14-أبريل-2020

غرافيتي في قبرص

شهيّة فعل الأمر

ظلّي هنا عندي وعندي ثرثري

سيلي على شفتي ككأس مسكرِ

واطوي الحنينَ هناك سفر غوايةٍ

وتبتّلي

وتعرّفي

وتغرّبي

وفي ضلوعي غرغري

وتنافسي على وقتي الفسيحِ

تقاسمي لغتي مع ياسمينٍ أخضرِ

ولتغسلي وجع الغبار

إليّ هيّا فاعبري

وعلى ربوعيَ انتشري

حلمي شهيٌّ طازج لم يبدُ منه سواكِ

هيّا فسّري

أنا ههنا أنتِ الهناكَ

كشقّ نفسِ بالتحامِ الأسطرِ

 

انشطار

في المدينة امرأةٌ أخرى تفتّش عنك فيَّ فلا تجدني

وتنظر من خلالك في خلايا الشّمس تعبرني...

وتطيل في يدها تلمّس ما تخبَّأ منكِ

منّي

وتنطق ما تكتّم من هول السّؤالِ تحاول أن تراكِ ولا تراني

تقلّب في اللّغات وفي ظلّ هناك على الجدارْ

هي مثلنا موجوعة ومولّهة

تنسلّ ما بيني وبيني

فجأة فكأنّها عرّافةٌ لتقول لي بالحرف ذات الاسمْ

- كيف عرفت ذلك؟

- وكيف ينبت في شفتي على شفتي ظلال البيلسانِ؟

- لكنّ صورتها تقولْ

لعلّك تكذب يا صديقي

وتداركتني كي تضيفْ

- هيا ابتسم!

وغادرتني دون ردٍّ أو تأنِّ

وأوجعت منّي قلوبًا حدّها حدّان من سأمٍ وظنِّ

 

أنتِ الإلهةُ دون ريْب

سبعون ألف ملاك يُجْلون صورتك الشّفيفة في دم النّهرِ

ويحملون العرشَ

عرشك المحفوف بالشّهواتِ والنّشوةْ

ويرتقون لمجدكْ

سبعون ألف رواية أخرى تقوم على عتبات بابكْ

ترفعكِ عن رجس هذي الأرضْ

كي تمشي على الماءِ

حيّة مثل نبيٍّ أو وليٍّ وحيَ وحدِكْ

سبعون ألفًا من رجال اللهْ

يستلهمونك في كتابِ الأساطيرْ

ولا ينجحون تمامًا كي يقولوا جملةً من بعض قولكْ

سبعون ألف كتاب يشغل كُتّابَها في الانتباه لسرّ لونكْ

ويتوهون كما تاهوا مذ أوّل الخلقِ لا يهتدون بغير ضوئك

سبعون ألفًا من مصابيح الرّواة تضاءُ

يوم كنتِ ويوم صرتِ ويوم أضأتِ

ويوم ارتحلنا إلى مسارح فيضك

سبعون ألف نعيم بين ركبتيْكِ وبين حقول صدركْ

ونظلّ نحن الفقراءَ إليكِ

الضّعفاءَ

والعطشى

حيارى

جائعين

على موائد خبزكْ

ويوم كنتِ صار النّورُ مجد اللهْ

وابتدأ البدءُ والشّرع والدّين والدّنيا لأجلكْ

سبحانَ سبحانَ سبحانَ ما أعظمَ شأنكْ!

 

منطق "قدْ"

لو أني أقرأ أسرار الجملةْ

أكتب شيئًا للنّجمة

وأحدّق في حلَقِ الوردةْ

أتوضّأ كي أبصر أنّي حيّْ

أسجد كلّ الوقت لكي أسمو

تغرقني الجملة تلك بماء الوردْ

لو أنّ الوحي يفكّكني سطرًا حرًّا في منطق "قدْ"

 

