08-أغسطس-2020

مطالبات بنهج جديد في تعامل واشنطن مع الملف الإيراني (رويترز)

الترا صوت – فريق التحرير

اقترح تقرير صادر عن مركز أمريكي على الإدارة الأمريكية القادمة السير على نهج جديد لتخفيف حدة التوترات الدبلوماسية التي سلكتها إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في تعاطيها مع الملف الإيراني، وكادت أن تؤدي إلى حرب إقليمية في الشرق الأوسط خلال أوقات مختلفة من العامين الماضيين، كان أبرزها استهداف الجنرال الإيراني قاسم سليماني بغارة جوية أدت إلى مقتله مطلع العام الجاري.

اقترح تقرير صادر عن مركز أمريكي على الإدارة الأمريكية القادمة السير على نهج جديد لتخفيف حدة التوترات الدبلوماسية التي سلكتها إدارة الرئيس الجمهوري دونالد ترامب في تعاطيها مع الملف الإيراني

خفض التصعيد تدريجيًا قبل استلام المحافظين الإيرانيين للسلطة

يقول مركز الأمن الأمريكي الجديد في تقرير أشارت إليه وسائل إعلام عديدة، إنه بعد انتخابات الرئاسة الأمريكية في الثالث من تشرين الثاني/نوفمبر القادم، يتوّجب على الإدارة القادمة وضع مخطط لنهج على مراحل تخفف من حدة التوترات الدبلوماسية التي سلكها ترامب مع طهران خلال السنوات الأربع الماضية، لافتًا إلى أن هذا النهج مقترح للإدارة القادمة، سواء أكان الفائز في الانتخابات ترامب أم منافسه الديمقراطي جو بايدن.

اقرأ/ي أيضًا: تقدير موقف: استراتيجية إدارة ترامب نحو إيران والتصعيد المحسوب

ووفقًا لما نقلته وكالة رويترز البريطانية الأسبوع الماضي، فإن التقرير يقترح على الإدارة القادمة في البيت الأبيض أن تفتح نافذة لتخفيف حدة الأزمة قبل انتخابات الرئاسة الإيرانية في العام القادم، والتي من المتوقع أن تؤدي إلى فوز المرشحين المحافظين الموالين للزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، ليكون بذلك خلفًا للرئيس الإصلاحي حسن روحاني، الذي توصلت إدارته للاتفاق النووي الإيراني مع الدول الست الكبرى، برعاية مباشرة من إدارة الرئيس الأمريكي السابق باراك أوباما في عام 2015.

تضيف الوكالة بأن المركز أوصى بأن يعرض الرئيس الأمريكي القادم العودة إلى الاتفاق النووي الموقع قبل خمسة أعوام، في خطوة وصفها بأنها "تدريجية" لخفض التصعيد بين واشنطن وطهران، وهي الفكرة التي أعلنت حملة بايدن الانتخابية عن تبنيها مقابل شرطين، إما أن توافق طهران على العودة إلى شروط الاتفاق عينها، بمعنى تخلي طهران عن إعادة إحياء برنامجها النووي، أو في حال تبنت الأطراف المشاركة بالتوقيع على الاتفاق إجراءات أخرى توقف انتهاكات طهران أو تردعها عنها.

يضيف التقرير مشددًا على ضرورة الالتزام "بالهدوء كغاية في حد ذاته" في المنطقة، وأنه يجب على واشنطن منح طهران تخفيفًا محدودًا للعقوبات المشددة المفروضة عليها، على أن يشمل هذا التخفيف "تدابير متواضعة أحادية الجانب لبناء الثقة"، من ضمنها إنهاء الحظر الذي فرضته إدارة ترامب على السفر من إيران، وخطوات لضمان ألا تعرقل العقوبات الأمريكية قدرة طهران على التصدي لجائحة فيروس كورونا الجديد.

وكانت إدارة ترامب قد أعلنت انسحابها أحاديًا من الاتفاق النووي الموقع بين طهران من طرف، وموسكو وبكين وواشنطن وباريس وبرلين ولندن من طرف آخر في أيار/مايو 2018، قبل أن تعيد فرض حزمة من العقوبات المشددة على كيانات ومسؤولين إيرانيين، بما فيهم الزعيم الأعلى في البلاد، والحرس الثوري الإيراني أعلى سلطة عسكرية، مما أثر على الاقتصاد الإيراني بشكل عنيف، ودفع بالحكومة الإيرانية إلى خرق القيود المفروضة لسد الطريق أمامها لتطوير أسلحة نووية.

