08-فبراير-2016

لقطة من فيديو آرت لــ صادق كويش الفراجي/ العراق

* ما زلتُ هناك،

أثبت قدمي على خط البداية وأحني جسدي المُستفز، بعينٍ ثابتة في انحدارها، وأنفاسٍ عميقةٍ ترسم الطريق وتقبض على همهمات الريح...

ما زلت هناك، وفي صدري حَمْحمة الخيول وصافرات القطارات وعرق الطفولة في ضحى الحديقة الربيعيّة!

لكنني تعبت، نبت العشب على ظهري، وصار ساعدي منحدرًا حادًا إلى هاوية كالحرب!

 

* قلتِ:

- أنتَ تشبه الحياة إذا أردت، لكنّك ترتكب العراء حين تقف أمام المرآة وتبحث عن عشرة فروق بينكما...

قلتِ أيضًا:

- أنتَ أجمل ممّا تقول!

ابتسمتُ وأنا أجمع مقصدكِ من الهواء، أخذتني رائحة الطعام إلى يدكِ التي لاتعرف الانحدارات الحادّة؛ تُعدّ الطعام وتطوي الثياب وترتفع بخصلة هاربة إلى مشبك شعرك!

قلتُ: تقصدين أنا أجملُ مما أظنُّ.

تقاطعنا في ابتسامة مائلة...،

قبّلتكِ!

 

 * كان للقبلةِ تلك أن تكونَ بدايةً جيّدة، لكنّنا عدنا إلى الأريكة نشاهد برنامجًا عن عالمِ الطبيعة.

اشتهيتُ في تلك اللحظة أن أكون كما تقصدين؛ أطلق ساقيّ للريح وأمضي نظيفًا من دنس الأرض التي ماتنفكّ تعتقلنا بشبهة الوطن!

* قلتُ بعد أن أطفأت سيجارتي في صحن طعامك:

- أريدُ أن أموتَ الآن.

قلتِ: بعيد الشر لا تحكي هيك!

لم أعلِّق، ولم أختصر لك المسافة بين رغبتي في الحياة وحاجتي إلى الموت.

امتدّت يدكِ إلى عنقي، وبدلًا من أن أغفو على ركبتيكِ، تكورتِ في حضني، وأمضينا السهرة صامتَين!

 

* عندما تمددت في السرير خلفكِ، تحسست خصركِ، قرّبتُ شفتي من كتفكِ، وكالعادة رحت أشمّه، أطبقت بأسناني عليه أعضه. اشتعلتُ مثل سيجارةٍ نديَّةٍ، لكنَّك أزحتِ كتفكِ عندما آلمتكِ...،

لم أكرر المحاولة.

- هل ستنامين؟

لم تجيبي، وصار انتظارك لي احتمالًا ثالثًا.

انطفأتُ حين أمطر القلق فوق اشتعالي، ورحتُ أعدُّ الخراف التي تقفز فوق جسدك، وفي عيني جوع الذئاب وبندقيّة الراعي!

/

-أين يقع الحب؟

-في البدايات الممكنة

-والشهوة؟

-في اقتراب الوصول

-والوطن؟!

- في المسافة بين رغبتي بالحياة وحاجتي إلى الموت.

-لماذا لا تصرِّح بخوفك؟!

- سأخسر كل الفرص المتاحة للنجاة .

- لكنّك خائف!

-لستُ خائفًا من الموت، حسنًا، أنا خائف قليلًا...

-غدًا ستنتهي الحرب؛ لكل حرب نهاية!

تقصدين، لكلّ إنسان خارجٍ من الحرب نهاية!

-كلّ شيء سيكون على ما يُرام

-هل تذكرين أغنية بوب مارلي؟

-....

- لم ينتهِ الماضي، لن يبدأ الحاضر!

/

 لم يدر هذا الحوار بيننا

هنالك أشياء لا تنتظر لتسمح به: بدايات لاتجيء، مطرٌ لايتوقف، ذئب ينتظر في عوائه، بندقية مغمورة بالوحل، ثغاء يخفتُ...

يلمع البرق، تسكت الخراف، يدويّ الرعد...

 تنامين،

أنام!

/

* من النافذة صباحًا، كانت الكويت غارقة في الماء، أعلن اليوم إجازة رسمية لسوء الأحوال الجوية، في وقت كانت قد نبتت على ظهري خيام في الوحل، أحذية خشنة، أصوات الناس، نباح كلاب، ثغاء الخراف، عويل...

لم تكوني هنا، كانت امرأة تتربع فوق ظهري، تدندن أغنيّة عالقة في رأسي وهي تعدّ الطعام للخيام، وتفوح رائحته التي يشتهيها الواقفون مثلي هناك على خط البداية!

اقرأ/ي أيضًا:

عن لوليتا أُخرى

كولنار علي.. العنقاء وقصائد أخرى