05-أكتوبر-2015

تأخر التحاق الطلبة بجامعاتهم في الجزائر(Getty)

كانت وزارة التعليم العالي والبحث العلمي الجزائرية قد حددت تاريخ العودة الجامعية هذه السنة بالسادس من شهر أيلول/سبتمبر الماضي، إلا أن هذا القرار ظل مجرد حبر على ورق، بسبب الغياب الملحوظ للطلبة عن مقاعد الدراسة مدة شهر كامل وتأجيل الالتحاق بالجامعة إلى ما بعد العيد رغم توفر الأساتذة بالمؤسسات الجامعية.

يتكرر هذا التأخير سنويًا في جميع الجامعات الجزائرية دون استثناء، مع تواصل عجز الوزارة إيجاد حل حقيقي يلزم الطلبة باحترام الموعد الرسمي للعودة الجامعية، والذين قدر عددهم خلال السنة الجامعية الحالية بأكثر من مليون ونصف طالب جامعي في مختلف أطوار التكوين ومن مختلف المحافظات، منهم أكثر من 363 ألف طالب جديد، يتوزعون على أكثر من مئة مؤسسة جامعية وتحت إشراف ما يقارب 55 ألف أستاذ جامعي.

تعجز وزارة التعليم العالي الجزائرية عن إيجاد حل منذ سنوات يلزم الطلبة باحترام الموعد الرسمي للعودة الجامعية

عن عدم التزامهم بالمواعيد المحددة للعودة الجامعية، يقول الطلبة إن "ذلك يعود إلى تأخر إتمام إجراءات الإقامة الجامعية باعتبار سكن أغلبهم مع عائلاتهم في مناطق بعيدة عن كلياتهم". وتوضح الطالبة أمينة لـ"ألترا صوت": "تم تحديد تاريخ 6 أيلول/سبتمبر للعودة الجامعية بينما حدد تاريخ إيداع ملفات الإقامة الجامعية بعد ذلك بأسبوع. إلزام الطالب بتاريخ معين لانطلاق الدراسة يتطلب إلزام إدارة السكن الجامعي بإتمام إجراءات السكن قبل موعد العودة". وتضيف أمينة: "يدرك المسؤولون أن هذا التأخير وغياب الطلبة من مسؤوليتهم لهذا يتغاضون عنه ولا يتم معاقبة المتغيبين".

ويعرف قطاع التعليم العالي تأخيرًا في انطلاق الدراسة وهو مقدر بحوالي 4 أسابيع سنويًا، في وقت يتعرض فيه نظام التعليم المسمى "LMD"، الذي اعتمدته الجزائر منذ أكثر من 10 سنوات حتى الآن، إلى نقد شديد من قبل المختصين والأساتذة والأكادميين. يطالب المختصون في المجال في كل مرة بإدخال إصلاحات جدية على النظام التعليمي تتعلق أساسًا بضبط البرامج التعليمية بما يتوافق والمدة الزمنية المقدرة بـ14 أسبوعًا في كل سداسي.

اقرأ/ي أيضًا: لا جامعات خاصة في الجزائر!

وتأتي هذه المطالب، حسب الأساتذة، لتدارك الطريقة غير المدروسة التي اعتمدتها وزارة التعليم في تطبيق نظام "LMD" القائم على تقليص المدة الزمنية للدراسة في المرحلة الجامعية الأولى من 4 سنوات في النظام القديم إلى 3 سنوات والاعتماد على نظام سداسي بدل السنوي، أي أن كل فصل دراسي يقدر بـ6 أشهر، تدرس به مجموعة من المواد التي يمتحن بها الطالب في نهاية السداسي، ثم تتم برمجة مواد جديدة في الأشهر الستة اللاحقة.

ويوضح أمين، أستاذ العلوم الاقتصادية لـ"ألترا صوت": "كان يتم تدريس بعض المواد خلال عام كامل في النظام القديم وأصبحت تدرس في النظام الجديد في سداسي فقط لكن لم يتم تقليص البرنامج، أي أننا مطالبون بتقديم دروس سنة في 6 أشهر وهذا أمر مستحيل". لم توازن الوزارة بين حجم البرامج الدراسية وعدد ساعات التدريس، وهو ما وضع الأساتذة في ورطة وهوس "إكمال البرنامج المقرر". يضيف أمين: "برنامج مادة الإحصاء التطبيقي لم يتم تقليصه في المقابل نحن ملزمون بتدريسه في 6 أشهر بدل سنة، وهو ما يجعلنا في سباق مع الزمن لإتمامه وذلك على حساب الطالب ومدى استيعابه".

يتعرض نظام التعليم المعتمد في الجزائر"LMD" إلى نقد شديد من قبل المختصين والأساتذة والأكادميين

ويشمل هذا الواقع المتأزم جميع الاختصاصات دون استثناء سواء المتعلقة بالعلوم الانسانية والاجتماعية أو العلوم التقنية. يوضح وليد، أستاذ بكلية الآداب واللغات، لـ"ألترا صوت": "نعمل في ضغط كبير، شخصيًا أضطر إلى تقديم 3 بحوث بدل بحث واحد، كل حصة، علمًا وأن مدة الحصة الواحدة مدتها ساعة ونصف، والتي يفترض أن تخصص لمناقشة بحث واحد وتحليله، لكننا صرنا نكتفي بالعرض وهو ما يتنافى مع أهداف البحث العلمي".

من جهتهم، يؤكد الطلبة هذا الإشكال ويقولون إنهم يمتحنون في كل دروس البرنامج المقرر حتى تلك التي لم يدرسوها: "مع نهاية السداسي واقتراب الامتحانات، يقوم الأساتذة بتوزيع الدروس التي لم يتم تدريسها في مطبوعات، ونكون مطالبين بحفظها وفهمها دون تفسير من قبل الأستاذ". ويتساءلون بسخرية: "إذا كنا نمتحن في دروس لم يقدمها الأستاذ في القسم ويكتفي بتوزيعها كتابيًا علينا، لماذا لا يتم إعفاؤنا من الحضور ويرسلون لنا جميع الدروس لحفظها؟". هي هكذا العودة إلى مقاعد الدرس في جامعات الجزائر، نفس الإشكالات المتكررة سنويًا، دون أي تغيير إصلاحي يُذكر إلى حد الآن.

اقرأ/ي أيضًا:

"المتوسط".. السنوات الأصعب عند التلميذ الجزائري

عودة مدرسية وجامعية متعثرة في ليبيا