23-نوفمبر-2016

وسام الجزائري/ سوريا

جاري البحث

بحثت عنك يا سيدة الزيتون 
في براري الكهولة
وفي غمرة نسيم هائم 
على عتبات البلاد
وفي مكون الماء 
وفي بؤس الشهداء
بحثت نهارًا عنك 
خلف القمر المنير 
وفي بيدر قمح محوّط 
بالحجارة والأولاد
كيف صرتِ شبحًا في السراب 
يا سيدة المفاجآت
تغيرين صورتك
مرة ندى ومرة صقيع 
ومرة رماد ماء 
أبحث عن عطشك رغم ارتوائك 
ماؤك 
ما أبتغي...
الفوضى الفوضى 
هذا أنا 
... أبحث عنكِ، عن بهائك 
فأنا حالة بحث دائمة 
سأجدك بكل زهوك 
وأهبك حزني دون خوف 
إلا من الحرب التي 
حولتنا إلى راكضين
وراء بصيص بقاء
 يمنع الموت عننا.

انتظار

ومازلت بانتظار الغيث والأماني 
أيها الليل أيها الوجع 
لا تسألاني عن موت مرّ بي 
ولا عن ذاكرة الطفولة التي 
لم تغادر لساني 
يميتني الشوق لغزوة على كروم العنب 
وأخرى لحقل بطيخ 
أنا الطفل على مشارف العقد السادس 
أركض خلف كرة من المطاط 
بيدين متسختين 
ومهرولًا أمام أمي خوفًا من العقاب 
أداري شقوق بنطالي
من خلف ومن عند الركبتين 
أيها الحي الحافل بالأولاد 
فاتني معك الكثير 
فاتني دور اللص 
فاتني أن أكون قاطع طريق الجميلات..
فاتني أن أكسر مع الجميع رؤوس البطيخ 
على شرف غمزة من فتاة 
مرت على ظهر جرار من أمامي
فاتني أن أتعلق أطول وقت ممكن 
على دالية الجيران
كالقطط والثعالب في بحثها عن العصافير 
فاتني أن أشوي قليلًا من الزغاليل 
بريشها أحيانًا في حلكة الليل
فاتني أن أسوق أحلامي 
كقطيع ماعز في منحدر. 

على باب فرن في حلب

الخبز مع الدم
والإسمنت مع البارود 
وكثير من جرح على ملح 
كانت خلطة الفاشيست لأهل حلب.

مساء
مرغ الحلبيون 
أنوف زوجاتهم وبنيهم
بالطيب والقبلات 
إلا أنهم ندبوا وندبن 
الحظوظ العارية
أمام أشلاء الخبز
وطهارة الطفولة المجنونة 
في الصباح!

خبز مضمخ برائحة الصدأ
وملون بالزعفران الهندي 
قطع من لحم الشقاوة 
وحجارة الأطاريف 
ترقد على قبر جماعي 
موسوم بالعشب وبالطلع 

هكذا هي حلب 
من تيمور إلى تيمور 
كلهم جربوا كسر جيْدها 
المعلق فيه 
قلادة من زخرف 
وخرز من وجد الحمداني 
جيْد كسيف سله الله 
في وجه الميتين غيظًا 
من وسامة الأنوثة 
ومن سعة النهود والحنين. 

يصرخ الشهداء 
وإن علق الكلام في حناجرهم 
أن أسقطوا نار حقدكم 
في جوف ليل تطاول 
لأنا سنصعد توًا إلى الشرفات 
لنسوق أسراب القدود اليافعة 
وقد تنادت:
لن تمسوا حنجرة شاعر 
ولن توقدوا رماد الطوائف والبداوة 
الماضية على أطراف قرانا الراعفة 
كيف لكم وقد أسرتم
غيماتنا السارحات 
حال مرورهن في عتباتنا 
أن تجلسوا معنا على صحن الحياة 
لكم كل القتل 
ولنا إيقاظ ساعة الحياة 
وشهوتها 
ولحلب
كسرُ رطانة الساسة وخبثهم 
ولها ردع الملوك 
الذين دخلوها ليفسدوها 
ولها اللسان الذلق 
والغناء والموشح 
والدفء والعيد 
راجعين جريًا إليها.

 

اقرأ/ي أيضًا:

هناك قبر يشير إليكِ كثيرًا

أيلولُ كان وقحًا هذا الخريف