02-فبراير-2023
.

تحدث بشارة عن أن العروبة مهمة حتى داخل القطرية لأنها تحافظ على تماسكها

أجرى برنامج قراءة ثانية الذي يبثه التلفزيون العربي مقابلةً فكريةً مع المفكر العربي عزمي بشارة حول "القومية العربية بين الأمة والسياسة والأيديولوجيا"، ناقش خلالها القومية العربية ما بين التاريخي والثقافي، وعملية أدلجتها، وصولًا إلى الالتباسات التي ارتبطت بها وعلاقتها بالدين الإسلامي والعلمانية والليبرالية.

وانطلق عزمي بشارة في الحلقة من خلال تعريف القومية، حيث وضح أنه "لكي نتحدث عن قومية يجب أن يكون هنالك أساس لجماعة، يجمعها ثقافة مشتركة، والبعض يقول أصول مشتركة، والأصح أن نقول إذا صح، تخيل أصل مشترك لأنه لا توجد أصول مشتركة، وتخيل تواريخ مشتركة، والتخيل مهم لأنه يدخل في القناعات وفي صناعة الوعي"، وتطرق في تعريفه إلى الثقافة المشتركة "التي تقوم نخب سياسية -أحزاب، حركات- بتسييسها، أي تحول الجماعة الثقافية إلى جماعة سياسية، تطمح إلى أن تكون كيان سياسي".

وأوضح بشارة أن الحديث عن الجماعات كأساس للدولة، ظاهرة حديثة لأن الدولة في الماضي كانت السلالات الحاكمة، لكن أن تتبلور جماعة قومية ذات قيادة تعبر عن طموحها بالاستقلال وإقامة دولة، فهذه ظاهرة حديثة جدًا، ظهرت في أوروبا عمومًا، بشكلٍ واع لحركات وإيدلوجيات في القرن التاسع عشر. ويضيف المفكر العربي أن هذا حصل بشكلٍ مبكر في أوروبا وتحديدًا في فرنسا وبريطانيا وهولندا، وإن لم تسم هذه الحركات نفسها قومية، ولكنها كانت حقيقةً جهودًا قومية، ويضرب مثالًا على الثورة الفرنسية التي فرضت لهجة باريس على كل فرنسا، وقامت بما وصفه بـ"فرنسة فرنسا"، وصنعت الشعور الجمهوري بالانتماء إلى قومية فرنسا، وكانت قومية بدون تسمية. أمّا عن الجماعات التي تحدثت عن نفسها بوصفها قومية في أوروبا، فيشير إلى حركات توحيد إيطاليا وألمانيا وبولندا، وهي الحركات التي تأخرت قليلًا.

عربيًا وفي العالم الثالث عمومًا، أشار بشارة إلى أن الحديث يدور عن نهاية القرن التاسع عشر وبدايات القرن العشرين، ونتحدث عن الحركات القومية التي تسعى لإقامة دول، وكان لها في هذه المرحلة دور تقدمي لتوحيد القبائل والعشائر والطوائف في شعب واحد يسعى لأن يكون لديه كيان سياسي. وبالعودة إلى القومية العربية، وظهور مصطلح الأمة العربية في السياق الحديث، استعرض بشارة السياق التاريخي، منطلقًا من القرن التاسع عشر، والنخب القومية العربية التي تتلمذت في إسطنبول وغيرها، ورأت عملية بلورة القومية التركية، وشاهدت استقلال غالبية القوميات التي انشقت تحت شعارات قومية عن الدولة العثمانية. ومن هنا طالب العرب، خلال عملية تتريك السلطنة، بأن يكونوا شركاء في السلطنة كقومية أخرى، سموها أمة عربية، وأسقطوا تسمية الأمة العربية على العرب، من ناحية اللامركزية وأن يكون للعرب الإدارة الذاتية، وهنا استخدموا كلمة الأمة لأن كلمة القومية لم تكن رائجة، والتي أصبحت كذلك مع الحركات القومية اللاحقة. ويضيف عن هذه الفترة، أن هؤلاء القوميين الأوائل كانوا عروبيين ويؤمنون بوجود أمة عربية.

