04-أغسطس-2016

دينيس مارتينيز جرافيتي في قرية صوامع في الجزائر

في قريتي.. تغرب الشمس قبل موعدها بقليل، وتشرق قبل الفجر، تقول جدتي إن شمس قريتنا لا تغيب، بل يختطفها "جبل جرجرة" حين تقترب منه، ليهديها قربانًا لـ"لالة خديجة"، ليخبرها أنه يحبها أكثر من الوادي الكبير الذي يفصلهما.

في قريتي.. تنشد النساء أغاني الشوق و"الأشويق"، وقت الحصاد وحين يجنين الزيتون وحين عصره، هنا، تعتنق زغاريدهن أبعد نقطة في السماء، ولا يتوقف فيض الحكايا من أفواههن حين يجلسن أمام تلك الساقية جنب الوادي.

في قريتي.. يعيش الناس على بركة الأرض، على بركة القمح والغلال، يمتزج العرق برائحة التراب في الصيف والشتاء، وتتوالى جحافل الفلاحين في الطرق الضيقة، بين بيوت الطين والحجر، في قريتي يقدس الناس شهر أكتوبر، تبتسم لهم جنبات الوادي، يرددون نشيد الحرث مع أولى قطرات المطر.

في قريتي.. لا مقهى لنا، ولا دور ثقافة، يصنع الناس هنا أحلامهم بلعب الورق والنرد، تحت ظلال التين والزيتون، ويكتب المحبون قصصهم بين أشجار الصفصاف، هنا، نرى العالم من فوق هضبة، وتغرينا أضواء ليلية تنبعث من مدن بعيدة، في قريتي، يعيش الناس يومياتهم بين ضفة الوادي، بين الحقل وقمة الجبل.

في قريتي.. يزورنا الأقحوان وشقائق النعمان، وتزدان المروج بالأصفر والأحمر، بالذهب والدم، في قريتي يرى الأطفال قصة النملة والصرصور قبل دخول المدرسة..

تلك قريتي وأنا ابنها.. أنا من هناك.. حيث أريج الأرض يغازل عبق السماء، وينام الثلج قرير العين في حضن الجبل..

اقرأ/ي أيضًا:

تاءٌ يتراقصُ على بياضٍ

سوريا