16-مايو-2017

مصطفى الرميد وزير العدل المغربي السابق (عبدالحق سينا/ أ.ف.ب)

طفا إلى السطح مجددًا في المغرب، نقاش حول طبيعة التهم التي وجهت إلى الشباب مدوني فيسبوك الذين تم اعتقالهم بتهمة "الإشادة بالإرهاب"، بخاصة وأنهم شباب ينتمون لحزب العدالة والتنمية الذي يمثل الحكومة في المغرب. 

أسئلة كثيرة يطرحها نشطاء الحزب والشباب الناشط على مواقع التواصل الاجتماعي، لاسيما وأن الشباب أصحاب التدوينات الإلكترونية، يلاحقون قضائيًا بقانون الإرهاب وليس بقانون الصحافة. ودخل وزير العدل السابق المنتمي لحزب العدالة والتنمية، على الخط أيضًا بتصريحاته المثيرة حول ذات الموضوع، في مقابل أنّ خمسة شباب من الحزب ذي التوجه الإسلامي، معتقلون لأكثر من خمسة أشهر، يواجهون عقوبات حبس ثقيلة، وسط استياء معارفهم والحزب الذي ينتمون إليه.

عقوبات ثقيلة ومطالب بالإفراج

لا يزال شباب مدوني فيسبوك المنتمون لحزب العدالة والتنمية معتقلين بتهمة الإشادة بالإرهاب، في حين يرفض الحزب اتهام الشباب المعتقلين لأكثر من 5 أشهر. وكانت محكمة الاستئناف الابتدائية بقضايا الإرهاب، قد قررت قبل أيام، تأجيل البت في القضية إلى منتصف الشهر المقبل، بطلب من هيئة الدفاع، فيما يواجه هؤلاء الشباب أحكامًا بالسجن تصل إلى عشر سنوات.

لخمسة أشهر، لا يزال "شباب الفيسبوك" المنتمون للعدالة والتنمية، معتقلين بتهمة الإشادة بمقتل السفير الروسي في تركيا

واعتقل الشباب من قبل المكتب المركزي للأبحاث القضائية (جهاز أمني مغربي مختص في مواجهة الجريمة الإرهابية)، بعد حملة توقيفات شنها في كانون الأول/ديسمبر 2016، شملت عددًا من شباب حزب العدالة والتنمية بتهمة الإشادة بمقتل السفير الروسي في تركيا العام الماضي.

اقرأ/ي أيضًا: المغرب.. الإشادة بمقتل السفير الروسي تقود إلى السجن

وأُغلقت الصفحات الخاصة بالشباب المعتقلين على مواقع التواصل الاجتماعي، وهم خمسة شباب، وانتشر هاشتاغ "#الحرية_للشباب" و"#الحرية_لشباب_الفيسبوك" على مواقع التواصل الإجتماعي، للمطالبة بالإفراج عن المعتقلين، فضلًا عن التفاعل مع تصريحات مصطفى الرميد وزير العدل السابق المنتمي لنفس الحزب.

ونشرت حسناء العلمي، وهي مدونة على فيسبوك، منشورًا تقول فيه: "ليكن في علم الرميد قبل كل شيء أن أحد الشباب الأبرياء المعتقلين أصيب بما يشبه الجنون ومرض نفسي، بسبب ما تعرض له من صدمة داخل السجن، والاعتقال الاحتياطي". 

123

من جانبه عبّر المدون عبد الصمد بنعباد عن تخوفه من "تمطيط القضية"، بمنشور على فيسبوك قال فيه: "لتعرف معنى الارتباك الذي يعاني منه 'قادة' المرحلة في البيجيدي، اقرأ توضيح الوزير الرميد، الصقر سابقًا، قال إنه رئيس النيابة العامة؛ ولكنه ليس رئيس كل النيابة العامة، ومن موقعه رفض التدخل الذي يكفله القانون، وأن الأخلاق هي التي منعته، ورغم أنه لم يتدخل لكنه ناقش الموضوع مع 'جهات' -وردت في توضيح الوزير (نكرة)- دون أن يعرف الناس من تكون هذه الجهات!".