وفي سياق الحديث، قام بشارة بالتفريق بين الأمة والقومية، قائلًا إن الأمة سابقة على القومية، أي في السابق كان هناك حديث عن الأمة الإسلامية والأمم والأعراق، واستخدمت قديمًا، والأمة كان يقصد بها اتباع دين معين أو وصف الآخرين. لكن المصطلح الحديث للأمة، هو مصطلح مترجم، وهو ترجمة لمصطلح (Nation)، الذي أصبح يعني الدول التي استقلت، أي أن الأمة فيها بُعد مرتبط بالاستقلال والدولة أو الطموح بالاستقلال وأن تكون أمة واحدة في دولة واحدة. أمّا القومية، فهي كما يرى بشارة الجماعة الثقافية، وهي ثقافة مشتركة أساسها اللغة، وجاءت حركات قومية أو نخب أو إيديولوجيات قومية، وقامت بقومنة هذه الجماعة، بمعنى أن يصبح لديها طموح بأن تكون كيانًا سياسيًا.

ويضيف بشارة أن الأمم لا تتطابق مع القومية، لأن الأمة قد تشمل عدة قوميات، ويقدم مثالًا على الأمة الكندية التي تشمل إثنيات متعددة تتكلم لغات متعددة وكذا في بلجيكا أو في سويسرا التي فيها تعدد لغات. وتحدث عن وجوب الفصل بين القومية وهي موقف وسياسة ولها بُعد إيديولوجي لتحويل شعب أو جماعة ثقافية إلى قومية وفيها بُعد حركي وسياسي وحزبي، والأمة بما هي إطار سياسي.

ويتابع بشارة الحديث، بالإشارة إلى أن هناك حالات يشعر فيها الناس، ونتيجة وجود حركات قومية، أنها أمة ويجب أن تتوحد في دولة واحدة، أي قبل أن تصبح أمة تسمي نفسها بذلك وتطالب بأن تكون في دولة واحدة، نتيجة وجود حركات قومية، تصنع هذا الانطباع والشعور المشترك.

ويتابع بشارة أنه في حال وجود تجانس ديني داخل القومية، فالانتماء يكون أقوى، ولكن عندما لا يكون تعتمد القومية على اللغة والثقافة وتتوق إلى دولة هي المرجعية، وفيها الشعب هو المرجعية. وأوضح صاحب كتاب "في المسألة العربية: مقدمة لبيان ديمقراطي عربي"، أنه لم يكن دائمًا هناك صراع بين الديني والقومي، قائلًا: "في غالبية الحالات التيار القومي العربي، كان متصالحًا جدًا مع الدين، وغالبية أوائل العروبيين كانوا متدينين، ولم يكن لديهم مشكلة مع الدين، وبعضهم متدينين أو رجال دين، ولم يكن هناك مشكلة في التعددية الدينية"، وقدم مثالًا على عن أن أحد خلافات الأحزاب القومية العربية مع الحركات الشيوعية كان على الموقف من الدين.

وفي هذا النقطة، يشرح بشارة أن فهم التيارات القومية للدين مختلف عن الحركات الدينية الحديثة، التي حاولت فرض الشريعة الإسلامية باعتبارها قانونًا وضعيًا، وليس كطريقة حياة أو موجه أو مقاصد. ومن هنا ظهر الخلاف، في اللحظة التي حصلت فيها أدلجة للدين، متابعًا بشارة القول إن القومية محايدة تجاه الدين وتستطيع أن تحتوي الكل، لأنها تركز على الثقافة المشتركة والجامع المشترك، وإذا توفقت في إقامة دولة تكون المواطنة هي الجامع المشترك.

أمّا عن خصومة التيارات الليبرالية مع القومية العربية، يتوقف بشارة لتوضيح هذه النقطة، مشيرًا إلى أن الليبرالية تركز على الفرد وليس الجماعة، وتتلخص الليبرالية باعتبار أن الدولة شر لا بد منه ويجب محاولة تحديد صلاحياتها قدر الممكن والتركيز على الحريات الفردية. ويفرق هنا بالإشارة إلى أن القومية عمومًا تركز على الجماعة والشعب والثقافة المشتركة والأخلاقيات العامة وبناء الدولة وليس الفرد، موضحًا أن تطور الليبرالية تاريخيًا مختلف عن القومية.

وقال المتحدث إن تشديدات الليبرالية الأساسية تكون على تحديد صلاحيات الدولة وحريات الفرد، أمّا القومية فهمومها بناء الدولة والحقوق الجماعية. أمّا عن موقف العلمانيين العرب من القومية، يوضح صاحب كتاب "المجتمع المدني: دراسة نقدية"، أن القومية العربية، كانت دائمًا متهمة أنها علمانية، أي تفصل بين المؤسسة الدينية والدولة ولا تتبع حكم الشريعة وفيها مسيحيون ومسلمون.

