08-يوليو-2018

يفصل سياج فقط بين الازدهار والتهميش في كثير من المناطق (Getty)

هوة شاسعة تلك تفرق بين بلدان متقدمة وأخرى في مؤخرة الركب بسبب التهميش والقمع، من حيث جودة العيش وتطور العلوم والفنون، لكن على مستوى الجغرافيا أحيانًا فإن سياجًا فقط يفصل بينها، ومع ذلك لم يشفع تجاور بعضها البعض من تبادل التأثير والتفاعل، حيث أصبحت الحدود في هذه الحالة، علامة مرئية تصل بين الازدهار والتهميش، وليس مجرد ترسيم للمساحات.

1. الولايات المتحدة الأمريكية - المكسيك

يفصل سياج فقط بين الازدهار والتهميش في كثير من المناطق (Getty)

على طول 3145 كلم تتواصل الحدود بين الولايات المتحدة الأمريكية، والمكسيك الغارق في الاضطرابات الداخلية، حيث يمتد حائط مسيج من خليج المكسيك إلى المحيط الهادي، ملامسًا ولايات كاليفورنيا وأريزونا ونيو مكسيكو وتكساس، إلى نهر كولورادو.

من أسطح البنايات المجاورة للحدود في ولاية نيو ميكسيكو الأمريكية، يستطيع المرء مشاهدة النيران وسماع أزيز الرصاص في الجانب الآخر بمنطقة إل باسو المكسيكية، حيث تخوض القوات الحكومية معارك مستمرة مع كارتيلات المخدرات. وبسبب العنف الإجرامي المستفحل هناك، صنّف المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية المكسيك كثاني دولة أكثر دموية في العالم، مباشرة بعد سوريا، بحوالي 23 ألف قتيل سجل في عام 2016.

يفصل جدار محاط بالأسلاك فقط بين منطقة الأمان والثراء والتقدم ومنطقة العنف والمخدرات والجريمة، جدار يمكن أن يقرر مصير حياة الفرد حسب الجانب الذي ينتمي إليه.

2. كوريا الجنوبية - كوريا الشمالية

يفصل سياج فقط بين الازدهار والتهميش في كثير من المناطق (Getty)

كانت كوريا أرضا موحدة، وبعد الحرب العالمية الثانية حصلت على استقلالها من مستعمرتها اليابان سنة 1945، لكنها أصبحت مسرحًا للصراع بين المعسكر الغربي والمعسكر الشرقي، تم على أثر ذلك تقسيم كوريا إلى واحدة شمالية تابعة للاتحاد السوفيتي وأخرى جنوبية تابعة لأمريكا. وبحلول منتصف سنة 1949 انسحبت القوات الأمريكية والسوفيتية من البلاد الكورية، دون أن يعني ذلك انحلال رابط الولاء للحكومتين الشمالية والجنوبية مع المعسكرين.

ورغم أن الكوريتين معا الشمالية والجنوبية لهما نفس التاريخ وتحتضنهما نفس الأرض ويتنفسان نفس الثقافة، إلا أن واحدة منهما لا زالت ترزح تحت نير الدكتاتورية، وتتذيل المؤشرات الدولية، بينما الأخرى حققت معجزة نهر "هان" وأصبحت ضمن خمس دول في العالم هي الأكثر طلبا لبراءات الاختراع.

ومرة أخرى سياج فقط يقرر حياة الفرد الكوري، فإذا كان من مواليد الشمالية فسيعيش حياة أقرب إلى العبودية يعمها البؤس والفقر، أما إن كان من مواطني الجنوبية فسيحظى بحياة الرفاه.

3. إسبانيا - المغرب

يفصل سياج فقط بين الازدهار والتهميش في كثير من المناطق (Getty)

يمتدّ السياج الحدودي الفاصل بين المملكة المغربية ومدينة سبتة المحتلة على امتداد 8 كيلومترات، يرتفع بستة أمتار علوًا، ومجهز بتقنيات الاستشعار والمراقبة، وخلفه قوات الحرس الإسباني ترابط في المكان، ومع ذلك لا يكف آلاف المهاجرين الأفارقة والمغاربة واللاجئين السوريين من محاولة العبور، بشكل يومي، نحو أرض الاتحاد الأوروبي، لبلوغ حياة أفضل.

مجرد جدار، لكنه يفصل بين بلد أوروبي يحتل المركز 27 والمغرب الذي يتبوأ المرتبة 123، بفارق 96 درجة في سلم التنمية البشرية، حسب تقرير الأمم المتحدة لعام 2016، الذي يعتمد على مجموعة معايير تقيس جودة التعليم والخدمات الصحية ومستوى المعيشة ومقدار المساواة.