456

مصطفى الرميد يوضح

ما جعل النقاش يتجدد في المغرب حول القضية، هي التصريحات الأخيرة للوزير مصطفى الرميد، وزير العدل والحريات السابق، والوزير الحالي المكلف بحقوق الإنسان، والخاصة بتوريطه من قِبَل محمد حصاد وزير الداخلية السابق، في البلاغ المشترك حول الإشادة باغتيال السفير الروسي في تركيا، والذي يتابع بموجبه عدد من شباب الحزب الذي ينتمي إليه الوزير بقانون الإرهاب.

وأثار هذا التصريح الكثير من الجدل، وأشعل غضب العديد من النشطاء المغاربة على مصطفى الرميد، متسائلين كيف تم تكييف قانون الإرهاب بتدوينات على مواقع التواصل الاجتماعي، وليس قانون الصحافة؟ وكيف وُرّط الرميد، وهو الذي يشرف على النيابة العامة؟

وبرر مصطفى الرميد بأنه كان "ضحية" ثقته في وزير الداخلية السابق ووزير التعليم الحالي محمد حصّاد، في القضية المذكورة، مضيفًا أنه لم ينتبه إلى أن البلاع كيّف التدوينات المنشورة على فيسبوك وفق الفصل 218 من القانون الجنائي، الذي يتحدث عن الإشادة بالأفعال الإرهابية، ما دفع بالشباب إلى السجن بقانون الإرهاب لا قانون الصحافة.

يبرر وزير العدل المغربي السابق موقفه من قضية "شباب الفيسبوك"، بأنه كان "ضحية ثقته في وزير الداخلية"!

وأثار هذا التصريح الذي انتشر كالنار في الهشيم، غضب النشطاء سواءً من أعضاء حزب العدالة والتنمية الذي ينتمي إليه مصطفى الرميد، أو من غيره من التيارات والأحزاب، متسائلين عن تناقض الرميد، بخاصة وأنه كان يشرف على النيابة العامة في المغرب.

دفع ذلك بالرميد إلى نشر تدوينة مطولة على فيسبوك يدافع فيها عن نفسه، مُؤكدًا أن البلاغ المشترك بينه حين كان وزيرًا للعدل وبين وزير الداخلية آنذاك، كان هدفه تحذير المدونين وغيرهم من الاحتفاء بمقتل السفير الروسي في تركيا، باعتبار ذلك جريمة يعاقب عليها القانون، وأنه لم يكن موجهًا للنيابة العامة، ولذا، وفقًا لما يقول، لم يعتقد أن البلاغ سيكون له تأثير على موقف النيابة العامة في تكييف القضية بقانون الإرهاب.

الرميد1

 

الإرهاب وليس الصحافة

وفسر مصطفى الرميد، استعمال قانون الإرهاب في موضوع الشباب عوض قانون الصحافة، بكون "قانون الإرهاب مطبق منذ سنوات عديدة، ولم يحصل ولو لمرة واحدة أن طُبق قانون الصحافة في الموضوع، ليس فقط لأنه قانون جديد، ولكن لأن اجتهاد النيابة العامة ومعها قضاء التحقيق بمحكمة الاستئناف بالرباط، دأب على عدم الالتفات إلى قانون الصحافة بالنسبة للتدوينات الإلكترونية، واعتبار قانون الإرهاب هو الواجب التطبيق".

اقرأ/ي أيضًا: حقوقيون.. وضعية حقوق الإنسان قاتمة في المغرب

الرميد2

واعترف الوزير، أنه يرى خلافًا للسابق، أن قانون الصحافة هو القانون الأصلح للمتهمين، "كما تقول بذلك القاعدة القانونية الراسخة، ولأن الوقت الفاصل بين صدور البيان واعتقال البعض وتقديمهم للنيابة العامة كان أيامًا"، بتعبيره. إلا أن النيابة العامة، وبعدها قضاء التحقيق، اعتبرت أن التدوينات المشتبه في كونها تحريضًا على الإرهاب أو إشادة به، يتم تكييفها على أنها جريمة إرهابية.

 

اقرأ/ي أيضًا:

المغرب.. كل شيء ساخن على جبهة الحريات

تقرير واشنطن السنوي وجدلية واقع المغرب الحقوقي