كشف تقرير صادر عن حملة مناهضة استخدام الطائرات المسيّرة "Drone Wars UK " عن تزايد الهجمات العسكرية بالطائرات المسيّرة في إفريقيا، حيث تسببت في مقتل ما يقارب ألف مدني وإصابة المئات خلال السنوات الثلاث الماضية، وسط استخدام غير منضبط لهذه التكنولوجيا في القارة.
ووفقًا للتقرير، الذي نشرته صحيفة "الغارديان" البريطانية، أصبحت الطائرات المسيّرة أداة رئيسية في النزاعات المسلحة داخل القارة، مع تصاعد المخاوف بشأن غياب الرقابة والمساءلة عن استخدامها.
أكد التقرير أن هذه الطائرات تُستخدم حاليًا في ستة نزاعات رئيسية في إفريقيا تشمل السودان، الصومال، نيجيريا، مالي، بوركينا فاسو، وإثيوبيا، حيث شهدت الأخيرة أكبر عدد من الهجمات الجوية القاتلة
تصاعد استخدام الطائرات المسيّرة في النزاعات الإفريقية
في الوقت الذي يسلّط فيه الإعلام العالمي الضوء على استخدام الطائرات المسيّرة في الحرب الروسية الأوكرانية، فإن انتشارها المتزايد في إفريقيا لم يحظَ بالاهتمام الكافي، وفق ما صرّحت به كورا موريس، المسؤولة في حملة "Drone Wars UK "، التي ساهمت في إعداد التقرير.
وقالت موريس في تصريحاتها للصحيفة: "يجب أن يتغير هذا الوضع. ما لم يتحرك المجتمع الدولي بسرعة نحو تطوير وتنفيذ نظام رقابي جديد، فإننا سنشهد المزيد من الضحايا المدنيين نتيجة استخدام الطائرات المسيّرة".
منظمة "هيومن رايتس ووتش" تصدر بيانًا يفيد بأن الحكومات الأوروبية لم تحسب حسابًا بعد للتأثيرات المستمرة لإرثها الاستعماري في #إفريقيا ودعت #أوروبا إلى تعويض الضحايا. pic.twitter.com/Q2Q0rM3SYU
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) November 15, 2024
وأكد التقرير أن هذه الطائرات تُستخدم حاليًا في ستة نزاعات رئيسية في إفريقيا تشمل السودان، الصومال، نيجيريا، مالي، بوركينا فاسو، وإثيوبيا، حيث شهدت الأخيرة أكبر عدد من الهجمات الجوية القاتلة.
مورّدو الطائرات المسيّرة إلى إفريقيا
تعتمد الجيوش الإفريقية على الطائرات المسيّرة المستوردة، حيث تُعد تركيا، الصين، وإيران من أكبر المورّدين لهذه التكنولوجيا العسكرية. وسلّط التقرير الضوء على تصاعد استخدام طائرات "الارتفاع المتوسط والقدرة الطويلة على التحمل" (MALE)، التي تستطيع تنفيذ مهام مراقبة مستمرة لفترات طويلة، إلى جانب شنّ ضربات جوية مدمرة.
إثيوبيا تسجّل أكبر حصيلة من الضحايا المدنيين
في إثيوبيا، وثّق التقرير تنفيذ 26 غارة جوية باستخدام الطائرات المسيّرة من قبل القوات المسلحة الإثيوبية ضد جبهة تحرير شعب تيغراي، مما أدى إلى مقتل أكثر من 490 مدنيًا.
وفي مالي، لقي 64 مدنيًا مصرعهم في 9 هجمات جوية نفّذها الجيش المالي ضد الجماعات الانفصالية في شمال البلاد.
السودان.. المسيّرات تعمّق الأزمة الإنسانية
وثّق التقرير استخدام الطائرات المسيّرة على نطاق واسع خلال الصراع الدائر في السودان، حيث استخدمت القوات المسلحة السودانية طائرات إيرانية وصينية وتركية الصنع، بينما لجأت قوات الدعم السريع إلى الطائرات المسيّرة التي زوّدتها بها الإمارات، وفق ما أوردته "الغارديان".
وأفاد التقرير بأن الهجمات الجوية باستخدام الطائرات المسيّرة تسببت في وقوع مجازر بين المدنيين، خاصة في المناطق المأهولة بالسكان، مثل الأسواق الشعبية في العاصمة الخرطوم.
📌 خبراء في جامعة "غينت "في بلجيكا يقدّرون أنّ "الحرب التي استمرت عامين بين الحكومة الإثيوبية وجبهة تحرير شعب تيغراي تسببت في مقتل ما بين 162 ألفًا و378 ألف مدني".
📌 أصبحت إفريقيا موطنًا لنحو نصف تعداد النازحين داخليًا في العالم، المقدر بنحو 32.5 مليونًا في نهاية عام 2023.… pic.twitter.com/JyC18bAFRG
— Ultra Sawt ألترا صوت (@UltraSawt) January 3, 2025
الطائرات المسيّرة في بوركينا فاسو.. بين الدعاية والواقع
أما في بوركينا فاسو، فقد كشف التقرير عن مقتل أكثر من 100 مدني في ضربات نفّذها الجيش باستخدام الطائرات المسيّرة، حيث أشادت وسائل الإعلام الحكومية بهذه الضربات، ووصفتها بأنها استهدفت "إرهابيين". إلا أن شهادات السكان المحليين قدمت رواية مغايرة، حيث أكدوا أن الضربات قتلت أبرياء لم يكن لهم أي صلة بالجماعات المسلحة.
وتُعد تركيا أحد أبرز مورّدي الطائرات المسيّرة للجيش البوركينابي، حيث تم نشر طائرات "Bayraktar TB2" لاستهداف الجماعات المسلحة. وبحسب تقرير "الغارديان"، فإن الإعلام الرسمي في بوركينا فاسو احتفى بهذه الضربات، واعتبرها "نجاحًا عسكريًا"، لكن على أرض الواقع، كانت النتيجة كارثية. ففي آب/أغسطس 2023، استهدفت طائرة مسيّرة سوقًا في قرية بورو الواقعة في منطقة الساحل، مما أسفر عن مقتل 28 مدنيًا.
وقال التقرير: "الاحتفاء الرسمي بضربات الطائرات المسيّرة يعكس تصورًا خاطئًا عن الحروب الحديثة، إذ يتم تقديمها على أنها عمليات دقيقة ومتطورة، بينما الواقع يشير إلى عشوائية هذه الضربات وما تخلفه من دمار ومعاناة بين المدنيين".
مطالبات بضبط استخدام الطائرات المسيّرة
حذّر التقرير من أن الاستخدام الواسع وغير المنضبط للطائرات المسيّرة في إفريقيا يهدد بوقوع المزيد من المجازر ضد المدنيين، داعيًا المجتمع الدولي إلى وضع آلية واضحة لتنظيم استخدامها.
وجاء في التقرير: "في ظل غياب رقابة دولية صارمة على الهجمات بالطائرات المسيّرة، فإن الجيوش في إفريقيا تستمر في استخدامها ضد المدنيين دون أي مساءلة أو محاسبة".
ودعا التقرير إلى ضرورة تدخل الأمم المتحدة والهيئات الحقوقية العالمية لوضع إطار قانوني ملزم لتنظيم استخدام الطائرات المسيّرة، وحماية أرواح الأبرياء في النزاعات المسلحة داخل القارة الإفريقية.