4. جنوب افريقيا – الموزمبيق، زمبابوي، ناميبيا

يفصل سياج فقط بين الازدهار والتهميش في كثير من المناطق (Getty)

لطالما ارتبطت في مخيالنا منطقة إفريقيا جنوب الصحراء بالفقر والأوبئة والدكتاتوريات والفساد اللامحدود والحروب الأهلية المستمرة، فيما يشبه عجزًا تامًا لهذه القطعة من الكرة الأرضية، حتى باتت دول جنوب الصحراء، نموذجًا مثاليًا للفقر، ولا تكف عن تصدير أبنائها الجائعين المقهورين نحو الضفة الأخرى من البحر الأبيض المتوسط، لكن في أقصى الجنوب تقع جمهورية جنوب إفريقيا، التي تبدو كأنها نقطة مضيئة في نصف قارة مظلمة.

تحد جنوب إفريقيا شمالًا دول غارقة في الفقر والهشاشة، مثل الموزمبيق والزمبابوي وناميبيا، فعلاوة على أنها مركز قوي على مستوى الدبلوماسية العالمية، فهي تعد البلد الصناعي الأول في القارة الإفريقية ككل، ويصنفها البنك الدولي ضمن ذوي الدخل المتوسط الأعلى في إفريقيا.

كما تعرف جنوب إفريقيا بنظامها التعليمي المتميز، إذ تتبوأ معظم جامعاتها العريقة مواقع متقدمة في التصنيف السنوي لأفضل 500 جامعة عالمية.

5. الهند – باكستان

يفصل سياج فقط بين الازدهار والتهميش في كثير من المناطق (Getty)

على غرار كوريا الشمالية والجنوبية، كانت الهند وباكستان أرضًا واحدة، لكن بعد نيل الاستقلال من الاستعمار البريطاني انفصل البلدان سنة 1947، ومنذ تلك اللحظة اتخذ كل منهما مسارًا مغايرًا، واحدة تقدمت إلى الأمام، وأخرى تتخلف إلى وراء.

تصل الحدود بين باكستان والهند إلى 1800 ميل، ولا تتوقف المناوشات بينهما، وطالما يحبس العالم أنفاسه في لحظات ذروة التوتر بينهما خشية اندلاع حرب نووية بسبب عداوتهم التاريخية، وبقدر ما تمثل تلك الحدود نقطة ساخنة بقدر ما هي علامة تميز بين بلدين تشاركا نفس الأرض، ونفس الحضارة، وسارا معًا في درب التاريخ ذاته، لكنهما اختلفا في الوجهة منذ ستة عقود فقط.

وعلى الرغم من أن الهند، لا تصنف ضمن الدول المتقدمة بعد، غير أنه يظهر تفوقها الواضح على باكستان، اقتصاديًا وعلميًا وفنيًا وديمقراطيًا، يجعلها مكانا أفضل للعيش، مقارنة مع جارتها التي ينخرها العنف الجهادي والفساد والدكتاتورية.

جدران تفصل الأغنياء والفقراء داخل الدولة نفسها

منذ سقوط جدار برلين قبل 20 عامًا، الذي كان يفصل بين ألمانيا الشرقية وألمانيا الغربية، لا تزال العديد من الجدران الشبيهة له موجودة في جميع أنحاء العالم، بعضها يخترق المجال بين الدول من أجل تمييز حدودها والحفاظ على سيادتها،  لكن توجد جدران أخرى غرضها الرئيسي هو الفصل بين سكان البلد الواحد نفسه، بناءً على معايير اقتصادية في المقام الأول. وهو ما يعكس رغبة الأغنياء في حماية أنفسهم من "تهديد" الفقراء.

تتركز هذه الحالات في كثير من بلدان العالم الثالث، حيث تشجع السلطات سياسات الفصل المجالي بين مساحات الأغنياء المرفهة ومناطق الفقراء الكتظة، بسبب نفوذ الطبقة الغنية في السلطة، وأيضًا لأسباب تتعلق بسيطرة هذه الجماعات على الفضاء العام. ونتيجة لذلك، يحشر الفقراء في مستنقعاتهم محرومين من الخدمات الأساسية وحرية التنقل والاستمتاع بالحدائق والملاعب والمرافق العامة البعيدة عنهم، لتتحول مناطقهم إلى بؤر للجريمة والمخدرات والاكتظاظ، في ظل غياب دور الدولة.

في هذه المدن، يمكن بوضوح رؤية الفجوة بين الأغنياء والفقراء فقط، من خلال الجدران التي تقسم المدينة إلى أحياء الفقراء وقصور الأغنياء، حيث لا تبعد المسافة بين الذين يعيشون وسط الحرمان والآخرين في الأماكن الثرية سوى خطوات، فيما تكفي زيارة واحدة لهذه المدن لملاحظة التفاوت الطبقي الصارخ فقط من خلال العمران.

