30-مايو-2019

ثلاثية الدين والعلمانية

ألترا صوت – فريق التحرير

ثلاثية المفكّر العربيّ عزمي بشارة "الدين والعلمانية في سياق تاريخي" قدّمت فهمًا جديدًا لمصطلح ومفهوم العلمانية، بشكلٍ يُمكن القول من خلاله إنّ هذا المنجز شكّل إضافةً نوعية إلى ما هو سائد في السياق الفكري والأيديولوجي العربيّ المعاصر والراهن عن هذا المصطلح الشائك، نظريًا ومعرفيًا. هذه هي الفرضية التي ينهض عليها كتاب "العلمانية من سالب الدين إلى موجب الدولة: راهنية مشروع بشارة عربيًا" والصادر حديثًا عن "المركز العربيّ للأبحاث ودراسة السياسات" للكاتب والباحث التونسيّ سهيل الحبيّب.

قدّمت ثلاثية المفكّر العربيّ عزمي بشارة "الدين والعلمانية في سياق تاريخي" فهمًا جديدًا لمصطلح ومفهوم العلمانية

اقرأ/ي أيضًا: انشغال عزمي بشارة بـ"المسألة العربية".. ما بعد قشور الراهن العربي

جعل الحبيّب من تحديد الوجوه المتعيّنة للإضافات المعرفية والنظرية المضمّنة داخل ثلاثية عزمي بشارة عتبة أولى لمحاولة الاستدلال على صحّة الفرضية المطروحة داخل كتابه. باعتبار أنّ ما قدّمه بشارة في أحد جوانب ثلاثيته، وفي سبيل الوصول إلى الفهم التاريخي لظاهرتي الدين والعلمانية في آنٍ معًا، هو تتبّع دقيق لظواهر التديّن والتعَلْمُن على مدار قرون عديدة، وفي سياقات عديدة من التاريخ الغربيّ الحديث والمعاصر والراهن.

يبدأ سهيل الحبيّب كتابه الموزّع على 323 صفحة، وستّة فصول، بالإضافة إلى مقدّمة وخاتمة، بمناقشة المسائل المنهجية التي من الممكن عبرها تحديد الرهانات التي يُمكن أن يُحقِّقها منجز عزمي بشارة، أي "الدين والعلمانية في سياق تاريخي". إلى جوار إلى هذه المناقشة، وفي سياقها كذلك، اشتغل الحبيّب على مناقشة مسائل متعلّقة بتحديد التنزيل التاريخي للدين والعلمانية في الثلاثية. ومن خلال هذه المناقشات، وعبر التفاعل مع قراءات نُشرت حول منجز بشارة، وضع الحبيّب مقدّماتٍ أسّس عليها مقاربته له، أي لكتاب المفكّر العربي عزمي بشارة بأجزائه الثلاثة. هكذا، وضع الباحث التونسيّ للفصل الذي ضمّ ما سبق ذكره أعلاه، أي الفصل الأوّل، عنوان "حول مفهوم تاريخية الدين والعلمانية في منجز بشارة وسبل استقصاء رهاناته وراهنيته".

ينتقل الحبيّب في الفصل الثاني من الكتاب "في نظرية الدولة المباطنة لنظرية العلمنة في منجز بشارة، أو مفهوم العلمنة إلى الوعي الدولتيّ الحديث"، من مناقشة المسائل المنهجية، وتلك المتعلّقة بتحديد ماهية التنزيل التاريخي للدين والعلمانية، إلى وضع تلخيص مكثّف لأجزاء محدّدة من كتاب "الدين والعلمانية في سياق تاريخي". ووضع المؤلّف من الاستدلال على الفكرة الجوهرية التي يريد أن يخلص إليها في نهاية المطاف غايةً أساسية من هذا الفصل.

مفاد هذه الفكرة أنّ "نظرية العلمنة/ صيرورة التمايز، كما أسّس لها بشارة، هي نظرية تحليلية نقدية، تحيل، من جملة ما تحيل عليه، على نظرية في الدولة، قوامها فكرة مركزية ذات شطرين: الأول أن الدولة الحديثة إنما هي متغيّر سياسي واجتماعي وثقافي جديد ونوعي قائم بذاته في الحداثة، ومختلف بنيويًا عن أنماط الدول أو السلطات أو الكيانات السياسية التي عرفتها عصور ما قبل الحداثة".

نظرية العلمنة، كما أسّس لها بشارة، هي نظرية تحليلية نقدية، تحيل، من جملة ما تحيل عليه، على نظرية في الدولة

ويوضح أنّ الشطر الثاني من هذه الفكرة هو أنّ "هذه الدولة إنما هي معطى قاعدي، أي فاعل ومؤثر، في صيرورة المجتمعات الغربية إلى العالم الحديث، بصرف النظر عن توصيفنا لهذه الصيرورة بكونها صيرورة إلى العلمانية، أو إلى الديمقراطية وحقوق الإنسان، أو إلى المجتمعات المدنية، أو إلى الأمم المواطنية".

اقرأ/ي أيضًا: عزمي بشارة.. في تشريح الإرهاب

يعود الكاتب كذلك إلى فكرة العلمانية التي طرحها فرح أنطوان في أواخر القرن التاسع عشر، وبدايات القرن العشرين. وسبب هذه العودة كما يوضّح الحبيّب هو أنّ فكرة العلمانية التي عالجها مبنية على مبدأ تُمايز الرابطة الوطنية أو الرابط القومية من الرابطة الدينية. والنتيجة تقاطعها مع "مفهوم العلمنة عند بشارة في حدود مقولة التمايز المجرّدة؛ بيد أن مناط التمايز من الدين في هذه الفكرة العلمانية، أو العنصر الموجب، هو الرابطة الوطنية أو القومية ذاتها، على خلاف نظرية العلمنة عند بشارة التي تدلّ على أن مناط هذا التمايز والعنصر الموجب إنما هو الدولة باعتبارها ظاهرة حديثة تختلف عن جميع أشكال الكيانات السياسية المعروفة قبل الحداثة".

 

اقرأ/ي أيضًا:

المركز العربي: 4 إصدارات فكرية جديدة

4 كتب جديدة من إصدارات "المركز العربي"