف زوج الضحية غياث الحموي أن والده ووالدته كانا يضربان زوجته المتوفية باستمرار "بقصد تأديبها وتعليمها"، وفي يوم وفاتها تعرضت للضرب من قبل والده مرتين الأولى نتيجة خلافه معها بسبب الماء الساخن، والثانية بسبب خلافه على فقدان مفك براغي كان يبحث عنه.

 

وأوضح الجاني أنه حصل بعدها شجار بينه وبين زوجته فأقدم على ضرب رأسها على الحائط ثم تركها بالغرفة وبعد حوالي ساعة حضر ابن شقيقه الحدث وشاهدها بحالة مزرية وتم إسعافها، وأضافت الوزارة أن والدي الجاني اعترفا بضرب المغدورة، لافتة إلى التحرز على الأدوات التي كانوا يضربونها بها.

وزارة الداخلية وفي روايتها للتفاصيل، قالت إنه "وبالساعة العاشرة مساءً من تاريخ 31/12/2021 أخبر قسم شرطة القنوات في دمشق بدخول المواطنة المذكورة إسعافًا إلى المشفى مفارقة الحياة من منزل زوجها في محلة (المجتهد)، وعلى الفور تم ضبط إفادة الطبيبة المسعفة".

اقرأ/ي أيضًا: أكثر ضحاياها نساء.. 10 جرائم هزت تركيا في 2021

وكانت الطبيبة قد أكدت أن الرفاعي دخلت المشفى مفارقة الحياة مع توقف القلب والتنفس، في حين حضر والد المتوفية ووالدتها وتقدموا بادعاء بحق زوج ابنتهم بسبب وجود خلافات بين ابنتهم وزوجها وأنها كانت تتعرض للضرب من قبل الجاني، إضافة إلى سوء المعاملة من والده وزوجة والده، وعليه تم توقيف زوجها المتهم، و"بتحري منزله عثر على قطعتين خشب على شكل عصا ( خيزرانة) أحدها يوجد برأسها عدة دبابيس حديدية، تمت مصادرتها".

بدورها، قالت رهف شقيقة الشابة المغدورة إن عائلتها تلقّت تهديدات ومضايقات من قبل عائلة الزوج لإجبارهم على التراجع عن الشكوى وسحبها، إضافة إلى تعرّض صديقة آيات التي نشرت الموضوع على منصات التواصل الاجتماعي للتهديد من قبل عائلة القتلة، وأردفت أن آيات التي تزوجت بعمر الـ16 عامًا لم تكن تخبر عائلتها بحقيقة ما تتعرض له في بيت زوجها، خوفًا من عائلة الأخير وخشية من أن يأخذوا منها طفلتها.

وفي سياق الحديث، أوضحت أن عائلة الجاني حاولت تمويه الجريمة مرة بادعائهم أن الحادثة سببها حالة تسمم، ومرة بزعم أنها فقدت الوعي نتيجة خلاف بسيط بين آيات ووالدة الجاني، إلا أن والد آيات وبعد رؤيته جثمانها في المشفى وملاحظة علامات زرقة على جسدها، طالب بتدخل الشرطة، وإحالة الموضوع للتحقيق، وعن مصير ابنة المغدورة، قالت رهف إن طفلتها موجودة حاليًا لدى أخ الزوج، حيث تقوم زوجته بإرضاعها.

ورقة ضغط افتراضية

تفاعل رواد مواقع التواصل الاجتماعي بشكل مكثّف مع قصة الرفاعي، الأمر الذي شكّل ورقة ضغط على السلطات السورية للبحث والتقصي وراء القضية، لكسب ثقة الرأي العام والشارع السوري الذي سحب ثقته منذ زمن بعيد بعدالة ونزاهة القضاء، خصوصًا أن التفاصيل المتداولة عن الحادثة قالت إن الجهات الأمنية تلقت رشوة لتجاهل تقرير الطبيب الشرعي.

المدرسّة لبابة الهواري غرّدت عبر تويتر بالقول، "لا أعتقد أنه يوجد عقاب على وجه هذه الأرض ممكن أن يرد حق آيات الرفاعي وكل المغدورات مثلها"، معتبرة أن الأهل والجيران وكل من على علم بما يحصل مع آيات هم شركاء بالجريمة.

أما المغرّدة آسيا حيدر فشاركت بصورة كتب فيها "ورقة طلاقك أفضل بكثير من ورقة نعوتك لا بقى تسكتوا على التعنيف"، في إشارة إلى تحمّل بعض النساء لعنف الشريك وسوء معاملته مخافة لقب مطلقة وما يترتب عليه من أحكام مسيئة يطلقها المجتمع حيال صاحبته.

وتفاعلت فرح طليمات مع القصة، داعية مثيلات آيات إلى البوح وعدم التستر على المعتدين، "يا بنات لا تكونوا ضحية متل آيات لأن ما راحت غير عليها وعلى بنتها ... لا تسكتوا كوني انت مسند لحالك كوني قوية، لا تخافي".

بدورها، سلّطت الدكتورة الأكاديمية رهف الدوغلي الضوء على ما أسمته "جذر العنف الأسري"، مشيرة إلى العنف القانوني والتطبيع لمفهوم العسكرة على مستوى الدولة قبل العائلة في سوريا، وقوننة العنف سياسيًا، معتبرة "النظام البعثي المستبد استخدم ورقة التضحية بحقوق النساء لأن بقاءه قائم على ثقافة العنف".

فيما لفت المغرّد أنس إلى حالة العجز عن التعبير التي يعيشها منذ سماع قصة آيات، منوّهًا إلى أن الجميع دون استثناء لهم علاقة بموت الرفاعي، وقدّر ما حدث مع آيات بالنتيجة الطبيعية لمعايير المجتمع القائمة على التبرير للرجل ونبذ حقوق المرأة.

كما نشرت صفحة "التغريدة السورية" عبر تويتر رقمًا قالت إنه "هاتف الثقة"، يشجع النساء الصامتات على التبليغ والمواجهة بالتوازي مع العمل في الأسرة والمدارس والمجتمعات المحليّة للتوعية نحو إنهاء العنف ضد النساء.

 

اقرأ/ي أيضًا: 

جريمة جديدة تهزّ تركيا.. مهندسة شابة تتعرض للقتل بسيف "ساموراي" أمام منزلها

الأردن: تأييد الحكم المؤبد على رجل اقتلع عيني زوجته