من جاعَ جاء

أنتِ شديدة الجوعِ

وأنا كثير العطشِ

فاروي الحكاية لي على صغير المائدةْ

واملأي الكأسَ من الشّفاهِ الأربعةْ

هنا شيء تخلّق منك عليّ منّي

رؤية بيضاء تقرأني على مهل الضياءِ تَكُنّي

لم تخبّئني مجازًا

لم تُكَنّي

لم يخنّي غير أنّي

هنا ولدتُ على لغتي

وأنتِ هناك مثلي

نحتاج شعرا طويلا كي يعبر الرّؤيا لنا تحت ذاك الظّلّ ظِلّي

نقتسم الوقت على الوقتْ

لك ليلتان كثيفتانِ، بعضُ ضحى وعصرِ

ولي صبحان مختمران بكأس عصرِ

ورشفتان وعينُ طيرِ

كي أكمل المشوار من شرقٍ لغربِ

أعدّيني وعِدِّيني وعَدّيني وعودي بي لأوّل ما تراقص من لُعَبي

أنا المحتاجُ كي أحيا إلى شغفٍ شقيّ

أو جنون الشغبِ

تراءيْ لي على بعدٍ كأنّك كنت لي ضبابًا واضح السّببِ

من جاع جاءَ

ومن يجوعُ يفيء لظلّ حقلِ

 

من ألف عام

لأول مرةٍ من ألفِ عامٍ عندما غسّلتني القابلةْ

بالماء والملحِ تقشّر جلدي

وصِحْتُ كأيِّ طفلٍ بدائيٍّ

بحثت بين أغطية السّرير عن يوميَ القادم

من ألف عام وأنا طفلٌ شاب شعري كلّه

وصرت أدردَ

أحلم كلّ ليل بماء النّرجس الحيويّ

ولم أتعلم الحكمة

وكلّما قرأت في الأفكار

طفلي يذكّرني بملح القابلة

لأوّل مرّة أتوه بما لديّ من عشب بابليٍّ

أشرب من دفوق الصّخرِ

أطعم التّراب الأسود الطّينيّ

لأوّل مرّة من ألف عام وأنا أبحث عن فكرة أخرى

بامرأة أخرى

لأعبر بين كفيها نضوج مرحلتي الطّفوليّة

من ألف عامٍ وعمري أربعونْ

طفلي ما زال يسبح في خليّته الجنينيّة

يحتاج حليبه الأوّل المنسيّ في أنساغ أمّي

دافئًا ما زال يكتبني بياضًا أزليًّا

 

جنون الرّيح

الصّبح يفضح كلّ شيء سوى الرّيح

لا شيء يُسكتها على أطراف هذا الكون

تظلّ تركض تركض إلى ما لا يُحدّ

لا تعود الرّيح

لا تنتهي

لا تبدأ من جديد

موجودة مثل الأزل

لا تنام الرّيح أيضًا

كلّما حكّها غضب الإله انتفضت

مرّة في كلّ عام تصرخ في الموتى أنِ "افسحوا يفسح الله لكم

هناك موتى وافدون فأكرموهم"

تفتح الرّيح شدقيها لتأكل أكثر ممّا ينبغي

خيمًا ولاجئين

وركّاب بحار

كلّ ما هو ميّت حول صوت الرّيح مات بصوت ريح!

لا حلّ إلا أن تهدأ وحدها

لتكمل بعد حينْ

 

وحدكَ يملكُ وحدَكْ…!

تصيرُ بحرًا

مسرب ضوءٍ فاتنٍ

تشرب الغيمةُ شخصكْ

يعصر المطرُ

الربيعُ

المدُّ

قمحكَ… لحنكَ… فجركْ

تهمي عليّ قصيدتينِ

وأعلي في المسارح شوقكَ

حرفكْ

إذ أكونُ على المباسم وردكْ

تزهرُ فيّ حدائق المعنى

قمرا تصير

تطوف حوليَ سبعًا

أروّي في ثنايا الضَّوْء صوتكْ

وأرحلُ فيكَ رحلتك الأبديّة هذهِ

وأرى ما لا يراه السالكونَ

الحاملون الوهمَ وهمكْ

لذلك أعتني وحدي بصوتي

يردّد دون خلق الله مجدكْ

ليصير هذا الكونُ

وحدكَ وحدكَ

ملككْ…!

 

اقرأ/ي أيضًا:

كواليس العبث

عام العودة