17-يوليو-2018

سعداء الحظ لا يمتلكون قوى سحرية لكنهم يقظون للفرص من حولهم (Getty)

ألترا لايت - فريق التحرير

"كل شيء يتعطل في الوقت نفسه!"، "إذا كنت تقف في طابور بطيء وقمت بتغييره، فطابورك الأول فجأة سيتحرك بشكل أسرع!"، "من الخطأ جعل أي أداة ميكانيكية تلاحظ أنك مستعجل، فحينها لن تعمل معك كما ينبغي!"، "إذا وقع من يدك شيء دقيق، فتأكد أنه سيتـدحرج إلى أن يصل إلى المكان الذي لا يمكنك الوصول إليه!"، "كل شيء يقع في الحمام لا بد أن يسقط في المرحاض تحديدًا!".

يمكن للشخص زيادة حظوظه بأربع إستراتيجيات أساسية: تعظيم فرص الحظ والاستماع إلى حدسك وتوقع حسن الحظ وتحويل الحظ السيئ إلى جيد

هذه فقط أمثلة للعبارات الرائجة التي تجسد حياة سيئي الحظ حتى في أدق تفاصيلها، والتي يطلق عليها "قوانين مورفي لسوء الحظ"، من كثرة النكسات التي يلاقيها قسم من الناس في طريقهم، ويبدو أن الكثير منا يشكو من تعس حظه في هذه الحياة. فهل يمكن أن نزيد من حصتنا في الحظ؟ وكيف نقوم بذلك؟ وما هو الحظ أصلاً؟

اقرأ/ي أيضًا: نصائح لحياة أكثر سعادة

قد يبدو الحظ مرادفًا للعشوائية والعدمية المجانية، وعادة ما يصف الناس أحدًا بكونه "محظوظ" كحيلة لإنكار أهمية مجهوده الشاق أو موهبته التي صقلها بذكاء، لكن في الحقيقة فإن أصحاب الإنجازات العظيمة، هم أناس كدوا لوقت طويل من أجل تحقيقها، مثلما أن الفاشلين مهدوا طريقهم للفشل بالكسل والقرارات السيئة، وليس للحظ علاقة بالأمر.

غير أن هناك أشخاصًا بالفعل تجد الفرص تقترب إليهم من كل جانب كما لو كانوا يحملون مغناطيس جذبٍ للحظ، وعن هؤلاء المحظوظين يقول ريتشارد وايزمان، بروفيسور علم النفس بجامعة هيرتفوردشاير في بريطانيا: "يبدو أنهم يملكون قدرة خارقة على أن يكونوا في المكان المناسب، و في الوقت المناسب، و يحصلون على أكثر مما هم يستحقونه في الواقع".

القدرة على جلب الحظ هي مفتاح الحظ السعيد
القدرة على جلب الحظ هي مفتاح الحظ السعيد

فماذا لدى هؤلاء الناس وليس لدى البقية منا؟ بعيدًا عن مستوى امتيازهم أو الظروف المواتية التي ولدوا فيها، اتضح أن "القدرة على جلب الحظ" هي المفتاح، حيث يملك الأفراد الأكثر حظًا مجموعة محددة من المهارات التي تجلب الفرص لهم، وتعلموا بشكل ما طرقًا لتحويل احتمالات الحياة لصالحهم.

عندما كانت تعمل كريستين كارتر -عالمة اجتماع من جامعة بيركلي- على إعداد دورة عبر الإنترنت للعائلات بشأن تربية الأطفال على جعلهم سعداء، تعثرت في خضم عملها على مسألة "الحظ". في البداية تعاملت كارتر مع الحظ كمفهوم غامض وغريب ومثير للشك من صلاحيته للدراسة أصلاً، ثم قررت أن تتخذ "مهارات الحظ" موضوعاً لمشروعها الشخصي.

في بحثها وجدت كارتر أحد كتب البروفيسور رتيشارد وايزمان المتعلقة بالموضوع، تحت عنوان "عامل الحظ"، نشر في سنة 2004. كرّس وايزمان حياته المهنية للتنقيب عن منافذ غير عادية في علم النفس، وتناول ظواهر غريبة في دراساته، أحدها هي قيامه بتجارب على عينات من جيدي الحظ وآخرين من سيئي الحظ، ثم حاول تحديد اختلافاتهم.

