17-سبتمبر-2018

ينذر السخط العام بعودة وشيكة للاحتجاجات في الأردن (Getty)

أعلن رئيس الوزراء الأردني المعيّن عمر الرزاز يوم الإثنين الماضي، عن توصل حكومته إلى تفاهمات جديدة مع صندوق النقد الدولي بشأن تخفيض النفقات العامة وإجراء عدد من الإصلاحات الاقتصادية الهامة، على رأسها تعديل قانون ضريبة الدخل في الأردن والتخلص من التهرب الضريبي في البلاد.

 أعلن أعضاء في مجلس النواب الأردني وشخصيات عامة عديدة رفضهم لقانون ضريبة الدخل الجديد، الذي لا يمثل في نظرهم إلا تلاعبًا بالمواطنين

وبعد أشهر من إسقاط حكومة هاني الملقي في 4 حزيران/يونيو الماضي، بضغط اعتصامات شعبية واسعة في العاصمة الأردنية عمّان وغيرها من محافظات المملكة، احتجاجًا على الأوضاع الاقتصادية المترديّة في البلاد، أعلنت الحكومة الجديدة عن قانون ضريبة الدخل الجديد الذي اشتمل حسب التصريحات الرسمية على تعديلات كبيرة عمّا كانت الحكومة السابقة قد اقترحته.

وأخضع مشروع القانون الجديد الأفراد الذين يبلغ دخلهم السنوي عن 9,000 دينار أردني سنويًا (12,000 دولار أمريكي) خلال عام 2019، للضريبة، بينما سيتم توسيع هذه الشريحة في عام 2020، لتضم من يزيد دخلهم عن 8 آلاف دينار أردني (11،300 دولار أمريكي)، وهو ما طرح في القانون السابق الذي تسبب في إسقاط حكومة الملقي.

اقرأ/ي أيضًا: الصورة الكاملة لاحتجاجات الأردن.. تعددت الأسباب والشعب واحد

وأعفى مشروع القانون الأسر التي يقل دخلها عن 18 ألف دينار سنويًا (25،000 دولار أمريكي) خلال عام 2019، على أن تتوسع شريحة الخاضعين للضريبة من الأسر في عام 2020، لتضم من يزيد دخلهم عن 17 ألف دينار أردني.

انتقادات على مشروع القانون الجديد

على الرغم من أن قانون ضريبة الدخل الجديد لا يؤثر حسب مختصين بالشأن الاقتصادي بشكل كبير على أصحاب الدخول المحدودة، سواء من موظفي القطاع العام أو حتى القطاع الخاص، إلا أنه ما يزال يواجه حالة من السخط الشعبي العام والرفض الواسع، حتى على مستوى النقابات المهنية في الأردن، وفي بدايتها نقابة المعلمين، التي أعلنت عن رفضها القانون المقترح عبر بيان صحفي صادر عن مجلس النقابة، واصفًة التعديلات المقترحة من الحكومة على قانون ضريبة الدخل بأنه مجرد تجميل "زاده قبحًا على قبح".

كما أعلن أعضاء في مجلس النواب وشخصيات عامة وإعلامية عديدة رفضهم للقانون الجديد، الذي لا يمثل في نظرهم إلا تلاعبًا بالمواطنين، ولا يختلف في جوهره عن مقترح الحكومة السابقة، والذي أشعل موجة من الاحتجاجات.

ومن الانتقادات التي وجهت لمشروع قانون الضريبة الجديد تخفيض الضريبة على قطاع البنوك من 40% إلى 33%، بينما تبقى الضريبة المفروضة على قطاعات أخرى أقل نموّا وربحًا عالية، كالقطاع الزراعي، ما فيه تناقض حسب نقابيين مع تعهدات رئيس الوزراء الجديد بأن الحكومة "ستقوم بمد يدها على جيوب المقتدرين ماليًا".

من جهتها أكدت النقابة العامة لتجار الألبسة والأقمشة والأحذية أن مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد سيعصف بقطاع الألبسة ويزيد من حالة الركود والكساد التي يعاني منها القطاع، وأن من شأنه أن ينهك الطبقة الوسطى التي تشكل ثلث المجتمع الأردني وتعاني أصلًا من تراجع دخلها وتآكل قوتها الشرائية، ولاسيما أن مشروع القانون الجديد يخفض من الإعفاءات التي كانت تحصل عليها الأسر. كما طالبت النقابة بتخفيض الضريبة على المبيعات في كل القطاعات من أجل تعزيز القوة الشرائية لدى المواطن وتحفيز الاقتصاد.