ويتابع في تفصيل هذه النقطة ومصدر الاتهام، بالقول: "لم تكن قضية الطائفة مهمة للقوميين العرب لأنهم كانوا علمانيين ولا يريدوا أن يحكموا الدول بمنطق طائفي، هذا أساس التهمة عليهم، ولكن حقيقةً كانوا متصالحين مع الإسلام الشعبي والرسمي (المؤسسي)، وفي بعض الحالات مع الحركات الإسلامية"، مشيرًا إلى وضع البند الثاني من الدستور حول مصدر التشريع في الدولة والشريعة.

وقال بشارة "مهما حصل في جميع الحالات، الدولة في النهاية هي مرجع لذاتها، وهذا معنى السيادة، ولا يوجد معنى للسيادة سوى التشريع، المعنى الرئيسي للدولة هو التشريع، الدولة تسن القوانين و تحتكر العنف للتمكن من تنفيذ القوانين، ولا يوجد دولة في العالم لا تحتكر التشريع والعنف، أمّا من يقول أن الدولة ليست مصدرًا للتشريع والشعب ليس مصدرًا للتشريع، وأن مصدر التشريع من خارج الدولة، هو عمليًا يفرض نفسه مصدر نفسه للتشريع باسم الدين، ومن حاجات الدولة الحديثة تطلب التشريع، ومن الممكن الاهتداء بالمقاصد والاسترشاد، ولكن الدول الحديثة تشرع، كل الدول الحديثة تشرع، بما في ذلك في السلطنة العثمانية"، مشيرًا إلى أنه يمكن "الاهتداء بمقاصد الشريعة، وهو شيء جيد، لأنها جزء من الإرث الثقافي للمجتمع".

وأضاف بشارة، "القوميون عمومًا علمانيون بالمعنى الواسع، وليس بالمعنى المتشدد"، أي يرفضون أن تكون الطائفة مرجعية، ويعتبرون أن الدولة هي من تشرع، أي مصدر التشريع هو الشعب إذا كانت الديمقراطية أو باسم الشعب. وأكد على أن القومية هي تصور واسع، بالقول: "القومي يرى أن هذه الجماعة الإثنية تستحق أن تنهض حضاريًا ويكون لها لغة معيارية ولها دولة تعبر عن هذه القومية، ويمكن أن يكون في إطارها اليسار واليمين والمتدين وغير المتدين"، موضحًا أن هذا الصراع بين القومي وغيرها من التيارات افتعل سياسيًا وما كان يجب أن يكون، معتقدًا أن هذا الصراع شاخ وأصبح متقادمًا وأن المنقطة تصارع على استقرار الدول وأن تقوم الدولة بمهامها وأن نصارع على الديمقراطية مرةً أخرى.

عربيًا، قال بشارة إن العرب قومية ثقافية تتوق أن تتحول إلى أمة، موضحًا أن كل قومية هي قومية سياسية، أي أضفت بُعدًا أو تطلعًا سياسيًا على الجماعة الثقافية، وهذا البُعد السياسي هو التطلع أن تصبح أمةً ذات سيادة في دولة، والقومية العربية تتطلع لتصبح أمةً ذات سيادة. وحول الهوية العربية، أكد بشارة على أن العروبة مهمة داخل الدولة القطرية، لأنها تحافظ على تماسك وتجانس جماعة الأغلبية، وتمنع الشروخ وهي أحد البدائل المهمة لحالة الشروخ الاجتماعية مثل الجهوية أو الطائفية أو القبلية.

وأصر بشارة على احترام الأقليات القومية، لكن احتفاظ الأغلبية بهوية القومية يحمي من الانقسام إلى طوائف. ويربط بين ذلك والديمقراطية، مشيرًا إلى أن الشروخ الاجتماعية أحد العوائق الرئيسية أمام الديمقراطية في كل بلد بالعالم، موضحًا أن هناك فرقًا بين التعددية الاجتماعية والسياسية، لافتًا النظر إلى أن التعددية الاجتماعية عندما تسييس تضرب الديمقراطية. وأضاف أن قواعد اللعبة الديمقراطية من دون تماسك اجتماعي لا تفيد بشيء وتحت سقفها تحصل تعددية سياسية دون تطابق مع التعددية الاجتماعية.