كان يأخذ الأشخاص الذين يعرّفون أنفسهم على أنهم محظوظون وأشخاص لا يقولون إنهم محظوظين، ثم يضع مبلغ 20 دولار في الشارع، فتكون النتيجة أن الأشخاص المحظوظين يلاحظون المال ويلتقطونه، بينما الناس غير المحظوظين لا يفعلون ذلك.

الفرص أمام الجميع، والمحظوظون فقط من ينتبهون لها
الفرص أمام الجميع، والمحظوظون فقط من ينتبهون لها

على الرغم من أن هذه الطريقة قد تبدو سطحية للتمييز بين المحظوظين وسيئي الحظ، ومع ذلك، كانت نفس النتيجة قد توصل إليها وايزمان في العديد من التجارب المشابهة على مدار 10 أعوام تقريبًا، ما يحيل إلى أهمية الانتباه للفرص في المحيط حولنا، وإبقاء عقولنا مفتوحة.

لم يكتف وايزمان بدراساته عن الحظ، بل أسس "مدرسة الحظ"، حيث يمكن للناس تعلم تقنيات زيادة الحظ استنادًا إلى أربعة مبادئ رئيسة، وهي:

1. تعظيم فرص الحظ. 

2. الاستماع إلى حدسك. 

3. توقع حسن الحظ. 

4. تحويل الحظ السيئ إلى جيد.

وشملت الإستراتيجيات التي اعتمدها في تدريبه؛ استخدام التأمل لتعزيز الحدس، والاسترخاء، وتصور الحظ السعيد، والتحدث مع شخص جديد واحد على الأقل كل أسبوع. بعد شهر تابع حالة المشاركين، وقال إن 80% صاروا أكثر حظاً!

كان لكل هذه التقنيات موضوع واحد مشترك، وهو جعل المرء أكثر انفتاحًا على بيئته جسديًا وعاطفيًا. ويبدو الأمر معقولا، إذ كلما كنت أكثر يقظة لظروفك المحيطة، كلما زاد احتمال قيامك بالتقاط مورد قيم أو تجنب خطر أو خسارة ما. ولا يستقطب المحظوظون فرصًا جديدة وحظًا ساحرًا، وإنما فقط يتجولون في محيطهم وعيونهم مفتوحة على مصراعيها. وهذا يعني أن أي شيء يؤثر على قدراتنا الإدراكية لبيئتنا، مثل القلق والتوتر والخجل، يؤثر أيضًا فرصنا في الحظ.

تقول كارتر: "إذا كنت قلقاً من عدم العثور على مكان لوقوف سيارتك، فقط تفقد رؤيتك المحيطية"، إذ إن الأشخاص القلقين يميلون إلى توجيه انتباههم إلى التهديدات المحتملة، ويهملون الفرص الموجودة، كما أنهم غالباً ما يتجنبون الحديث مع الغرباء الذين قد يقودونهم إلى ضالتهم.

كلما كنت أكثر يقظة لظروفك المحيطة وأقل قلقًا، كلما زاد احتمال التقاطك لمورد قيّم أو تجنب خطر أو خسارة ما

اكتشفت كارتر في عملها التدريبي مع العائلات، أن مجرد فتح عقول الوالدين لفكرة أن الحظ يمكن تعلمه، أحدث فرقاً كبيراً. تعترف كارتر نفسها بأنها تأتي ضمن مجموعة طويلة من النساء القلقين، وأنه "لم يكن تعلم مهارات الحظ هذه سهلاً، ولكن بمجرد أن تفعل"، كما تقول، "يمكنك البدء في رؤية الخير في الحالات غير المحظوظة، والتي يمكن أن تحسن استجابتك إلى سوء الحظ".

 

اقرأ/ي أيضًا:

انفوجرافيك: ماذا تعرف عن القلق والاسترخاء؟

الألوان والشخصيات في علم النفس

الأطباء يحذّرون: التوتر الشديد قد يؤدي إلى فقدان البصر

أسباب محتملة لشعورك الدائم بالتعب والإرهاق