6. ليما - البيرو

جدران تفصل الأغنياء والفقراء داخل الدولة نفسها

كازوريناس، هي واحدة من الأحياء الراقية في عاصمة البيرو، ليما، التي تظهر على شكل مجمع مسور، حيث يربض هناك جدار ضخم، طوله 13 كيلومتر، الغرض منه هو إبعاد سكان الأكواخ الذين يعيشون على الجانب الآخر، خوفا من أن يغزو الفقراء منطقة الأغنياء. والغريب أن هذا الفصل الطبقي في ليما أصبح جزءًا من الحياة اليومية، إذ يذهب العديد من سكان الأكواخ الفقيرة للعمل على الجانب الآخر من الجدار، كخدم منازل أو بستانيين لدى الأثرياء.

7. القاهرة - مصر

جدران تفصل الأغنياء والفقراء داخل الدولة نفسها

على طول مدينة القاهرة المصرية، تنتشر "الكمباوندات" الخاصة بالأثرياء، وهي عبارة عن أحياء راقية تتزين بمختلف مظاهر الرفاه الحديثة، محاطة بأسوار تعزلها عن السكان الفقراء، مما يجعلها عوالم هادئة مرفهة وسط التجمعات العشوائية المليئة بالصخب والاكتظاظ.

8. مكسيكو سيتي - المكسيك

أسوار تفصل أحياء الفقراء عن الأغنياء

في العاصمة المكسيكية، تتواجد الأحياء الفقيرة جنبًا إلى جنب مع الأحياء الثرية، ولا يفصلها أحيانًا سوى طريق أو جدار رفيع. على جانب يظهر مستنقع مكتظ بالبيوت المهترئة والمتداعية، في حين تؤثث الشقق الفاخرة الجانب الآخر، بالإضافة إلى المساحات الخضراء والمرافق العامة.

9. ديربان - جنوب إفريقيا

أسوار تفصل أحياء الفقراء عن الأغنياء

لا تزال الفوارق الطبقية تؤرق جنوب إفريقيا، رغم ريادتها على مستوى القارة، ففي مدينة ديربان يوجد جدار خرساني منخفض العمق، يفصل بين ملعب بابوا سيغولوم للجولف، الذي يرتاده الأثرياء، ومستوطنة من أكواخ القصدير يقطنها المحرومون في الجوار.

10. هوتشي منه - الفيتنام

أسوار تفصل أحياء الفقراء عن الأغنياء

مباشرة وراء الأحياء الفقيرة الخشبية المهترئة التي تصطف على ضفة نهر سايغون، ترتفع عاليا مبانٍ أنيقة وحديثة في مدينة هو تشي منه الفيتنامية، في انفصام مجالي واضح بين منطقة الأغنياء العائمة في جنة الرغد ومنطقة الفقراء الراكدة في مستنقع التلوث.

11. الدار البيضاء - المغرب

أسوار تفصل أحياء الفقراء عن الأغنياء

عند النظر من شباك القطار الحديث، وهو يجوب مدينة الدار البيضاء، يقع بصرك على أكواخ عشوائية من القصدير والبلاستيك على طول الطريق، إذ يحيط بالعاصمة الاقتصادية للمغرب حوالي 450 حيًا صفيحيًا تقطنها ما يقارب 100 ألف أسرة، بينما ترتفع العمارات الشاهقة وتستقر قصور الأغنياء وسط المدينة.

ويتكرر هذا المشهد في كثير من المدن المغربية التي تشكلت حولها أحزمة الفقر، بفعل الهجرة الداخلية لسكان الأرياف الذين يضطرون إلى الهجرة إلى المدن لتحصيل قوتهم، بعد أن نالت منهم سياسات الإقصاء في مناطقهم القروية.

12. ريو دي جانيرو - البرازيل

أسوار تفصل أحياء الفقراء عن الأغنياء

في المدينة البرازيلية، ريو دي جانيرو، تتجسد الفجوة بين الأغنياء والفقراء حرفيا على مستوى العمران، وذلك منذ أن قررت السلطات هناك بناء جدار لفصل أحد الأحياء الفقيرة عن منطقة الأغنياء بالمدينة، وقد زعمت الحكومة بأن الجدار هو مجرد حاجز بيئي لحماية الغطاء النباتي، لكن مراقبين رأوا أن هذه الخطوة هي محاولة لإخفاء مشكلة الفقر في البرازيل لاستضافة المناسبات الدولية.

وتقبع الأحياء الفقيرة، التي يُطلق عليها اسم "فافيلاس"، على أطراف المدينة، حيث تعتبرها السلطات البرازيلية منطقة مُجرَّمة، وتشن عليها غارات مستمرة لمحاربة الجريمة والمخدرات.

 
اقرأ/ي أيضًا: