في أول موقفٍ يختبِر توجهات مسعود بزشكيان الإصلاحية تجاه القضايا الاجتماعية الخلافية في إيران، أعرب الرئيس الإيراني عن تحفظه على جدوى القانون الذي يشدد العقوبة على النساء غير المحجبات، المعروف بقانون "الحجاب والعفّة الجديد"، وذلك بعد مرور عامين على وفاة الشابة الإيرانية مهسا أميني التي تعرضت أيلول/سبتمبر 2022 للتوقيف من طرف شرطة الأخلاق في طهران، بذريعة عدم التزامها بقواعد اللباس في الشارع العام.
ويُثير القانون القاضي بتشديد العقوبات على لبس الإيرانيات غير المحجبات جدلًا في إيران، بين التيارات المحافظة المدافعة عن القانون وتيارات المعارضة التي تُحذّر من مقبّة التضييق على خيارات الإيرانيين.
وفي أول تعليقٍ للرئيس الإيراني على الموضوع قال بزشكيان في مقابلة مع التلفزيون الإيراني الرسمي إنه باعتباره "الشخص المسؤول عن إصدار هذا القانون، لدي الكثير من التحفظات عليه"، محذّرًا من أن القانون "قد يفسد أمورًا كثيرة" في المجتمع، ونحن كمشرعين يجب ألا نقوم بما من شأنه أن يثير استياء الأمة" على حدّ تعبيره.
يقضي القانون المثير للجدل بتشديد العقوبات على الإيرانيات غير المحجّبات
وكان البرلمان الإيراني قد أقرّ مشروع قانون "الحجاب والعفة الجديد" في وقتٍ سابق، ومن المنتظر أن يدخل العمل بعد توقيعه من طرف الرئيس الإيراني في الثالث عشر من شهر كانون الأول/ديسمبر الجاري، إلّا إذا رفض بزشكيان إجازته.
وينصّ مشروع القانون الجديد على تشديد العقوبات على النساء المخالفات لمعايير الحجاب الشرعي، حيث يقضي "بفرض غرامات على النساء غير المحجبات أو اللواتي يضعن الحجاب بشكل غير صحيح في الأماكن العامة أو على شبكات التواصل الاجتماعي، قد تصل في حال تكرار المخالفة إلى دفع ما يعادل 20 ضعف الراتب المتوسط".
وبحسب مصادر اطلعت على مشروع القانون فإنه "يتعين دفع الغرامات خلال عشرة أيام، تحت طائلة تعرض المخالِفات لحظر السفر إلى الخارج، والحرمان من بعض الخدمات العامة، من بينها الحصول على رخصة القيادة".
وكان بزشكيان قد تعهد خلال حملته الانتخابية، بأن يسحب من الشوارع "عناصر شرطة الأخلاق المكلفة بالإشراف على الالتزام ببعض القوانين الاجتماعية في الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وفي مقدمتها الحجاب الإلزامي لكل النساء"، كما وجه بزشكيان أثناء عمله نائبًا في البرلمان الإيراني "انتقادات للشرطة الإيرانية على خلفية وفاة الشابة مهسا أميني".
وبمناسبة الذكرى الثانية لوفاة الشابة أميني، تعهد بزشكيان بأن "تحول حكومته دون مضايقة شرطة الأخلاق للنساء، خاصة فيما يتعلق بارتداء الحجاب".
وقال الرئيس الإيراني حينها: "حتى المدعي العام أعلن أنهم؛ أي عناصر شرطة الأخلاق، ليست لديهم الصلاحية لمواجهة النساء في الشارع".
يشار إلى أنّ مجلس حقوق الانسان التابع للأمم المتحدة دعا طهران سابقًا إلى "إلغاء القانون الذي يشدد بشكل كبير العقوبات على النساء اللواتي ينتهكن قواعد اللباس الإسلامي الصارمة"، حيث وصف المجلس القانون بكونه "قمعي ومهين" وفق تعبيره.
ومن الملاحظ حسب وسائل إعلام غربية مختلفة، أنه منذ الاحتجاجات التي أعقبت وفاة الشابة مهسا أميني تزايد مشاهد الإيرانيات في الأمامكن العامة وهنّ يرتدين ملابس تعتبرها السلطات مخالفة للضوابط والمعايير الشرعية، ملابس ضيقة وتكشف بعض الشعر أو الأطراف".
يشار إلى أنّ قانون الحجاب في إيران تمّ إقراره عام 1978 بالتزامن مع الثورة الإسلامية التي قادها الخميني، وعلى وقع التغيرات التي عرفتها إيران، لوحظ مستوًى من التساهل في العقد الأخير مع مظاهر بعض التحرر لدى الإيرانيات في اللبس بالأماكن العامة، وباتت قضية الحجاب شيئًا فشيئًا قضية سياسية، يتجاذبها تيار المحافظين ومعارضيهم من مختلف الطيف السياسي الإيراني.