11-يوليو-2022
نصر حامد أبو زيد (1943 - 2010)

نصر حامد أبو زيد (1943 - 2010)

مرت أمس الذكرى الـ79 لميلاد المفكر المصري الراحل نصر حامد أبو زيد (1943 - 2010). ولد في إحدى قرى طنطا لأسرة بسيطة. لم يستطع الحصول على شهادة الثانوية العامة لاستكمال دراسته الجامعية، بل اكتفى بالحصول على دبلوم الثانوية الصناعية عام 1960 وعمل في وظيفة مؤقتة ليعيل نفسه، ثم نجح بفضل ذلك في إتمام دراسته، إذ تخرج من قسم اللغة العربية وآدابها في جامعة القاهرة عام 1972، وتفوّق في رسالتيه للماجستير والدكتوراه.

بدأت محنة أبو زيد عندما قدّم أبحاثه للترقي إلى درجة أستاذ بقسم اللغة العربية في كلية الآداب في جامعة القاهرة، وأرفق اثنين من مؤلفاته هما: الإمام الشافعي وتأسيس الأيديولوجية الوسطية، ونقد الخطاب الديني.

ضمت لحنة القراءة والفحص كلًّا من الأساتذة: شوقي ضيف، محمود علي مكي، عوني عبد الرؤوف، عبد الصبور شاهين. وقدّم الأخير تقريرًا يتضمن وجود عدد من التجاوزات التي تمس العقيدة الإسلامية، مما ترتب عليه رفض إصدار الترقية.

لم يقف الأمر عند هذا الحد، بل اتخذ شكل حملة شنّها عبد الصبور شاهين على منبر مسجد عمرو بن العاص يتهم فيها صاحب "مفهوم النص" بالكفر والزندقة في 2 نيسان/إبريل 1993. تبعت ذلك مصادرة الكتابين السابقين من قبل الأزهر الشريف، بالإضافة إلى اقتراح إبعاده عن التدريس بالجامعة.

ومع اشتداد المعركة وانتقالها إلى صفحات الجرائد، قرّر رئيس الجامعة تشكيل لجنة أخرى. وانتهي قرار اللجنة الجديدة بإجماع الأعضاء على رفض تقرير لجنة الترقية الأول ومخالفة ما انتهى إليه، وترقى أبو زيد إلى درجة الأستاذية في أيار/مايو 1995، لكن لم يمض هذا الشهر حتى جاء حكم محكمة الاستئناف بالتفريق بينه وبين زوجته الدكتورة ابتهال يونس، باعتباره مرتدًا عن الدين الإسلامي. ولأن أبو زيد لم يرضخ لكل ذلك قرّر مغادرة بلاده والاتجاه إلى هولندا، ليعمل أستاذًا للدراسات الإسلامية في جامعة ليدن.


التفكير في زمن التكفير

يقدم هذا الكتاب عرضًا شاملًا وتحليلًا دقيقًا لكل الاتهامات التي تلقاها المؤلف. التزم الكاتب بالرد المنهجي الذي يجمع قدر الإمكان بين بساطة اللغة ودقة التحليل.

يمثل الفصلان الأول والثاني البؤرة والمحور، حيث تناول الفصل الأول بالتفصيل تقرير عبد الصور شاهين، في حين تناول الفصل الثاني قضية قراءة التراث عامة، وقراءة خطاب الإمام الشافعي بصفة خاصة.

بينما كان الفصل الثالث مخصصًا لمفهوم التاريخية الذي تناوله بعضهم بالهجوم والتقريع في خفة الجهلاء وطيشهم. وكان الفصل الرابع ردودًا سريعة ذات طابع سجالي في الغالب.

زُوٍد الكتاب بملحق وثائقي بدءًا من صحيفة دعوى "التكفير" و"الردة"، حتى صدور حكم المحكمة برفض الدعوى.

