23-نوفمبر-2018

شهد البرلمان السوداني خلافات حادة حول قانون الانتخابات (تويتر)

فجرت مسودة قانون الانتخابات التي طرحها الحزب الحاكم أزمة سياسية داخل البرلمان السوداني، إلى درجة أنها كادت تعصف بالحكومة الحالية الموسومة بحكومة "الحوار الوطني". وقد برز الخلاف بين المؤتمر الوطني وقوى المعارضة حول خمس نقاط تقلصت إلى ثلاثة ثم إلى واحدة، لينتهي العرض بإجازة القانون عقب انسحاب الكتلة المعارضة دون توافق نهائي.

فتح الرحمن فضيل لـ"ألترا صوت": المؤتمر الوطني سيلجأ للغالبية الميكانيكية عند كل تصويت أو تعديل يفشل في إقناع الشركاء به، وهذا يعني أنه ماضٍ في حالة ما قبل الحوار الوطني 

نقطة الخلاف الأخيرة

تركز الخلاف على أشده نهار الأربعاء في الفترة الزمنية المقترحة لإجراء العملية الانتخابية في 2020، ما بين يوم إلى ثلاثة أيام، وفي حين تمسكت المعارضة بيوم واحد، خشية السطو على صناديق الاقتراع ليلًا وتزويرها، تمسك المؤتمر الوطني بفترة الأيام الثلاثة، مبررًا بأنه يريد تمكين كل الناخبين من الإدلاء بأصواتهم، كاستحقاق دستوري، ولم تفلح كل الجهود في تحقيق تفاهم حول هذه المادة تحديدًا، لينتهي السجال بانسحاب قوى المعارضة بعد بداية جلسة التصويت مباشرة، ولجوء الحكومة لإجازة المسودة بعد التلويح بالأغلبية الميكانيكية.

اقرأ/ي أيضًا: الدستور الغائب عن حفل الشورى.. الحزب السوداني الحاكم يمنح البشير دورة سادسة

انسحاب وتذبذب مواقف

تشمل المجموعة المعارضة المنسحبة من جلسة إجازة قانون الانتخابات كتلة التغيير التي تضم 37 نائبًا مستقلًا، إلى جانب المؤتمر الشعبي وممثلي أحزاب الأمة بقيادة مبارك الفاضل، وحركة "الإصلاح الآن" وحزب "السودان أنا"، وأحزاب وحركات دارفور. بينما حدث تذبذب في موقف الحزب الاتحادي الديمقراطي الأصل الذي يقوده محمد عثمان الميرغني راعي الطريقة الختمية الأكثر شعبية في شمال وشرق السودان، ما دفع أمانة التعبئة السياسية بالحزب إلى إصدار بيان، تبرأت فيه مما رشح عن دعمهم لموقف المؤتمر الوطني داخل البرلمان في إجازة  القانون، وأعلن الحزب مقاطعته للانتخابات في 2020 وشن هجومًا على النواب الذين ادعوا تمثيلهم الحزب ومواقفهم على القانون ووصفهم بنواب الغفلة.

وتمثلت أبرز نقاط الخلاف بين الحزب الحاكم والمعارضة في تعيين ولاة الولايات من قبل رئيس الجمهورية أم انتخابهم مباشرة من الجمهور، وتمويل الأحزاب المشاركة في الانتخابات من قبل الدولة، وهل يصوت المغتربين على القائمة الكلية بما فيها رئيس الجمهورية والولاة والمجالس التشريعية، أم يقتصر الأمر فقط على التصويت للرئيس، بجانب الفترة الزمنية للتصويت. وقد انتصرت رؤية المعارضة في تمويل الأحزاب بصورة غير مباشرة، وانتخاب الولاة، والتصويت على قائمة الكلية، إلا أنها خسرت في نقطة فترة الاقتراع، والتي حسمت بتمرير القانون دون توافق، وهو الخيار الذي ظل يتجنبه الحزب الحاكم، خوفًا من انهيار الحوار الوطني، وأن يتهم بالتعسف والهيمنة. وقد استغرق نقاش القانون وإجازته بين الكتل البرلمانية 292 ساعة من خلال 23 اجتماعًا، وستة أشهر دارت فيها حوارات كثيفة وعمليات شد وجذب في العلن والخفاء.

