20-أبريل-2025
دونالد ترامب

تفعيل قانون التمرد ضدّ المهاجرين (رويترز)

تتّجه إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب نحو إصدار قرارٍ يسمح لها باستخدام "قانون التمرد" ضدّ المهاجرين الذين تترصّدهم الإدارة الأميركية بغية ترحيلهم، منذ عودة ترامب إلى البيت الأبيض كانون الثاني/يناير الماضي.

يشار إلى أنّ الانتقادات الحقوقية المنددة بسياسات ترامب، في تزايد، وبالخصوص حول قضايا المهاجرين التي أخذت اليوم الأحد، حيزًا كبيرا من المسيرات التي جابت أنحاء البلاد منددة بإدارة ترامب وسياساتها.

وينتظر ترامب، حسب واشنطن بوست، تقييمًا من وزير الدفاع بيت هيغسيت ووزيرة الأمن الداخلي كريستي نويم، حول ما إذا كان عليه أن يفعل "قانون التمرد"،  بإجراءاته الصارمة والاستثنائية، لمكافحة تدفق المهاجرين إلى الولايات المتحدة الأميركية عبر الحدود الجنوبية.

صدر قانون التمرد لأول مرة في العام 1807، وهو يمنح لرؤساء الولايات المتحدة الأميركية صلاحيات نشر الجيش وقوات الحرس الفيدرالية داخل الحدود، لكن فقط في ظروف معينة، تشمل التمرد والاضطرابات المدنية ذات الطابع العنيف

وأشارت المعلومات التي تحصلت عليها واشنطن بوست إلى أنه من الممكن أن يقدم هيغسيت ونويم توصيتهما إلى ترامب اليوم الأحد أو بداية الأسبوع المقبل.

وكان ترامب قد منح هيغسيت ونويم مهلة ثلاثة أشهر لموافاته بتقييم مفصّل حول الأوضاع في حدود الولايات المتحدة الجنوبية مع المكسيك وكندا، بالإضافة إلى اقتراح التوصيات اللازمة لإحكام السيطرة على المنطقة الحدودية، بما في ذلك إجراء تفعيل قانون التمرد الصادر عام 1807.

يشار إلى أنّ ترامب أصدر بمجرّد توليه منصبه الرئاسية كانون الثاني/يناير الماضي أمرًا تنفيذيًا، يعلن حالة طوارئ وطنية على الحدود، ويقضي بنشر قوات وحواجز ومعدات إضافية على الحدود الجنوبية للحد من دخول المهاجرين، مدعيًا أنّ إدارة ترامب جعلت حدود البلاد مستباحة أمام المهاجرين والمهرّبين.

قانون التمرّد

صدر هذا القانون لأول مرة في العام 1807، وهو يمنح لرؤساء الولايات المتحدة الأميركية صلاحيات نشر الجيش وقوات الحر الفيدرالية داخل الحدود، لكن فقط في ظروف معينة، تشمل التمرد والاضطرابات المدنية ذات الطابع العنيف، كما يسمح مؤقتًا بتعليق قانون "بوسي كومتاتوس" الصادر عام 1878، الذي ينص على فصل المهام بين الأجهزة الشرطية والأجهزة العسكرية، بحيث يجعل تدخل هذه الأخيرة، في إنفاذ القوانين المحلية، محدودًا للغاية.

وقد استبقت إدارة ترامب احتمال تفعيل قانون التمرد بخطوات ترجّح إنفاذه، فقد أرسلت خلال الأشهر الماضي قوات في الخدمة الفعلية، مزودة بمركبات قتالية من طراز سترايكز التي تزن 20 طنًّا، إلى الحدود الجنوبية. كما أعطت إدارة ترامب ضوءًا أخضر لخطة تسمح للبنتاغو بالسيطرة على شريط حدودي بعرض 60 كيلومبرًا من الحدود الجنوبية، لاستخدامه كقاعدة عسكرية لاحتجاز المهاجرين من جهة، وإتاحة الفرصة أمام العسكريين للقيام بأدوار في تتبع المهاجرين.