ويتابع في هذه النقطة، أن الخلاف في التعددية السياسية يكون على الصالح العام، أما في التعددية الاجتماعية لا يوجد فيها صالح عام والصراع يكون على المصالح، ويظهر احتراب وليس تنافس، مؤكدًا على أن التنافس يحتاج إلى قاسم مشترك مثل مواطنة قوية وهوية قومية وهوية وطنية، والتماسك شرط التنوع والوحدة شرط التنوع، قائلًا: "في اعتقادي لا يوجد بديل للعروبة هنا"، مؤكدًا على أنه في البداية يجب أن يكون هناك دولة متماسكة وأحد أهم طرق تماسكها هو هوية الأغلبية.

ويستكمل بشارة شرحه بالقول إن القوميات في العالم نشأت في مرحلة العلمنة، بمعنى أن المجال الديني أصبح واضحًا وليس متغلغًا في كل المجتمع ونشوء الفرد وفكرة التعاقد الاجتماعي لتشكيل دولة، وفكرة أن هناك ثقافة مشتركة ليست بالضرورة الدين، ولكن في بعض الحالات تطابقت القومية مع الدين مثل بولندا وفي بعض الأحيان يكون الدين أحد مكونات الشعور القومي. ويضرب مثالًا على حالة العروبة في شمال أفريقيا، مؤكدًا على أن الدين كان عنصرًا مكونًا في الصراع مع الاستعمار الفرنسي.

عربيًا، يوضح بشارة أن المشكلة لم تأت مع صعود الدين على حساب القومية أو العكس، بل هي مرتبطة بطبيعة النظم التي تبنت الإيديولوجيا القومية، وحصل التباس كبير عربيًا، خلال المد القومي العربي في الستينات، لأن الأنظمة لم تكن تجري انتخابات، ولم تهتم بحقوق المواطن واعتبرت الخطاب الشعبوي المتلازم مع القطاع العام الذي يحتكر الاقتصاد والذي يشكل مصدر قوة للدولة، كافيًا لها.

ويوضح بشارة أن انحسار الحركات القومية جاء مع هزيمة حزيران/ يونيو 1967، حيث صعد اليسار قليلًا ومن ثم الحركات الدينية بعد منتصف السبعينات، وظهر البديل الأصولي الديني للتيار القومي وهنا ظهر كأنه مشكلة القومية، لكن المفكر العربي يوضح أن مشكلة القومية هي الأحزاب القومية التي لم تعتمد على المواطنة، ولم تجر تجارب على الإصلاح الديمقراطي، كما أن هزيمة حزيران/ يونيو كانت صدمةً حضاريةً، بالإضافة إلى أن إصلاحات الفترة الأولى الاقتصادية التي نتج عنها إصلاح كبير في البداية وصلت إلى أزمة، ولم يكن هناك محاولة مزج فعلي بين القطاع العام والخاص، وإشراك الشعب على الأقل في شكل من أشكال الديمقراطية وحقوق المواطنة والإنسان، وبعضها لم يكن أحزاب ناضجة مثل معمر القذافي، مشيرًا إلى أن الأحزاب الاخرى كانت أكثر مسؤولية لكنها وقعت في نفس المشاكل.

وبالعودة إلى تجربة بولندا، والتطابق بين الديني والقومي، أشار بشارة إلى أن الكنيسة لعبت دورًا كبيرًا في الصراع مع الشيوعية، ولكن على مستوى الهوية وليس على مستوى الإيديولوجيا، لأنه عندما جاءت الكنيسة للحكم وحاولت أن تفرض بعض الأمور الدينية انتفض المجتمع كله، أي قبلوا الكاثوليكية كجزء من الهوية وليس كمؤسسة حاكمة وجزء من الإيديولوجية السياسية.

وعاد بشارة مرةً أخرى إلى التأكيد على أن العلاقة بين القومية والدين غير ملتبسة، لكن المشكلة في تسييس الدين، وإدخال إيديولوجيا دينية سياسية، والفشل في الحكم والممارسات التي حصلت في الحكم مثل قمع المعارضة، مؤكدًا على عدم وجود التباس في العلاقة بين القومية العربية والإسلام، فالقومية العربية تشمل الجميع ولكن الغالبية مسلمين وثقافتهم دينية واللغة لغة القرآن.

وأضاف بشارة أن غالبية المسيحيين العرب اعتبروا أنفسهم جزءًا من الحضارة العربية والإسلامية، ولكن إذا حاولت فرض أحكام أهل الذمة عليهم تخسر المسيحيين، وأي محاولة لفرض قوانين لا تأخذ في الاعتبار المواطنة المتساوية وأننا في عصر حديث، ولا نقبل شيء آخر غير المواطنة المتساوية أو أي تمييز سواء على مستوى الجنس أو العرق أو القومية أو الإثنية أو الطائفي، تضرب النسيج القومي لأي بلد من البلدان.