الوطني يريدها انتخابات نزيهة

 من جهته قال رئيس القطاع السياسي في حزب المؤتمر الوطني عبد الرحمن الخضر، إن الضرورة اقتضت إجازة قانون الانتخابات في البرلمان للوفاء بالترتيبات الإجرائية للعملية، وتأسف الخضر على ما أسماه "تصلب مواقف ممثلي بعض القوى حيال بعض بنود القانون الذي أجيز الأربعاء في البرلمان"، مؤكدًا حرصهم على إجراء انتخابات نزيهة تعبر عن إرادة أهل السودان، وذلك بعد تشكيك قوى حزبية في عدالة الإجراء الانتخابي عقب تمرير القانون في البرلمان دون توافق، أدى لانسحاب 71 نائبًا. وقال الخضر إن حزبه سعى خلال الأشهر الماضية لتحقيق إجماع وطني حول قانون الانتخابات وتم الاتفاق على أكثر من 108 مواد وتبقت واحدة.

اقرأ/ي أيضًا: طعن دستوري ضد البشير.. حرب اليمن مرفوضة شعبيًا في السودان

الاتحاد الأوربي على خط الأزمة

أما نائب رئيس الوزراء السابق رئيس حزب الأمة مبارك المهدي، فقد قاد معركة معارضة قانون الانتخابات من داخل البرلمان وخارجه، وأطلع المهدي مسؤولًا رفيعًا في بعثة الاتحاد الأوروبي بالخرطوم على مشروع قانون الانتخابات والخلافات التي تدور حوله، وموقف حزبه تجاهه. ونقلت صحيفة التيار السودانية أن الاجتماع بين الفاضل ومسؤول الاتحاد الأوروبي جاء بطلب من الأخير. وكتب المهدي تدوينة على صفحته في موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك، قائلًا: "لقد شددنا علي اختصار الاقتراع في الانتخابات إلى يوم واحد ورفضنا أي مساومة، وذلك لأن المشكلة ليست في عدد الأيام بل في ضمان محاصرة التزوير"، مشيرًا إلى أن النظام يسيطر علي كل الأجهزة الأمنية والشرطية والعسكرية بمختلف المسميات، ولذلك لا يمكن ضمان سلامة الصناديق إذا باتت ولو يوم واحد". وأضاف المهدي أنه "إذا لم يتم التوافق على القانون وضوابط رقابة محلية ودولية صارمة، أبشركم بأوسع مقاطعة للانتخابات المقبلة".

في حال اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفًا سالبًا من تعديلات البرلمان السوداني، أو مناصرًا للمعارضة، فإن ذلك ربما يهدد عملية إجراء الانتخابات برمتها في 2020، التي تحتاج إلى تمويل خارجي

وفي حال اتخذ الاتحاد الأوروبي موقفًا سالبًا مما جرى، أو مناصرًا للمعارضة، فإن ذلك ربما يهدد عملية إجراء الانتخابات برمتها في 2020، والتي تحتاج إلى تمويل خارجي، يسهم فيه الاتحاد الأوروبي بالقدر الكبير، تحديدًا في ظل ظروف أزمة اقتصادية يعاني منها السودان منذ سنوات، ولا يبدو أن هنالك حلولًا على المدى القريب لها.

معضلة ترشيح البشير

وفي سياق الجدل حول إعادة ترشيح الرئيس الحالي عمر البشير، قال النائب البرلماني عن حزب الإصلاح الآن فتح الرحمن فضيل، لـ"ألترا صوت"، إن انسحابهم من جلسة إجازة القانون الانتخابي أوضح لهم بعض الخلاصات، منها "أن المؤتمر الوطني سيلجأ للغالبية الميكانيكية عند كل تصويت أو تعديل يفشل في إقناع الشركاء به"، وهذا يعني، وفقًا لفضيل، أن الوطني ماضٍ في حالة ما قبل الحوار الوطني وأنه ارتد ردة سياسية كبيرة، تهدد بنسف الحوار الوطني من أساسه، لافتًا إلى أن الوطني الذي ضاق ذرعًا بتعديل صغير في قانون الانتخابات، "لن يتورع في استخدام الدكتاتورية والعصبية الحزبية لضمان ترشيح الرئيس البشير". وتابع أن كتلة المعارضة أنهت حالة السيولة وتبشر بتحالفات قوية في الانتخابات، معلنًا عن تحولهم إلى هيئة تجتمع بصورة دورية، وسوف تنزل إلى الشارع وتتصدى من داخل البرلمان إلى تعديل الدستور وقانون الأمن الوطني، وكافة القضايا السياسية والأوضاع الاقتصادية في البلاد.

 

اقرأ/ي أيضًا:

تحالف أوروبا مع السودان ضد الهجرة.. رفع العقوبات مقابل رفع الحرج

جوازات سفر سودانية للبيع.. كيف يستغل شقيق البشير حاجة اللاجئين السوريين؟