وأدت سياسات ترامب الأحادية إلى إشعال فتيل التوترات الدبلوماسية المتصاعدة في المنطقة خلال العام الماضي، وكادت أن تتفجر بعدما أعلنت واشنطن مسؤوليتها عن الغارة الجوية التي ضربت موكب سليماني في محيط مطار بغداد الدولي في الثالث من كانون الثاني/يناير الماضي، ورد عليها الحرس الثوري بقصف قاعدتين عسكريتين فيهما قوات أمريكية في العراق، غير أن عدم سقوط قتلى من الجانب الأمريكي نزع فتيل إشعال حرب إقليمية في المنطقة.

العقوبات أدت لشلل تام بمفاصل الاقتصادي الإيراني

تأثر الاقتصاد الإيراني بالعقوبات التي طالت قطاعات حيوية في مجال الطاقة، ووفقًا لتقرير صادر عن معهد التمويل الدولي مطلع العام الجاري، فإن الاقتصاد الإيراني انكمش بنسبة 4.6 بالمائة خلال السنة المالية 2018 – 2019، وسط توقعات بأن يرتفع الانكماش إلى 7.2 بالمائة خلال السنة المالية الراهنة، فضلًا عن توقعات بتراجع احتياط النقد الأجنبي في البلاد إلى 73 مليار دولار خلال العام الجاري، ليفقد النقد الأجنبي ما يقدر بـ40 مليار دولار خلال عامين، فيما فقد الريال الإيراني ما يزيد عن 70 بالمائة من قيمته أمام الدولار الأمريكي خلال العامين الماضيين.

ويرجع ذلك لتراجع صادرات النفط الخام متأثرة بالعقوبات الأمريكية، بعد تسجيلها انخفاضًا لا يتجاوز 0.4 مليون برميل يوميًا خلال العام الماضي، وذلك بعدما بلغت ذروتها في الصادرات النفطية بـ2.8 مليون برميل يوميًا حتى نهاية أيار/مايو 2018، ويتوقع المعهد الدولي في حال استمرت العقوبات الأمريكية أن يتجاوز معدل البطالة 20 بالمائة على مستوى إيران بعد عامين تقريبًا، فضلًا عن مواصلة نزيف احتياط النقد الأجنبي في البلاد الذي قد يصل إلى 20 مليار دولار في 2023.

وكانت عدة مدن إيرانية قد شهدت موجةً من الاحتجاجات الشعبية خلال العامين الماضيين، ردًا على الأوضاع الاقتصادية المتردية، وانتشار الفساد في المؤسسات الرسمية، قبل أن تأخذ منحى سياسيًا مطلع العام الجاري، عندما طالبت كبار المسؤولين الإيرانيين بالتنحي من منصبهم، بمن فيهم الزعيم الأعلى في البلاد، وردت عليها السلطات بأنها ستتعامل "بكل حزم" مع أي احتجاجات تخرج في المدن الإيرانية.  

كانت عدة مدن إيرانية قد شهدت موجةً من الاحتجاجات الشعبية خلال العامين الماضيين، ردًا على الأوضاع الاقتصادية المتردية، وانتشار الفساد في المؤسسات الرسمية

وفي كلمة بثها التلفزيون الرسمي في البلاد بمناسبة عيد الأضحى قبل أكثر من أسبوع، وجه الزعيم الأعلى الإيراني اتهامات لواشنطن يقول فيها إن هدفها "في الأمد القصير هو إرهاق الشعب ودفعه للوقوف في وجه النظام"، وتابع مضيفًا أن هدف إدارة ترامب "على المدى البعيد يتمثل في دفع البلاد والحكومة إلى حافة الافلاس أو بعبارة أخرى انهيار الاقتصاد"، وهو ما بدا إشارة واضحة للعقوبات الأمريكية التي أدت إلى شلل تام بمفاصل الاقتصاد الإيراني.

ومضى خامنئي في كلمته واصفًا الولايات المتحدة بأنها "العدو الرئيسي" لإيران، مستبعدًا عودة بلاده لطاولة المفاوضات مع واشنطن بقوله إن ترامب سيستخدم "المحادثات للدعاية" كما فعل مع الزعيم الكوري الشمالي كيم جونغ أون، موضحًا أنه "على طاولة المفاوضات، تريد أمريكا منا التخلي عن صناعتنا النووية بالكامل، وتقليل قدراتنا الدفاعية والتخلي عن نفوذنا الإقليمي".

 

اقرأ/ي أيضًا:

 حرب الناقلات.. هل فرضت طهران هيمنتها على مضيق هرمز؟