19-أبريل-2022
لوحةِ دالي

غرافيتي لـ لوحة سلفادور دالي

حينَ فتحتُ الألبومْ

ونظرتُ الى لوحة دالي:

"سيدةٌ تنظر من نافذة مفتوحة"

ألفَيْتُ المرأة قد غادرتِ الصّورةْ

والنافذة المفتوحةْ

ظلّت نافذةً مفتوحةْ

قلتُ لنفسي

وأنا أقلّبُ صفحات الألبوم بصمت:

هل يمكنُ أن يحدث هذا؟

هل يمكنُ أن تترك سيدةٌ صورتها، وتسيرْ؟

هل يمكن أن ترتحل الألوانُ

كما لو ذابت في ماءٍ دافقْ؟

المرأةُ كانت قد وقفَتْ

أعوامًا دونَ حراكْ

كنتُ ألاحظُ طيّة ثوبيها

فوقَ الظّهرِ

وحولَ الجسَدِ المغزولْ

سَحْبَةَ ساقيها الملتصقين

المنحدرين إلى خفيّها

وقليلًا من قلقِ الطّائر في القدميْن

وأراها كلَّ صباحٍ

في وقفتها

سمّرها دالي

داخلَ سجنٍ

سمّاهُ إطارَ الصّورة

ضَرْبةُ فرشاة واحدةٌ

وجرى ما سوفَ يكونْ

قالَ لها: وجهُكِ للمجهولْ

وأمامُكِ بحرٌ

فوق البحر شراعٌ يجري

يابسةٌ موقوفةْ/ وفضاءْ

ظهرُك يكشفه، إذ يسترهُ،

ثوبٌ شفافٌ أزرقْ

قال لها: انتظري

فانتظرتْ.../ ومضى دالي

لكنّ المرأةَ ما زالت منتظرة

.....

قلتُ لنفسي لأشاغلها

وأنا أبحِر في بُحرانِ الغيب

وأعلمُ أنَّ سُؤالي مَحضُ خيالْ

... لكنْ

ماذا أفعل بالفكر الجوّالْ:

لو أنّ الله تقدّس إسمُه

وعلا جبروته

وهو القادر أن يخلق ما شاءَ

كما شاءْ

خلقَ امرأةً من لحمٍ ودمٍ

ويدين وعينين/ وثغر مشقوق

عن شفتين

كسكّرتين

ولؤلؤتين

وشعر أسود فوق الكتفين

إلى الردفين

وسمّرها في مفترق/ أوْ بيت

أو مقهى بين النهرين

وقال لها: انتظري

أبإمكانِ امرأة

قال لها خالقُها: انتظري

أن ترحلْ؟؟

......

أسألُ نفسي

لكنّي أعلمُ حينَ أقولُ

ولا أعلمْ / فأنا

حين رأيتُ المرأة ترحلُ من لوحة دالي

كدتُ أجَنُّ

فركتُ عيوني بيديَّ

وحدّقتُ مليًّا:

إنّي أعرفُ هذا الألبوم

أعرفه خطًّا خطًّا

وأقلّب صفحاته

مرّات في اليوم الواحد

وأرى الصّورةَ واقفةً

حيثُ أرادَ لها دالي أنْ تبقى/أوّلَ مرّة

تتأمّلُ من نافذة مفتوحة

في المجهول البحريّ الأزرق

وأنا مفتونٌ

بمشاهد دالي السرياليّة

بالزيت اليرشحُ من شاربه المعقوفْ

من عينيه الطّافحتين بماء الدّهشة

لكنّي ما كنتُ أفكّر أو أتخيّل

أنّ المرأة في لوحة دالي

يمكنُ أن تخرجَ للحريّة

وتموتَ هنالكَ في أيّ مكان

فوقَ الكرة الأرضيّة

نَسْيًا منسيًّا

من دون إطار

يحبسها فيه مكوّنُها

من بدء الخلق

إلى آخر أيام التّكوين.