أما حزب جبهة العمل الإسلامي فقد أكد عبر كلمة لمسؤول الملف الوطني في الحزب، المحامي حمد الهروط، أثناء لقاء حواري حول مشروع قانون ضريبة الدخل، أن مسودة القانون هي تكرار للقانون الذي اقترحته الحكومة السابقة وأدى إلى إسقاطها عبر الحراك الشعبي، وأن مشروع القانون الجديد لا يشتمل على تغييرات جوهرية، ما يمثّل استفزازًا على حدّ رأيه للشعب الأردني.

وأكد الهروط على أن مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد يضيف أعباء غير منصفة على بعض القطاعات المهمّة للاقتصاد الوطنيّ، ولاسيما القطاعين الزراعيّ والصناعيّ.

المزاج العام: "طفح الكيل"!

أمّا على المستوى الشعبي، فقد لاقت دعوة الرزاز المواطنين إلى تقديم آرائهم وتعليقاتهم على مشروع قانون ضريبة الدخل الجديد، موجة من التهكم والرفض، ما يشير إلى تزايد الاحتقان في الشارع الأردني، والاستياء من حالة العجز الحكومي عن وقف عجلة الفساد والتسيّب التي يعتبرها معظم المواطنين السبب الرئيسي في تراجع الأوضاع الاقتصادية، والعجز المالي الذي تعاني منه ميزانية الدولة، التي ارتفعت في العام الجاري لتصل إلى حوالي 40 مليار دولار أمريكي.

اقرأ/ي أيضًا: الأردن تحت لعنة صندوق النقد.. "الشعب عارف طريقه"

ففي جنوب الأردن، وتحديدًا في محافظة الطفيلة (180 كم جنوب العاصمة)، والتي تعاني من تهميش كبير وتردّ في الخدمات، رفع عدد من المواطنين شعارات تدعو لإسقاط حكومة الرزاز الجديد والتركيز بدل جبي الأموال من جيوب الناس على محاربة الفساد وجلب الفاسدين المتهربين من الضرائب. وكان مواطنون قد انتقدوا بشكل مباشر عددًا من الوزراء الذين توجهوا إلى المحافظة لشرح قانون ضريبة الدخل الجديد، وهم وزير الصحة ووزير الزراعة ووزير الدولة لشؤون القانون، في لقاء مفتوح في المدينة، وحصلت مشادات كلامية أثناء اللقاء، انتهت بمغادرة الوزراء وقطع برنامجهم، رغم محاولات وزير الزراعة، المحسوب على المحافظة، لتهدئة الناس وإقناعهم بالجلوس.

ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي الأردنية من مشروع القانون الجديد، فقد عبر مغردون من خلال هاشتاغ #قانون_ضريبة_الدخل، عن رفضهم للقانون، مطالبين بالإصلاح ومحاربة الفساد قبل جباية الضرائب

وبالمثل، في محافظة معان، في جنوب الأردن أيضًا، أعلن مجلس المحافظة رفضه لقانون ضريبة الدخل الجديد، كما أعلن المجلس مقاطعته اللقاء الذي كان مقررًا يوم أمس الأحد مع عدد من الوزراء الذين كانوا في زيارة للمحافظة من أجل لقاء المواطنين وشرح تفاصيل في قانون الضريبة الجديد. واعتبر مجلس المحافظة في بيان له أن مواد القانون التي تثقل كاهل المواطن بقيت على ما هي، "مما ينعكس سلبًا على المواطنين من الطبقة الفقيرة والمتوسطة ويعتمد على جيوب المواطنين التي أصبحت فارغة من جير رفع الرسوم والضرائب".

وقد ضجّت مواقع التواصل الاجتماعي أيضًا من مشروع القانون الجديد، فقد عبر مغردون من خلال هاشتاغ #قانون_ضريبة_الدخل، عن رفضهم للقانون، مطالبين بالإصلاح ومحاربة الفساد قبل جباية الضرائب من المواطنين. وأكد ناشطون على مواقع التواصل الاجتماعي أن على الحكومة العمل قبل كل شيء تخليص المواطن من الفساد المستشري في مفاصل الدولة، وحمايته من رفع الأسعار على السلع الأساسية. كما ظهرت في الأيام الماضية دعوات على مواقع التواصل الاجتماعي للعودة إلى الشارع والاعتصام المفتوح رفضًا لسياسات الحكومة الاقتصادية، ما يجعل المشهد مفتوحًا على سيناريوهات متعدّدة في ظل تصاعد لحالة الاحتقان في مختلف المحافظات الأردنية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

#إضراب_الأردن.. حراك شعبي واسع احتجاجًا على قانون ضريبة الدخل

صندوق النقد الدولي.. عقيدة إفقار الفقراء وتجويعهم