28-أبريل-2016

تتعايش بعض الأسر الجزائرية مع مرضى من نوع خاص(كيرك ماكوي/Getty)

"في بيتنا مريض"، عنوان يلخص لمعاناة يومية وسط بيوت بعض الأسر الجزائرية، التي تتعايش مع مرضى من نوع خاص، بعضهم مصاب بمرض الزهايمر أو بمرض عقلي، أو بداءٍ مستعصٍ يحتاج إلى مراقبة دائمة ومتواصلة.

تعيش عديد الأسر الجزائرية مع مرضى من نوع خاص، يعانون مشاكل مستعصية ودائمة، ويجدون صعوبات مختلفة في التعايش معها

اقرأ/ي أيضًا: من جنوب الجزائر إلى شماله.. سفر في أحضان المرض

مرضى الزهايمر، من الحالات التي تؤرق العائلة في تعاملها معها، خصوصًا وأن هذا المرض يعيد صاحبه إلى نقطة البداية منزوع الذكريات الماضية وغريبًا في الدار. يقول سيد علي كرامي لـ"الترا صوت": "لدي تجربة سابقة مريرة مع والدي الذي كان لا يعرف أبناءه وأهله وينسى أدق تفاصيل الحياة الماضية مع أسرته بل ويعيش في عالم آخر". وبحسب المتحدث، كان الوضع مؤلمًا جدًا على الأبناء الذين غالبًا ما تكثر استفساراتهم ويتضح عجزهم عن التأقلم مع التغيير الطارئ على البيت.

تجربة مرض والد سيد علي مع الزهايمر كانت قاسية وطويلة وامتدت على سبع سنوات كاملة، يقول عنها سيد بحسرة واضحة: "والدي نسينا جميعًا، بل أكثر من ذلك نسي حتى بيته وغرفته وتفاصيل الحي الذي ولد فيه وأصدقاءه وجيرانه القدامى". وتصبح الحالة مستعصية لدى الكثيرين عندما تتحول إلى عداء بين المريض وأسرته أو إلى حالة أشبه بالغربة داخل عائلته.

ويواصل سيد علي تذكر مرض والده: "كان الوالد يخرج أحيانًا من البيت في غياب أعين أولاده ولا يرجع إلا بعد جهد جهيد من البحث والتقصي"، والأمر من ذلك، يؤكد المتحدث أن "والده لا يعرف أبناءه" ويتعامل وكأنه طفل صغير، يجب إسكاته بلعبة أو مسايرته إلى غاية أن يهدأ. ويضيف سيد علي أن التعامل مع مريض الزهايمر، يحتاج تضحية من جميع أفراد العائلة، لأن الذاكرة منعدمة أو ضعيفة جدًا كما لا يمكن توقع تصرفات المريض ويحتاج إذًا مراقبة من الجميع ورعاية خاصة".

اقرأ/ي أيضًا: الاكتئاب الهوسي.. الأمر ليس مزحة!

وهناك أخطاء كبيرة ترتكبها العائلة الجزائرية خلال تعاملها مع كبار السن الذين يعانون بعض الأمراض. تقول الأخصائية النفسية سعيدة قاسمي لـ"الترا صوت": "يهمل الكثيرون جانبًا في حياة كبار السن، وهو تركهم في وحدة وعزلة، فضلًا عن أنهم يمنعون كبار السن من أداء بعض الوظائف والأشغال التي تعودوا عليها من قبل، فمثلًا بالنسبة للنساء اللواتي تعودن على شغل البيت من الواجب تركهن يقمن به من جانب كمتنفس ومن جهة أخرى هو إثبات لبقائهن في لياقة حسنة رغم تقدمهن في السن"، مضيفة أنه "من الأجدر أيضًا السماح لهذه الفئة بالخروج من البيت والتعامل اليومي مع الجيران ومع الأفراد خارج جدران البيوت المغلقة عليهم".

كما دعت الأخصائية الأسر الجزائرية إلى أن تمنح الفرصة إلى المتقدمين في السن الذين يعانون بعض الأمراض الدائمة، لقضاء بعض الحاجيات من السوق والمحلات حتى تمنحهم نفسًا آخر لحياتهم اليومية ولكي لا يصابوا بالكآبة والانطواء على النفس.

والأصعب، حسب عديد العائلات الجزائرية، أن يتضمن البيت مريضًا عقليًا، وهذا ما تؤكده السيدة سعاد زغيمي لـ"الترا صوت" حيث تواجه أسرتها حالة مستعصية أحيانًا لا يمكن التغلب عليها، وتتطلب العناية والمتابعة والرقابة الشديدة. "وجود مريض عقلي في الأسرة واقع صعب وحقيقة تفرض على أفرادها"، تضيف المتحدثة، "أن لا يبقى المريض وحيدًا في البيت". "هي حالات مرضية تتطلب اهتمامًا إنسانيًا"، برأي الكثيرين، يجب التعامل معها بحذر كبير خصوصًا وأن المريض يجد نفسه "غريبًا عن الديار"، لا يأبه لما يحدث في محيطه.

اقرأ/ي أيضًا:

تونسية شابة تقدم أملًا جديدًا لمرضى الزهايمر

غياب العلاج التلطيفي.. ألم المغاربة الصامت