واستكمل صاحب كتاب "أن تكون عربيًا في أيامنا" حديثه بالقول إن أدلجة الدين خطرة وأدلجة القومية خطرة، موضحًا مقصده في أدلجة القومية بالقول، أن تصبح إيديولوجية حاكمة لكل شيء، أي وجود تيار قومي يقسم الناس إلى قوميات ويصنفهم على هذا الأساس ويخضع كل شيء لهذا المنظور وهو أمر سيء، بحسب بشارة.

وحول جزئية تحول القومية إلى أمر مقدس وتخوين من ينتقد الزعيم والحزب القومي، أشار بشارة إلى أن هذه السلوكيات تؤسس لدين علماني، وبدل التدين السياسي يصبح سياسة دينية، مثل تقديس قيم دنيوية، أي تقديس الحزب وإعادة كتابة التاريخ، وكلها ظواهر تنفر الناس وتشعرهم بالتعدي على دينهم. متابعًا القول: "أدلجة الدين، أي تحويله من أخلاق وإيمان إلى إيديولوجية تهمش الأخلاق، ونفس الشيء أدلجة القومية، تصبح كل الجرائم يصح ارتكابها باسم المقدسات الدنيوية، والأحزاب القومية الحاكمة عانت من مشاكل كهذه".

وحول وجود مراكز بحثية في إسرائيل تفهم العرب من خلال التقسيم الطائفي، قال بشارة إنه في إسرائيل يستمرون في التعامل مع العرب كأنهم مجموعة طوائف أو عشائر ولا يقبلون أنهم شعوب أو قومية، وهنا يوضح "أنت تثبت أنك شعب أو قومية، هذه ليست قضية معطاة، هذه قضية مؤسسات، تبنيها أو لا تبنيها، ويجب أن تثبت ذلك".

وأضاف أن إسرائيل تحاول قدر الأماكن عرقلة ذلك لإضعاف الأغلبية العربية في المنطقة، لأنه إذا كانت قوية فهي خطيرة على إسرائيل، ولتبرير وجودها على أساس ديني وطائفي، وهي تبرر ذلك لو نشأت كيانات طائفية في المنطقة، وبالتأكيد لديها مصلحة بتمزيق المجتمعات العربية.

وحول مواجهة ذلك، قال بشارة: "لا توجد وصفات سحرية للمواجهة، الأمر الرئيسي في هذه الحالة أن نتشرب تمامًا أننا أمة واحدة وشعب واحد على أساس الثقافة المشتركة وبناء دول ومؤسسات وأن تقوم الدول على أساس المؤسسات والمواطنة وليس على أساس الطوائف". وفي هذه الجزئية أشار إلى أن العرب كانوا في حالة نهوض في القرن الماضي، وهي قضية تحدي للنخب. مشيرًا إلى أنه في عام 2011 كان هناك يقظة مبشرة. وأكد بشارة على أن انتفاضة لبنان في 2019 والتي لن تكون الأخيرة كما يتوقع، وكذلك انتفاضة العراق، كانت بشكلٍ واضح ضد الطائفية وهناك أجيال كاملة لا تقبل على أن تعامل بالتبعية للزعماء الطائفيين، ويريدون أن يكونوا مواطنين.

وحول المستقبل وممكانته، قال بشارة "خميرة الحرية، لا تزول وتختمر وتتفاعل من جديد بالمستقبل". مشيرًا إلى أن الانظمة الديكتاتورية خائفة حاليًا وهذا هو سر القمع الشديد.

عزمي بشارة: "خميرة الحرية، لا تزول بل تختمر وتتفاعل من جديد في المستقبل"

واختتم حديثه، بالإشارة إلى دور الإعلام في العروبة وكيف يكون الإعلام حقلًا لقياس العروبة، موضحًا أن الإعلام يستخدم لغة معيارية عربية ويوحد السوق الإعلامي العربي، وعندما توجه كلامك إلى العرب من المحيط إلى الخليج أنت تسهم في بناء الهوية. قائلًا: "الإعلام الذي يخاطب العرب كلهم هو المسؤول، لأنه يوحد الخبر ويوحد الاهتمامات والهموم"، ضاربًا مثالًا بالثورة المصرية التي تابعها العرب جميعًا لأنهم عرب وهذه هي الهوية العربية، بالإضافة إلى اهتمام العرب بقضية فلسطين، بما هم عرب.