ألقى الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، ببعض ثقله في ملف صفقة تبادل الأسرى بين إسرائيل وحماس، معبّرًا عن رغبته في التوصل لاتفاق قبل تقلده رسميًا لمنصبه بعد أسبوع.
وكانت البداية بتهديده الصريح للفلسطينيين في غزة بدفع الثمن إذا لم يُطلق سراح الأسرى في القطاع، لكنّ اللافت للانتباه هو توجيه ترامب لبعض الضغوط إلى إسرائيل، ولا سيما نحو رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الذي يبدو أنه التقط الإشارة سريعًا. فبين عشية وضحاها تخلّى ـ ولو نسبيًا ـ عن بعض عناده وأظهر مرونةً في قبول الصفقة التي تُطبخ في أروقة مفاوضات الدوحة في ظلّ وجود وفديْ حماس وإسرائيل، ووفدين عن الإدارة الأميركية الحالية وتلك القادمة (بعد أسبوع) بالإضافة للوسيطين القطري والمصري، مع الإشارة إلى أنّ جميع المعلومات الواردة من الدوحة تفيد باقتراب التوقيع على الاتفاق. ويشار في هذا الصدد إلى ما نقلته "رويترز" عن مسؤولٍ أميركي من أنّ الساعات الـ24 القادمة ستكون حاسمةً للتوصل إلى اتفاق بشأن غزة، بعد أنْ عُرضت المسودة النهائية لاتفاق التهدئة في غزة على الجانبين.
رسائل ترامب
أكّدت عدة مصادر إسرائيلية أنّ رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تلقى رسائل صريحةً من ترامب، بعضها جاء علنًا وبعضها الآخر وُجّه إليه بشكلٍ غير علني، ومقتضى تلك الرسائل أنّ ترامب غير راغبٍ في أي تصعيد أو تصريحات من شأنها إذكاء صراعات في الشرق الأوسط، لاسيما قبل تنصيبه 20 كانون الثاني/يناير الجاري.
ترامب ليس معنيًا بشن حرب جديدة في الشرق الأوسط، على العكس تمامًا مما يشتهي نتنياهو
ففي خطوة مفاجئة، أقدم ترامب على إعادة نشر مقطع مرئي لأكاديمي أميركي يهاجم بشدة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنينامين نتنياهو، مستخدمًا في هجومه "أوصافًا مهينة". ورأى المتابعون الإسرائيليون في هذه الخطوة عدة أمور، فهي تشير من ناحية إلى أنّ العلاقة بين "ترامب ونتنياهو ليست في أفضل حالاتها"، كما تؤكّد أن ترامب ضاق ذرعًا بعناد نتنياهو وعدم رغبته في إنهاء الحرب وإطلاق سراح الأسرى في غزة الذين يوجد بينهم أميركيون.
وفي هذا السياق، يربط الإعلام الإسرائيلي بين لقاء المبعوث الخاص لترامب إلى الشرق الأوسط ستيفن ويتكوف برئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، وبين خطوة إقدام هذا الأخير على إرسال وفد المفاوضات إلى الدوحة رفقة كبار المسؤولين الأمنيين (رئيس الموساد ديفيد برنياع وجهاز الشاباك رونين بار".
وعكس ما يُراهن عليه نتنياهو من دفع الصراع والمواجهة إلى أقصى حد ممكن، أكّد مساعدو ترامب أن إدارته تهدف "إلى تحقيق استقرار في الشرق الأوسط، مع التركيز على تحقيق سلام بين إسرائيل ولبنان واستمرار وقف إطلاق النار في غزة"، لأنّ ذلك من شأنه أن "يعزز موقف الإدارة الأميركية على صعيد الداهل الأميركي، كما يساهم في تحقيق تقدم دبلوماسي ملموس خلال الفترة الأولى من رئاسة ترامب".
ويقتضي مثل هذا الهدف استبعاد خيار شنّ حربٍ جديدة في الشرق الأوسط، وهذا ما أكّدت القناة الـ12 الإسرائيلية، أنّ ترامب أوصلَه شخصيًا لعدة مسؤولين إسرائيليين، عندما أخبرهم صراحةً أن لا نية "لديه للدخول في حرب جديدة في الأيام الأولى من رئاسته وأن عليهم الابتعاد عن الإدلاء بأي تصريحات علنية ضد الحكومة السورية الجديدة، مع التركيز على خفض التصعيد واحتواء الوضع في المنطقة"، مبرّرًا ذلك برغبته في "توجيه جهود إدارته لمعالجة الملفات والقضايا الداخلية"، وهي ملفّات متشابكة ومعقّدة قد تستنزف ولاية ترامب كاملةً دون التوصل فيها لحلول جذرية ونهائية، وليس أقلّها ملف الهجرة الذي ازداد تعقيدًا بعد قرار إدارة بايدن الأخير بتمديد الإقامة القانونية لحوالي مليون مهاجر من البلدان التي تشهد نزاعات وأوضاعًا خاصة على غرار أوكرانيا وفنزويلا والسودان والسلفادور.