وصلت صباح اليوم الخميس قافلة "الصمود" المغاربية لكسر الحصار عن غزة إلى مدينة مصراتة، حيث استُقبلت بحشود كبيرة أطلقت الألعاب النارية ورددت الهتافات المؤيدة لغزة وفلسطين.
ومن المتوقع أن تواصل القافلة مسيرها نحو مدن ومناطق شرق ليبيا، الخاضعة لسيطرة القوات التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر. في المقابل، أكدت السلطات المصرية رفضها التعامل مع أي تحركات لا تندرج ضمن الضوابط الرسمية المعتمدة لزيارة المنطقة الحدودية مع قطاع غزة.
وأعلنت "تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين"، عبر صفحتها على منصة "فيسبوك"، أن المجلس البلدي لمصراتة، إلى جانب اللجنة العليا لحملة المساعدات الليبية للشعب الفلسطيني، وجّها نداءً إلى سكان المدينة للمشاركة في الاستقبال الشعبي للقافلة، دعمًا لصمود الشعب الفلسطيني ونصرة لقضيته العادلة.
استُقبلت قافلة "الصمود" لكسر الحصار عن غزة في مدينة مصراتة بحشود كبيرة أطلقت الألعاب النارية ورددت الهتافات المؤيدة لغزة وفلسطين
وقد وصلت الليلة الماضية إلى مدينة زليتن في محطتها الثالثة داخل الأراضي الليبية، وسط استقبال شعبي واسع، فيما دعت الجهات المنظمة سكان مصراتة إلى المشاركة الفاعلة في احتضان القافلة والتفاعل مع أهدافها.
رسالة طمأنة إلى القاهرة: لا أجندة سياسية ولا مساس بالسيادة
وفي ظل تقارير عن تحفظ مصري رسمي تجاه القافلة، أصدرت الهيئة التسييرية للقافلة بيانًا توضيحيًا أكدت فيه أن المبادرة لا تحمل أي طابع سياسي أو أيديولوجي، ولا تستهدف الضغط على أي طرف داخلي في مصر. وأضافت أن القافلة تحرص على احترام السيادة المصرية، وقد تواصلت مسبقًا مع الجهات المعنية عبر القنوات الدبلوماسية، بما في ذلك سفارة مصر في تونس ووسطاء في القاهرة، إضافة إلى مراسلات رسمية إلى وزارة الخارجية المصرية.
وشدد البيان على أن الهدف الوحيد للتحرك هو "إيصال دعم إنساني ورسالة تضامن إلى أهلنا في غزة"، مؤكدة أن القافلة لن تُستخدم منصة سياسية ضد النظام المصري، بل تركز حصريًا على "مواجهة الاحتلال الإسرائيلي وجرائمه بحق المدنيين الفلسطينيين".
موقف مصري حذر... وترحيب شعبي ورسمي بالحقوق الفلسطينية
في المقابل، لم يصدر حتى الآن موقف رسمي من الحكومة الليبية الموازية في الشرق، التابعة للواء المتقاعد خليفة حفتر، حول السماح بمرور القافلة في المناطق التي تسيطر عليها، خاصة من سرت وحتى الحدود الليبية-المصرية. ورغم ذلك، أكدت التنسيقية استمرارها في التنسيق مع مختلف الأطراف الليبية والمصرية لضمان مرور آمن ومنظم.
من جانبها، أصدرت وزارة الخارجية المصرية بيانًا أكدت فيه ترحيبها بالمواقف الداعمة لفلسطين، لكنها شددت على ضرورة الالتزام بالإجراءات التنظيمية المعتمدة لدخول أي بعثات إلى منطقة العريش أو معبر رفح، مشيرة إلى أهمية التنسيق المسبق عبر السفارات المصرية أو القنوات الرسمية المعروفة.
إسرائيل تضغط ومخاوف أمنية في سيناء
وفي تطور متزامن، نقلت وسائل إعلام إسرائيلية عن مكتب وزير الأمن، يسرائيل كاتس، أن الحكومة الإسرائيلية "تتوقع من مصر منع عبور القافلة"، واصفًا المشاركين بأنهم "متظاهرون جهاديون".
ويعكس هذا الموقف الإسرائيلي قلقًا من التحركات الشعبية العربية على الحدود، في وقت يتصاعد فيه الضغط الدولي على تل أبيب لوقف الحرب التي تدخل شهرها العشرين.
لحظة عربية فارقة... ونداء من أجل غزة
في ختام بيانها، ناشدت تنسيقية القافلة السلطات المصرية التجاوب مع ما وصفته بـ"اللحظة التاريخية الفارقة في مصير فلسطين"، معتبرة أن السماح بدخول القافلة سيمثّل رسالة عربية موحدة ضد الحصار والعدوان. وأكدت أن "مصر كانت ولا تزال سندًا لفلسطين"، وأن هذا التحرك ليس سوى امتداد لتاريخ التضامن المشترك بين الشعوب العربية.
خلفية العدوان المستمر
تأتي هذه المبادرة في ظل استمرار العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة منذ 7 تشرين الثاني/أكتوبر 2023، والذي أودى بحياة عشرات الآلاف من المدنيين، بينهم آلاف الأطفال والنساء، وسط تدمير واسع للبنية التحتية وغياب أي أفق لاتفاق دائم لوقف إطلاق النار. ورغم إدخال مساعدات محدودة عبر معبر رفح، تؤكد منظمات إغاثية أن الاحتياجات الإنسانية في القطاع تتفاقم يومًا بعد يوم.
مشاركة واسعة وتحذير من الشائعات
القافلة، التي تنظمها "تنسيقية العمل المشترك من أجل فلسطين"، تمثّل مبادرة مغاربية غير رسمية بمشاركة نشطاء من تونس والجزائر وليبيا، وتحمل طابعًا إنسانيًا خالصًا، بحسب منظّميها.
وتتكوّن القافلة من قرابة 1500 مشارك، بينهم نشطاء تونسيون وجزائريون، مع توقع انضمام مئات من الليبيين. وتضم نحو 20 حافلة وأكثر من 300 سيارة خاصة، تحمل مساعدات غذائية وطبية. وقد وجّه الفريق الإعلامي للقافلة نداءً إلى وسائل الإعلام لتوخي الدقة في نقل الأخبار، والاعتماد فقط على البيانات الرسمية الصادرة عن المتحدثين المعتمدين.