مخاوف القانونيين

تثير إمكانية تفعيل ترامب لقانون التمرد ضدّ المهاجرين مخاوف لدى خبراء القانون الدستوري، بشأن العلاقات المدنية العسكرية، وبشأن توظيف الجيش لتحقيق أغراض سياسية داخلية، قد تشمل قمع الاحتجاجات السلمية، لا سيما أنّ الحديث عن الموضوع يتزامن مع تكثيف معارضي ترامب لأنشطتهم الاحتجاجية التي من المتوقع أن يتزايد زخمها، خلال الفترة المقبلة، نظرًا لتمادي ترامب في اتخاذ قرارات وتطبيق سياسات، تهدد الاقتصاد والمجتمع الأميركي ومُثُل الديمقراطية الأميركية، حسب النشطاء في حملة "ارفعوا أيديكم" وحملة "50501" التي تعني "50 احتجاجًا، خمسون ولاية، حركة واحدة".

وفي هذا الصدد، نقلت واشنطن بوست، عن أستاذ القانون في جامعة جورج تاون والمهتمة أيضًا بموضوع العلاقات المدنية العسكرية روزا بروكس، قولها إنّ لجوء ترامب المحتمل إلى قانون التمرد لعام 1807 "ينطوي على مخاطر بالنسبة للمؤسسة العسكرية"، فضلًا عن ذلك فإنّ "العديد من عناصر الجيش سيجدون القيام بمهام تجعلهم في مواجهة مباشرة مع المدنيين، مقلقًا للغاية. وأردفت بروكس قائلة: "إذا كانوا سيستخدمون قوات في الخدمة الفعلية لقمع الاحتجاجات السلمية في المدن والبلدات الأميركية، فسيكون ذلك أمرا غير مسبوق وصادما حقا".

ولفتت صحيفة واشنطن بوست إلى أنّ اهتمام ترامب بهذا القانون الذي يتيح قمع التمردات الداخلية، ليس وليد اليوم، بل يعود إلى فترة ولايته الرئاسية الأولى، مشيرةً إلى أنه تسبب حينها في مواجهة بين ترامب ومسؤولين كبار في وزارة الدفاع.

يشار إلى أنّ آخر مرة تم فيها تفعيل قانون التمرد، كانت في العام 1992، حينما طلب حاكم  ولاية كاليفورنيا حينها الجمهوري بيت ويلسون من الرئيس جورج بوش الأب، مساعدةً عسكرية لاحتواء أعمال الشغب التي قامت في الولاية عقد ضرب شرطي أبيض للشاب الأسود رودني كينغ.

لترامب سوابق مع إحياء العمل بمثل هذه القوانين الاستثنائية، فقد لجأ آذار/مارس الماضي إلى تفعيل "قانون الأعداء الأجانب الصادر عام 1798" في عملية اعتقال "أفراد العصابات الفنزويليين وترحيلهم بشكل فوري إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور"

وترى إليزابيث غويتين، الباحثة في مركز برينان بجامعة نيويورك، أنّ الظروف حاليًا مختلفة عما كانت عليه في التسعينيات، مشيرةً إلى "أنّ عمليات عبور الحدود بشكلٍ غير نظامي قد انخفضت، حيث أبلغت هيئة الجمارك وحماية الحدود عن 7180 حالة عبور غير نظامي للمهاجرين في آذار/مارس، بانخفاض عن 28  ألفا و654 حالة في شباط/فبراير، وعن ذروة بلغت 370 ألفا و883 حالة في كانون الأول/ديسمبر 2023 خلال إدارة الرئيس السابق جو بايدن".

وبالتالي ليس هناك ما يستدعي، حسب غوتين، اللجوء إلى قوانين "غامضة ومتطرفة"، معتبرةً أنّ اللجوء المحتمل لقانون التمرد سيعتبر "استخداما متعسفًا، وغير مسبوق".

لكنّ ترامب لديه سوابق مع إحياء العمل بمثل هذه القوانين، فقد لجأ آذار/مارس الماضي إلى تفعيل "قانون الأعداء الأجانب الصادر عام 1798" في عملية اعتقال "أفراد العصابات الفنزويليين وترحيلهم بشكل فوري إلى سجن شديد الحراسة في السلفادور"، وذلك على الرغم من أنّ ذلك القانون، لم يستخدم من قبل، حسب واشنطن بوست، إلا في زمن الحرب.

ولعلّ ذلك هو ما جعله يواجه صعوبات مع القضاء الفيدرالي الذي عطّل الجمعة الماضية، ترحيل عشرات الفنزويليين ممن تزعم إدارة ترامب أنهم أعضاء في عصابات.