التفكير في زمن التكفير

مفهوم النص

إذا كانت الثقافة العربية ثقافة تعطي للنص القرآني دورًا أساسيًا، وتجعل من التأويل منهجًا فلا بد أن لهذه الثقافة مفهومًا -ولو ضمنيًا- لماهية النص ولطرائق التأويل. ومع ذلك فقد حظي جانب "التأويل" ببعض الدراسات التي ركزت على العلوم الدينية وتجاهلت ما سواها، ولم يحظ مفهوم "النص" بدراسة تحاول استكشاف هذا المفهوم في تراثنا إن كان له وجود، أو تحاول صياغته وبلورته إن لم يكن له وجود. أبو زيد يحاول في كتابه هذا البحث عن مفهوم "النص القرآني" من حيث كون القرآن كتاب العربية الأكبر لرصد أثره الأدبي الخالد. وهذا البحث لن يكون مجرد رحلة فكرية في التراث، ولكنه فوق ذلك هو بحث عن "البعد" المفقود في هذا التراث، وهو البعد الذي يمكن أن يساعد على الاقتراب من صياغة "الوعي العلمي" بهذا التراث.

مفهوم النص

هكذا تكلم ابن عربي

يرى الكتاب أن أهمية الشيخ الأكبر محيي الدين بن عربي لا تكمن في كونه كهمزة وصل بين الثقافات، ولا تقف عند حدود استيعابه للتراث الإنساني وتوظيفه له في إقامة بنائه الفكري الفلسفي الشاهق، بل تتجاوز ذلك إلى المساهمة في إعادة تشكيل التراث الإنساني بالتأثير فيه تأثيرًا خلاقًا بالدرجة نفسها.

يمثل فكر ابن عربي رصيدًا ثريًا يستأهل تأمله والغرض منه لتحرير العقل المسلم المعاصر من آثار المشكلات السياسية والاجتماعية والثقافية التي سببت حالة التوتر والاحتقان في الفكر الإسلامي. ويقدم فكره للقارئ غير المسلم صورة أخرى لروحانية الإسلام، ولمفهوم "الجهاد" الذي أصابه من التشوه الكثير. من هذا المنطلق وضمن هذا الإطار يمضي المؤلف في نصوص ابن عربي وقبلًا في سيرة حياته.

هكذا تكلم ابن عربي

نقد الخطاب الديني

يتألف هذا الكتاب من مقدمة وثلاثة فصول. تحدثت المقدمة عن ظاهرة المد الإسلامي والاتجاهات والمواقف إزاء هذه الظاهرة، وهي مواقف المؤسسة الدينية متمثلة بالأزهر، واليسار الإسلامي، وموقف العلمانيين. يناقش الفصل الأول آليات الخطاب الديني ومنطلقاته، ولا يرى أي اختلافات بين المعتدلين والمتطرفين، إذ يجمل كلاهما على امرين هما: النص والحاكمية.

أما الفصل الثاني فيتناول التراث بين التأويل والتلوين، وهو عبارة عن دراسة نقدية لمشروع ما يسمى باليسار الإسلامي للإصلاح الديني، والممثل الوحيد لهذا اليسار هو المفكر الراحل حسن حنفي.

أما الفصل الثالث فيتناول قراءة النصوص الدينية بادئًا بالتفرقة بين الدين والفكر الديني، حيث غن الأخير لا يكتسب من الدين قداسته، بل هو مجرد اجتهادات بشرية لفهم النصوص الدينية وتأويلها.

ورأي الدكتور محمود مكي: "الدراسة في مجملها تدل على فكر تقدمي مستنير يستند إلى قراءة التراث قراءة واعية مستوعبة يربط فيها بين الماضي والحاضر، ويجتهد في ان يستخلص من تراثنا ما يعين على تحرر الفكر، بحيث يصبح عاملًا على تقدم الأمة ومواكبة الرقي الحضاري"

نقد الخطاب الديني